تجميد حساب سلمان رشدي على فايسبوك يثير جدلاً حول الأسماء الحقيقية

لندن: شكا الكاتب البريطاني ذو الأصل الهندي سلمان رشدي بسيل من الرسائل على تويتر من ان موقع فايسبوك اوقف حسابه وطالبه بتقديم ما يثبت هويته ثم حوَّله الى احمد رشدي، وهو الأسم الذي يظهر على جواز سفره. وأشار رشدي إلى أنه لم يستخدم قط اسمه الأول أحمد وأن العالم يعرفه باسم سلمان.

وتساءل رشدي هل ان موقع فايسبوك سيحول جي. ادغار هوفر الى جون هوفر. وخاطب رشدي في نص على تويتر مارك زوكربيرغ قائلا "أين تختبئ يا مارك؟ تعال وأعد لي اسمي!".

وتبنى موقع تويتر قضية رشدي الذي اعلن في غضون ساعتين انتصاره قائلا "ان فايسبوك استسلم، وعاد اسمي سلمان رشدي". وأكد ارتياحه لاستعادة اسمه قائلا "ان حدوث أزمة هوية في عمري ليس امرا مسليا".

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن محللين ان المشكلة التي واجهت الكاتب سلمان رشدي تشير الى واحد من أعقد المفاهيم عن الحياة في العصر الرقمي. فهل أنتَ مَنْ تقول على الانترنت؟ وما شأن الآخرين؟ ولماذا؟

ومع تحول الانترنت الى فضاء للمبادلات من كل صنف، من شراء زوج احذية الى اسقاط حكام دكتاتوريين، انطلق سجال حول طريقة الأشخاص في تقديم أنفسهم والكشف عن هويتهم على المواقع التي يزورونها. ويرى طرف نظاما يستخدم فيه المرء نوعا من جواز السفر الرقمي يحمل اسمه الحقيقي وتصدره شركة مثل فايسبوك للسفر عبر الانترنت.

ويؤمن طرف آخر في حق ارتداء قبعات مختلفة، واحيان اقنعة متنوعة، بحيث يستطيع المرء ان يستهلك ما يريد ويعبر عما يريد دون خوف من عواقب لاحقة خارج الانترنت.

ويتناول السجال حول الاسماء المستعارة صلب الطريقة التي يتعين تنظيم الانترنت بها. ولدى شركات انترنت كبرى مثل غوغل وفايسبوك وتويتر مصلحة حيوية في هذا السجال، واحيانا فلسفات مختلفة حول القضية تشير الى طموحاتها الخاصة.

ويصر موقع فايسبوك على ما يسميه هوية حقيقية أو اسماء حقيقية. واصبح الموقع بائع جوازات تسمح لاصحابها باستخدام سبعة ملايين موقع وتطبيق باسمائهم الحقيقية لدى فايسبوك. ويطلب موقع غوغل + ايضا الذي اطلقته غوغل في ايلول/سبتمبر اسماء مستخدميه الحقيقية المعروفين بها خارج الانترنت، وقام بتجميد حسابات بعض المخالفين المفترضين. ولكن شركة غوغل اشارت مؤخرا الى انها ستسمح في النهاية بقدر من استخدام الأسماء المستعارة.

وعلى النقيض من ذلك فان موقع تويتر يعتمد موقفا أكثر انفتاحا يسمح لأنصار ويكيليكس مثلا باستخدام اسماء مستعارة وسمح لمشاكس باستخدام اسماء من بينها اسم سارة بايلن في مقالبه على الانترنت. ولكن شركة تويتر ترى ان انتحال شخصية كاذبة مسوغ لتجميد حساب المخالف.

ولسجال الهوية هذا نتائج وعواقب مادية. فان المعلومات المرتبطة بأشخاص حقيقيين معلومات ثمينة للشركات والسلطات الرسمية على السواء. وتقدر شركة فورستر ريسيرتش للأبحاث ان الشركات تنفق ملياري دولار سنويا مقابل الحصول على معلومات شخصية في وقت يترك مستخدموا الانترنت ما تسميه الشركة "آثارا رقمية تتزايد بمتوالية هندسية".

وهناك التداعيات السياسية ايضا. فان ناشطين في انحاء العالم العربي وبريطانيا اكتشفوا ان مواقع التواصل الاجتماعي يمكن ان تشكل أداة فعالة في تعبئة الجماهير واشعال الانتفاضات ولكن استخدام اسماء حقيقية على هذه المواقع يمكن ان يقود السلطات الى عتبة دار الناشط مباشرة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن رئيس المختبر الاعلامي في معهد ماسيشوسيتس للتكنولوجيا جويتشي ايتو ان الخطر الحقيقي على العالم يتمثل في ارتكاز تكنولوجيا المعلومات على الهوية الحقيقية للجميع. واضاف ان هذا قد لا يلقى مقاومة في بلدان مثل الولايات المتحدة ولكن إذا كانت هوية كل شاب وصبي في سوريا مكشوفة ومرئية في كل مرة يستخدمون الانترنت فان عواقب ذلك ستكون وخيمة عليهم.

وكانت شركة فايسبوك ثابتة في دعوتها الى اعتماد هوية حقيقية على اساس ان ذلك يشجع المحادثات المؤدبة والمتحضرة. كما ان الهوية الحقيقية تخدم مصالح فايسبوك وخاصة مع دخول الشركة مضامير تجارية مثل شراء تذاكر السفر على موقعها.

ودافعت شركة تويتر من الجهة الأخرى دفاعاً عنيداً عن استخدام الأسماء المستعارة وقاومت ضغوطا واجهتها مؤخرا من الحكومة البريطانية طالبت توتير باعتماد سياسة الأسماء الحقيقية بعد الاضطرابات واعمال الشغب التي عمت بريطانيا.

وقال رئيس توتير التنفيذي دك كوستولو ان خدمات أخرى قد تدعو الى استخدام اسماء حقيقية لأنها تعتقد انها يمكن ان تحقق منافع مادية اكبر من ذلك "ولكننا حريصون على خدمة مستخدمينا اولا".
في هذه الأثناء تتنافس تويتر مع فايسبوك وغوغل لكي تكون اشبه بدائرة اصدار جوازات سفر على الانترنت. ولدى فايسبوك ذراع أطول تتيح سهولة الدخول على مواقع تقدم خدمات فورية مثل الرسائل والأخبار.

وبالنسبة للمستهلك فان هذه المنافسة قد تكون خدمة متناقضة. فهي تعني الاستغناء عن حفظ كلمات مرور لمواقع مختلفة ولكن استاذ القانون في جامعة بيركلي في كاليفورنيا كريس هوفناغل يقول ان هذه خدمة مناسبة "ولكن هل تريد ان تعرف غوغل وفايسبوك الى أين انت ذاهب؟".

اما اجراء فايسبوك بتجميد حساب سلمان رشدي فان الشركة لم توضح كيف حدث ذلك ولكنها اعترفت بحدوث خطأ. واصدرت فايسبوك بيانا اعتذرت فيه عن "اي منغصات سببها له ذلك".