تفاعلات جديدة في قضية سعي فايسبوك إلى النيل من سمعة غوغل

انتقدت تقارير صحافية أميركية ما اعتبرتها "ازدواجية المعايير" التي ينتهجها "فايسبوك"، على عكس مبادئ سياسته المعلنة في ما يتعلق بالشفافية والوضوح، حيث يحاول الآن أن يخفي هويته، ويسعى إلى إقناع صحافيين وخبراء تكنولوجيين بأن يكتبوا أخباراً انتقادية عن آثار الخصوصية لدى "غوغل".

أشرف أبوجلالة من القاهرة: انتقدت اليوم تقارير صحافية أميركية ما اعتبرتها "ازدواجية المعايير" التي ينتهجها موقع التواصل الاجتماعي الشهير "فايسبوك"، على عكس مبادئ سياسته المعلنة مع مستخدميه في ما يتعلق بالشفافية والوضوح، حيث يحاول الآن أن يخفي هويته، وهو يسعى إلى إقناع صحافيين وخبراء متخصصين في الشأن التكنولوجي بأن يكتبوا أخباراً انتقادية عن آثار مسألة الخصوصية لدى محرك البحث "غوغل".

وقد جاءت تلك الخطة من جانب فايسبوك بنتائج عكسية بعدما كشفت صحيفة "ذا دايلي بيست" في وقت متأخر من مساء يوم الأربعاء الماضي أن فايسبوك، الذي لطالما اُنتُقِدت ممارساته المتعلقة بالخصوصية، هو الذي وقف وراء هذا الأمر.

ونقلت اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن دافيد كيركباتريك، مؤلف كتاب "تأثير فايسبوك"، الذي يتحدث عن الشركة، قوله: "إن القيام بأمر كهذا في الخفاء عبارة عن تناقض واضح للقيم، التي كثيراً ما أعلن عنها فايسبوك، وتشعر أن هناك نفاقاً".

وفي الوقت الذي أكد فيه فايسبوك أنه لم يعتزم أو يأذن مطلقاً بشنّ حملة تشويه ضد غوغل، إلا أن الانتقادات تواصلت داخل وادي السيليكون وخارجه. وطالبت في هذا الصدد مدونة "تيك كرانش" الشهيرة بأن يقدِّم مسؤولو فايسبوك تفسيراً أفضل في ما يتعلق بهذا الموضوع، ووصفت تكتيكات الموقع بـ "الغروية" و"الجبانة".

بينما قالت مدوّنة أخرى تعرف بـ "انسايد فايسبوك" إن ما قام به موقع التواصل الاجتماعي الشهير ليس إلا محاولة فاشلة ترمي إلى تقويض المنافسة.

وقال أناس مطلعون من داخل فايسبوك، بعد رفضهم الكشف عن هوياتهم، لأنهم غير مخولين مناقشة هذه المسألة، إن الشركة استأجرت مؤسسة معروفة جداً في مجال العلاقات العامة، تعرف بـ "بيرسون مارستيلر" لنشر أخبار سيئة بشأن "الدائرة الاجتماعية" (وهي ميزة اختيارية للبحث في غوغل الذي يستعين بمعلومات متاحة للجمهور من الشبكات الاجتماعية لتخصيص نتائج البحث) للصحافيين، لأنها لم تكن ترغب في تحويل الموضوع إلى مواجهة بين فايسبوك وغوغل.

ومضت النيويورك تايمز من جانبها تشير إلىإن الشركات في وادي السيليكون وأماكن أخرى غالباً ما تتواصل مع صحافيين ومحللين، بغية نشر أخبار عما يطلق عليها "آثام منافسيهم". لكن خبراء العلاقات العامة والصحافة انتقدوا فايسبوك لإقدامه على ذلك بهذا الشكل الخفي تماماً، وإصراره على ألا تكشف مؤسسة بيرسون مارستيلر عن هويته.

فأوضح توم غولدشتاين، أستاذ الصحافة والخبير في علم الأخلاق في جامعة كاليفورنيا أن "أقل ما يقال عن هذا الأمر إنه غير مقبول. وعلى الصحافيين أن يكشفوا عن هوياتهم، وعلى الأشخاص الذين يتعاملون مع الصحافيين أن يكشفوا عن هوياتهم، ومن أين يأتون".

ورأت روزانا فيسك، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات العلاقات العامة، أن فايسبوك أخطأ حين أصرّ على عدم الكشف عن هويته، وأن مؤسسة بيرسون مارستيلر أخطأت كذلك بموافقتها على أمر كهذا.

وقال كريستوفر سوغيان، زميل الدراسات العليا في مركز بحوث الأمن السيبراني التطبيقية في جامعة إنديانا: "لا أعتقد أن ميزة Google Social Circle تمثل إشكالية خاصة. وإن كان فايسبوك لا يرغب في الكشف علناً عن البيانات، فيمكنه أن يوقف تقاسمها أو بإمكانه أن يستعين بآلية تقنية لمنع غوغل من الوصول إلى تلك البيانات".

من جانبه، اعترف بول كورداسكو، متحدث باسم مؤسسة بيرسون مارستيلر، أنهم ارتكبوا خطأً. وتابع بقوله: "من الواضح أن الخطأ لم يكن شفافاً بشأن العميل. وسوف يتلقى الموظفون تدريبات إضافية لجعلهم على دراية تامة بمدونة قواعد مسؤولياتنا التي تشدد على الشفافية الكاملة".

في السياق عينه، وصف رئيس مؤسسة بيرسون مارستيلر السابق في المملكة المتحدة، تكتيكات التشهير التي استخدمت ضد غوغل بأنها "تكتيكات ماكرة وزاحفة"، ووصف كذلك مسؤولي العلاقات العامة الذين تورطوا في الحملة بأنهم "أناس غامضون".

ووجّه تيرينس فان - سوندرز، الذي عمل في المؤسسة خلال ثمانينات القرن الماضي، ويدير الآن شركة العلاقات العامة الخاصة به، في تصريحات نقلتها عنه صحيفة الغارديان البريطانية، انتقاداته إلى شركته السابقة، وقال "ما الذي حدث لمؤسسة بيرسون مارستيلر؟".

وأضاف "إذا كان يُنظَر الآن إلى كبار مسؤولي المؤسسة بأنهم يعملون بمثل هذه الطريقة الغامضة المثيرة للتساؤلات، فإن عليك أن تتساءل عن قيمة استمرار هذا النموذج". وقالت بيرسون مارستيلر من جهتها إنها لن تفصل الصحافيين السابقين، الذين تورطوا في حملة التشهير، وهما مراسل الشؤون التكنولوجية السابق لدى محطة سي إن بي سي، جيم غولدمان، والصحافي السياسي السابق، جون ميركيريو، اللذان التحقا بالمؤسسة خلال الآونة الأخيرة بعد مسيرة طويلة في وسائل الإعلام.