غوغل وتأثير تكنولوجيا المعلومات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يشكل الشباب دون سن الثلاثين نسبة عالية من سكان البلدان النامية. فالجيل الذي بات يشكل قوّة غيّرت في طريقة عمل حكومات البلدان النامية، نشأ خلال الأعوام العشرة الى خمسة عشر عاما الماضية مسلحاً بمستوى من المعرفة والقدرة على الوصول الى المعلومات لم تكن متاحة للأجيال السابقة.
لامركزية المعلومات
وعملت الانترنت وتكنولوجيات الاتصالات المرتبطة بها على تغيير طريقة تفاعل هذا الجيل مع حكوماته كما أثرت على طريقة تفاعل أفراده بين بعضهم البعض.
في هذا الإطار، نجحت شبكات التواصل الاجتماعي بتفكيك مركزية المعلومات وإحلال لامركزية الوصول إليها، فالمعلومات أصبحت متاحة الآن من مصادر وفيرة ومتعددة، ويمكن التدقيق فيها والتوثق منها.
حاضر معولم
ونجحت لامركزيّة المعلومات بتغيير ديناميكيات الحكم والعلاقات الدولية، حيث تحولت منظمات صغيرة كان حدود انتشارها في الماضي المدينة او البلد المنشأ إلى منظمات واسعة الانتشار وقادرة ع لى استقطاب أشخاص يشاركونها قيمها ومعتقداتها. وفتح هذا الواقع عالمنا على عولمة حقيقية على كل المستويات دون موانع تُذكر أو دون موانع على الاطلاق.
وفي ما كانت قناوات التواصل في الماضي تقوم أساسًاعلى البعثات الرسميّة المتبادلة، بات بمقدور الحكومات تجاوز المصفاة الرسمية القديمة والتواصل مباشرة في ما بينها.
حق المعرفة
مهّدت لامركزيّة المعلومة إلى تكريس واقع حديث لم تألفه الأنظمة التقليدية، فجعلت أنظمة الحكم التقليدية تتبنى أسلوبًا أكثر عصريّة وأقرب إلى المواطنين، بعد أن فقدت سيطرتها على تدفّق المعلومات وقدرتها على ممارسة الرقابة عليها.
وباتت أنظمة الحكم مضطرة لإظهار الانفتاح وللاقبال على الحداثة عبر تطبيق نموذج التواصل مع مواطنيها وإشراكهم في القرار. وفي حال الاستجابة لمطالب المواطنين وتطلعاتهم، يتيح نموذج الحكم الحديث بممارسة قدر كبير من النفوذ.
صناعة التاريخ
أدّت شركات تكنولوجية عدة أدوارًا بالغة الأهميّة لناحية تصنيع مكونات وبرمجيات تمكنت من احتضان ثورة المعلومات التي فجرتها الانترنت. وستدخل كتب التاريخ شركة اسمها غوغل، لا يتجاوز عمرها 12 عامًا، بوصفها الشركة ذات الأثر البالغ في دمقرطة المعلومات لتكون في متناول الجميع.
وتأتي غوغل في صدارة شركات التكنولوجيا العالمية مركزة عملها على تحسين طريقة ارتباط الأشخاص بالمعلومات. ويجري إيصال المعلومات عن طريق المنتجات المختلفة التي دمجتها غوغل في نشاطها.
تأسست غوغل في أيلول (سبتمبر) 1998 على يد لاري بايج وسيرغي برين، وقت دراستهما في جامعة ستانفورد. وتحولت إلى شركة عامة مسجلة في البورصة في آب (اغسطس) 2004 بعد طرح اسهمها للاكتتاب للمرة الأولى.
كان منتوج غوغل الأول محرك بحث على الانترنت يصنف الصفحات استنادًا إلى علاقة الكلمة مفتاح البحث بالموضوع. واستخدم محرك البحث تكنولوجيا سماها المؤسسان "ترتيب الصفحة" Page Rank بمعنى تحديد مرتبة الصفحة حسب اهميتها برؤية عدد الصفحات الأخرى ذات الصلة التي ترتبط بالصفحة الأصلية.
ولتحقيق ايرادات، طورت غوغل منتجات إعلانيّة عرفت بـ آدوردز AdWords وآدسينس AdSense، سرعان ما تحولت الى مصدر رئيسي لإيرادات الشركة.
وفي العام 2010، بلغت ايرادات غوغل من الاعلان 28.23 مليار دولار أي ما يعادل 96 في المئة من اجمالي إيرادات الشركة. وبلغ صافي الأرباح 8.5 مليار دولار.
وفي 31 كانون الأول (ديسمبر) 2010، بلغت القيمة السوقية للشركة نحو 191 مليار دولار. بالمقارنة، فإنّ القيمة السوقيّة لغوغل تزيد عن القيمة السوقيّة للشركات التالية مجموعة:
"ديزني كوربوريشن" و"سي بي أس كوربوريشن" و"نيوز كورب" و"تايمز وورنر وفايكوم انك". وابتداء من 31 آذار (مارس) 2011، بلغ عدد العاملين بدوام كامل في شركة غوغل 26316 شخصا، يتوزعون على مختلف الأقسام.
الرسم البياني رقم 1: ايرادات غوغل من الاعلانات
يظهر الرسم البياني رقم 1، ارتفاع إيرادات الشركة من 0.41 مليار دولار أميركي في العام 2002 لتبلغ 28.236 مليار دولار في العام 2010.
منتجات متعددة ومتنوعة
بالاضافة الى محرك البحث الشهير، تملك غوغل منتجات متعدّدة معظمها مجانيّة، وتستفيد منها الشركة لتوزيع إعلاناتها عبر منتجها الإعلاني آدوردز AdWords. ويعدّ بريد "جي ميل-Gmail" منافسًا شرسًا لخدمات البريد الالكتروني التي تقدمها شركات أخرى وخصوصًا أنّه يتّسم بقدرة وفاعليّة وظيفية عاليتين.
وفيمايقدّم برنامج "غوغل ايرث - Google Earth" قاعدة بيانية تصويرية فضائية تنقل المستخدم إلى مختلف أنحاء العالم وتتيح امكانية البحث عن أماكن مختلفة، يشكّل برنامج "غوغل مابس Google Maps" قاعدة بيانية الكترونية لخرائط المدن، توسّعت لتشمل المزيد من المعلومات متعددة المستويات مثل حركة السير. وتقدّم غوغل مابس أو خرائط غوغل للمستخدم تقييما واقعيا وعمليا لحركة السير بدقة ووفق الزمن الحقيقي.
ويتيح برنامج غوغل تاك/تشات Google Talk/Chat للمستخدمين امكانيّة الدردشة بالصوت والصورة، بينما يجذب متصفّح كروم Chrome القريب من إكسبلورر مايكروسوفت وفايرفوكس حاضرًا نحو 120 مليون مستخدم، وقد أطلقته شركة غوغل قبل حوالى ثلاث سنوات.
ويساعد برنامج بيكاسا Picasa المستخدمين على تنظيم صورهم الرقمية وتحريرها.
وأخيرًا، يحلّ يوتيوب YouTube كأكبر قاعدة بيانية الكترونية للمواد المصورة، تتضمن محرّك بحث خاص فيها. وتشير البيانات إلى ان مستخدمي يوتيوب يحملون 35 ساعة فيديو بالدقيقة - أي ما يعادل 176 ألف فيلم من انتاج هوليود كل أسبوع (على افتراض ان طول الفيلم الهوليودي نحو 120 دقيقة)
الشكل رقم 2: ساعات الفيديو التي تُحمل كل دقيقة
ويشير الرسم البياني رقم 2 إلى أرتفاع ساعات الفيديو التي يتم تحميلها الى يوتيوب في الدقيقة الواحدة. ففي العام 2007، كان المستخدمون يرفعون الى سيرفيرات يوتيوب حوالى ست ساعات فيديو بالدقيقة الواحدة، وهي مدة ارتفعت لتبلغ في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي 35 ساعة فيديو في الدقيقة الواحدة.
مؤخرًا، أنشأت غوغل مؤسسة "غوغل آيديز Google Ideas"، التي تعنى بالأبحاث وتهدف إلى مساعدة سكان البلدان النامية في الوصول إلى المعلومات. وتسعى المؤسسة الفكريّة إلى بلوغ آفاق جديدة في مجال توظيف تكنولوجيا الاتصالات في البلدان النامية، ما من شأنه تحويل العالم الى مكان أفضل وأكثر أمانا بصرف النظر عن الموقع الجغرافي أو الموارد الاقتصادية.
وتوظّف مؤسسة غوغل آيديز الفكريّة الانترنت وتكنولوجيا الاتصال لخدمة الأهداف التالية:
* تقديم تعليمات عن طريقة استخدام تكنولوجيا الاتصال بما يحسّن حياة المواطن لناحية العناية الصحية والتعليم والحياة الاجتماعية ونقل المعرفة والخبرة. وتمكن المواطنين من المشاركة وإسماع صوتهم في بلدانهم.
* تسخر مواردها في الشرق الأوسط وافريقيا وغيرها من البلدان النامية لخدمة الديمقراطية وتحسين ظروف العيش.
* تسخر تكنولوجياتها لمساعدة السكان الذي يعيشون في ظل انظمة قمعية على التواصل وفهم تحدياتهم بصورة أفضل.
* اعداد مشاريع تستخدم الانترنت لمكافحة الفساد والجريمة والجرائم الالكترونية واشاعة الديمقراطية وحرية التعبير واستقلال القضاء.
يدير مؤسسة غوغل آيديز الفكرية جاريد كوهن، الكاتب والعضو في مجلس العلاقات الخارجية. وبسطور، شغل كوهن منصبًا في هيئة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية، كما كان مستشارا مقربًا لكل من كوندوليزا رايس ثم هيلاري كلنتون. وبهذه الصفة على مكافحة الارهاب والتطرف كما تعمق في شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا، بالإضافة الى الاهتمام بالشباب والتكنولوجيا. تجول كوهن كثيرا في القارة الافريقية، كما اجرى أبحاثا عن افغانستان وايران والعراق وسوريا ولبنان ركزت على الجماعات المعارضة وانتشار التكنولوجيا. أجرى العديد من المقابلات مع عناصر من حزب الله وتنظيم القاعدة.
تولى التحكيم لمرتين في مهرجان تريبيكا السينمائي. يحمل شهادة جامعية في التاريخ والعلوم السياسية وشهادة في الدراسات الافريقية من جامعة ستانفورد وشهادة ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة اوكسفورد. أبرز مؤلفاته:
- "مائة يوم من الصمت: أميركا والإبادة الجماعية في رواندا" ونشر عام 2006.
- "أطفال الجهاد: رحلات شاب أميركي بين شباب الشرق الأوسط" ونشر في تشرين الأول (أكتوبر) 2007، كما تم نشره أيضا في نسخة صوتية وترجم إلى الألمانية والإيطالية. أختير "أفضل كتب عام 2007".
من مقالاته: "ثورة ايران السلبية: هل المقاومة السياسية ميتة أم حية في إيران؟" (هوفر دايجست) و"معارضة ايران الفتية: الشباب في ايران ما بعد الثورة (أس أي آي أس ريفيو) و"حرف مسار التطرف" (بولسي ريفيو).