عبدالله الجفري
&
تتبلور الآن (ظاهرة) أخذت تتفشّى -بكل أسف وخجل- في صحافتنا المحلية... فصرنا نقرأها: كلمات يتقافز بها هؤلاء: (الفِشاريُّون) الذين يتباهون بقاموس شتائمهم التي ينهالون بها على رؤوس ثمينة من رموز هذا الوطن وغارسي الوعي ونشر المعرفة فيه, ومن المشاركين في تقدمه ونهضته, ومن العلماء والمثقفين المميزين... فتندلع كلمات (الفِشاريين) برائحة الشياط, بعد ان تبلّدت فيهم الروح الوطنية, او ربما لم تكن افكارهم جديرة بهذه الروح, وذلك بسبب: تمدد الحقد في نفوسهم, وضيق أفق معرفتهم, وترمد انتمائهم الوطني... وربما هو الشعور في أعماقهم (بالضآلة) فيسبّون الكبار لعل (قزميتهم) تطول شبراً!!
إنهم هؤلاء الذين انبروا (كتَبة) تملأ بهم بعض الصحف مساحات كان (الإعلان) أكثر فائدة لملئها!
إنهم هؤلاء الذين يدعون الى: (قتل عالِم), والى: (نكران قيمة رمز), والى: فقدان الوطن لذاكرته نحو ابنائه الذين قدَّموا لخدمته اجمل مراحل عمرهم وحياتهم, وخلاصة خبرتهم ومعرفتهم... فلا أقل من ان تكون (صدمة) حين يأتي من يجحد -باسم الوطن- سجلّهم الحافل, ويدّعي انه هو: (السوبر مواطن), وهو: (السوبر مصلح), ولا بأس ان يكون: (السوبر قبيح شتَّام)!!
ومثل هؤلاء ممن يعتقدون -افتئاتاً وافتراءً- انهم: (سوبر كُتّاب): يدّعون حرية الرأي في عصر: تضاؤل الاصغاء, وحتى في مرحلة: (قمع الصمت), لابد ان تعلو (الثرثرة) وتسود, فيحسبها البعض: حرية رأي, أو (الرأي الآخر)!!
ونحن مطالبون اليوم في هذا اللغط, وتسلق النباتات الشيطانية, الى: البحث عن (الرأي الآخر) الحقيقي الذي يقوم على: الحوار, والمنطق, والحجة, والشواهد.. حتى ينحسر هؤلاء (الفِشاريون) الذين يزاحمون على خلخلة الصف الأول من (النخبة) المؤهلة بالثقافة, و... (بأدب) الحوار ومنطقه!!
&
***
&
ونضع النقاط المضيئة على الحروف المعتمة التي استهدف (مُوقِّعها) ان ينال من: قيمة, وتاريخ, ورصيد (ابن) من ابناء هذا الوطن الذي يفخر بكل ما قدمه, ولم يكن هناك (بشر) فوق الخطأ, ولا فوق الاجتهاد... هو: معالي الشيخ/ احمد زكي يماني, الذي وجد (الموتورون) فرصة (للنكش) في أجوبته على اسئلة (عكاظ) عن المجتمع المكي, ولا أحد يساوم أو يكابر على (مكيّة) أحمد زكي يماني, كما عرفناه/ شخصاً نتحاور معه ونستمع الى آرائه, وكما عرفه الوطن/ مسئولاً, ومثقفاً من نخبة العلماء والمفكرين!
ونحسب أن (أحمد زكي يماني) عندما كان في موقع (صاحب المعالي) -قبل إلحاقها بكلمة سابقاً لديه!- وعندما كان احد الذين يصنعون القرار في مجال تخصصه باستئناس (ولي الأمر) بخبرته ومعلوماته ورؤيته... لم يكن أي (شهواني شهرة) يتجرأ على الاختلاف معه في الرأي, فما بالنا بشتمه (!!) ولم يكن (أحمد زكي يماني) -في قيمته وعطائه, وعلمه- ممن يسمونهم: (حيطة واطية), بل كان: شامخاً كطود, وكسور تتهاوى عنده كل الاحجار التي استهدفت ان ترميه!!
لكنَّ السؤال الأهم, والأكثر (حزناً) وبأساً على النفس... هو:
* لماذا نحن -هنا في المنطقة الغربية بالتحديد- ينهش بعضنا في بعضنا الآخر, ويترصّد بعضنا للآخر, وتشرع بعض الصحف مساحات صفحاتها لشتيمة الآخر من نفس المنطقة?!!
* لماذا بين فترة وأخرى: نُعمّق هذه (الفكرة) عن: نفوسنا, وعن (وعينا), وعن غياب التفاف بعضنا حول بعضنا الآخر?!
* لماذا نجد من يحاول ان يضرب الآخر.. حتى وهو يعلم -متأكداً- أن هذا الآخر أمامه: طود شامخ, وعملاق في مقابل (قزميته)?!!
* وكما يتساءل الاستاذ/ علي حسون, رئيس تحرير (البلاد) المكلف: لماذا لا نقرأ مثل هذا (الضرب تحت الحزام) في صحف المناطق الأخرى: بعضهم ضد بعضهم الآخر... بل -بالعكس- نقرأ لهم: مؤازرة بعضهم لمن يصيبه مكروه, وقبل ذلك لمن صمت/ربما لمجرد الاسترخاء?!!
&
***
&
* إنني أطرح (كل) هذه الاسئلة, وأحسبني:تجرأت في(مباشرة) طرحها, وان كان الكثير اخذ يرددها, ليس انطباعاً مما يقرأه في صحف المنطقة الغربية بالذات, بل: ومعاناة مما يواجهه في مراجعاته (للإدارات) الحكومية لانجاز معاملة له, أو للمؤسسات والشركات... فيصطدم بنفس هذه (السلوكيات) المخيفة التي يحسبها الناس: تتعاظم وتتفاقم... يا أمان الخائفين!!
* ويبدو أن (الحرية) التي صار البعض يدّعيها, أو يزعم انه يكتب تحت شعارها وفي بريقها... ليست هي: حرية (الرأي الآخر), ولكن هؤلاء يريدونها: حرية (بهدلة) الآخر, وشتمه, والقصاص من ابداعه وتميّزه!!
اصبحت (الحرية) في تضاؤل (الاصغاء), وفي انفلات (الرّغي) والصراخ, وفي انتشار الباطل والكذب والافتئات.. هي: نكتة ساخرة يحاول ان يروّجها الذين يصادرون الحقيقة والحق, والذين يزوّرون العدل والحجة, والذين يتعاملون بالكلمة/الرصاصة, وبالخوف/ الهلع!
هكذا صار هناك من البشر (المبشورين/الفِشاريين): من يعيش عصر اللوعة والتلويع... ممعناً في إصابة دنيانا التي كانت جميلة, ولكنها فقدت سمعها بأصوات هؤلاء!! (عن "عكاظ" السعودية)