باريس - تبدو الدول الغربية، وباستثناء الدعوات التي تطلقها من اجل تحكيم العقل، حائرة تماما في الوقت الذي تتجه فيه الازمة في الشرق الاوسط الى ذروتها.&وقد تحولت مهمة المبعوثين الاميركيين انتوني زيني ووليام بيرنز اللذين اوفدهما الرئيس الاميركي جورج بوش الى المنطقة على عجل قبل اسبوعين، الى مجرد مراقبة الموقف على غرار ما حصل مع المبعوث الاوروبي الى الشرق الاوسط ميغيل انخيل موراتينوس.
&وللمرة الاولى، اعرب المنسق الخاص للامم المتحدة الى الشرق الاوسط النروجي تيري رود لارسن عن خشيته من "حالة حرب"، وحتى "حرب اهلية" في اعقاب موجة العمليات المناهضة للاسرائيليين التي لم يسبق لها مثيل.
&وفي حين يغرق الفلسطينيون والاسرائيليون في خضم الحرب، ضاعف المسؤولون الغربيون في الساعات الاربع والعشرين الماضية دعواتهم الى تحكيم العقل وادانة الارهاب من دون التمكن من عرض اي حل ممكن بشان احتلال الاراضي الفلسطينية.
&وتبدو السلطة الفلسطينية اكثر عزلة من وقت مضى. وقد وجه وزير الخارجية الروسي اليوم الثلاثاء دعوة الى المسؤولين الفلسطينيين لاتخاذ "اجراءات قاسية ازاء المنظمات المتطرفة".&كما ان فكرة ارسال مراقبين دوليين (الى المنطقة) والتي دافع عنها الاوروبيون وحظيت بالتاييد اثناء قمة جنوى في تموز/يوليو، سقطت هي ايضا امام معارضة اسرائيل والفيتو الاميركي.
&واعلن المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر امس الاثنين انه "من المهم لاسرائيل والرئيس عرفات مواصلة الحوار".&واعرب الاتحاد الاوروبي من جهته وعلى لسان رئيس الوزراء البلجيكي غي فرهوفشتات الذي ترئس بلاده الدورة الحالية للاتحاد، عن امله في ان تمارس الولايات المتحدة وروسيا "والدول العربية المعتدلة ضغطا اكبر بكثير من الماضي" على طرفي النزاع من اجل استئناف الحوار السياسي.
&وفي غياب اي استراتيجية محددة، كان وزراء خارجية الدول ال15 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي قرروا في مطلع الصيف زيارة المنطقة. ولكنهم لا يزالون اليوم غائبين عن مسرح الاحداث في الشرق الاوسط نتيجة انهماكهم بالنزاع الافغاني.
&واكتفى فرهوفشتات بالقول ان التصريحات الاخيرة لوزير الخارجية الاميركي كولن باول حول الشرق الاوسط، والاكثر تاييدا للفلسطينيين، اقتربت جدا من تصريحات الاتحاد الاوروبي.&ولم يدخر الاتحاد الاوروبي جهوده لحمل ادارة بوش على اعادة الالتزام بعملية السلام، وهذا ما فعله في اعقاب اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر وخشية اندلاع احداث في الشرق الاوسط في حين تعهد القيام باعمال عسكرية في افغانستان.
&ولكن الولايات المتحدة وفي ما يبدو انه ارتداد يحصل عقب اللقاء الذي جرى الاحد بين الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون --واثر المعطيات الجديدة في افغانستان-- جددت من تشديد لهجتها حيال رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات الذي اصبح "رجلا غير مرغوب فيه" في واشطن اكثر من اي وقت مضى.
&واليوم الثلاثاء اعلن كولن باول في بوخارست ان "رئيس الوزراء شارون (...) يرد بطريقة يعتبرها متناسبة للدفاع عن شعبه وبلاده". واكد المتحدث باسم البيت الابيض آري فلايشر ان "لاسرائيل الحق ولا شك بالدفاع عن نفسها وان الرئيس (جورج بوش) يتفهم ذلك بوضوح"، مع اخطار عرفات بالتحرك "بطريقة ملموسة" ضد المتطرفين في حركة حماس.&اما وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد فقال من جهته بوضوح الاحد ان حركة حماس الفلسطينية وشبكة القاعدة التي يتزعمها اسامة بن لادن هما حركتان ارهابيتان ينبغي "مطاردتهما والقضاء عليهما".
&من جهتها اعتبرت مفوضة فلسطين العامة في فرنسا ليلى شهيد اليوم الثلاثاء ان "خطاب الحرب" الذي ادلى به شارون امس الاثنين وحمل فيه ياسر عرفات مسؤولية العمليات المناهضة للاسرائيليين "يبدو انه جاء بموافقة الاميركيين".&واعلن شارون خصوصا "على غرار الولايات المتحدة التي تشن حربا ضد الارهاب الدولي مستخدمة كل الوسائل ضد الارهاب، فاننا سنشن الحرب نفسها".&وقال السفير الاسرائيلي في فرنسا ايلي برنافي المعروف باعتداله ان "عرفات يجرنا ويكذب على الاسرة الدولية (...) ان الرجل كارثة لشعبه".
&وتقلق هذه المواقف وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي اعرب اليوم الثلاثاء عن خشيته من ان تقوم اسرائيل "باعتماد سياسة الاسوأ" الهادفة الى القضاء على ياسر عرفات.&وقال "للاسف، يبدو ان هذه السياسة متعمدة".&واضاف فيدرين لاذاعة "فرانس انتر" ان "عرفات يضعف بفعل تعديات الجيش الاسرائيلي" الذي استخدم طائرات اف-16 في عمليات الرد على اهداف فلسطينية