يحي أبوزكريا
&
بنت السلطة الجزائرية أساس تحالفها مع واشنطن على مجموعة أمور إستراتيجية وسياسية وإقتصادية وأمنية, فعلى الصعيد الإستراتيجي فإنّ الجزائر التي تريد أن تتزّعم المغرب المغرب العربي وحتى إفريقيا لن يتأتىلها ذلك بدون دعم أمريكي قوّي وفي كل المجالات, و الفرق بين جزائر هواري بومدين و جزائر عبد العزيز بوتفليقة اليوم, أنّ بومدين كان يسعى لكي تكون الجزائر يابان العالم العربي إنطلاقا من المقومات الذاتية الجزائرية وليس إعتمادا على محور موسكو أو واشنطن, بينما بوتفليقة قررّ أن يضع كل مصير الجزائر في السلّة الأمريكية ودفعة واحدة طمعا في ولاية ثانية بدأ يمهّد لها من الآن رغم رفض بعض كبار الضبّاط التجديد له, وطمعا في إنهاء العنف الأعمى في الجزائر والذي إدعّت السلطة الجزائريّة مرارا وتكرارا أنّها قضت عليه, وتبينّ أنّ هذه التصريحات الرسميّة تندرج في سيّاق الإستهلاك الإعلامي المحلّي والخارجي وقد يؤّدي التحالف الأمريكي - الجزائري إلى تحقين الجماعات الإسلامية المسلحة ضدّ السلطة الجزائريّة
وضدّ المصالح الأمريكية والغربيّة في الجزائر الأمر الذي قد يؤدّي
إلى تفكير واشنطن بالتوجّه إلى الجزائر للمساهمة وبشكل مباشر في الصراع الجزائري الداخلي. وإقامة قاعدة أمنية للمخابرات والأجهزة الأمنية الأمريكية في الجزائر وإمداد الجزائر بمعدات حربيّة و عسكريّة متطورة سيكون له دور كبير في تكريس الدور الأمريكي المستقبلي في الجزائر, وقد يؤدّي هذا الوجود الأمريكي في الجزائر إلى إنفجار الصراع بين مراكز القوة في الجزائر خصوصا وأن بوتفليقة يتقوّى بالأمريكان على الجنرالات الذين يسعون للحؤول دون أن تتوسع صلاحيّات بوتفليقة الرئاسيّة. وقد يترتّب على ذلك إزاحة الجنرالات عن الحكم في الجزائر وإعادة صياغة نظام سياسي جديد و هذا ما جعل الجنرال محمّد تواتي يصرّح إلى جريدة يوميّة جزائرية قائلا أنّ الجزائر لن تتحالف عسكريّا لضرب دولة أخرى, وقال في تصريحه أنّ الجزائر وتطبيقا للدستور في مادتيه 27 و 28 يحول دون أن تقوم الجزائر بهذه الخطوة. وعلى صعيد آخر فانّ الجيش الجزائري منهك في حربه مع الجماعات الإسلاميّة
&المسلحة ولا يمكن أن يدخل في حروب أخرى قد ترهق كاهله وتكلفّه الكثير بالإضافة إلى أنّ ذلك قد يجلب عليه سخط الشارع العربي والإسلامي.
&ومن جهة أخرى فانّ السلطات الجزائريّة التي بادرت إلىتقديم كل ما لديها من معلومات عن عناصر جزائريّة إسلامية لها علاقة بأسامة بن لادن, وقدمت أزيد من ذلك, فإنّهاحصدت خيبة أمل كبيرة ولم تتعامل معها العاصمة واشنطن والعواصم الغربية بالمثل, حيث أنّ الجزائر طلبت من بريطانيا وبعض العواصم الغربية تسليمها عناصر اسلامية جزائريّة وجاءها الردّ بانّ هؤلاء يتمتعون بحق اللجوء السياسي و العواصم الغربية ليست في وارد أن تضع قوانينها جانبا من أجل الجزائر, و بناءا عليه تبينّ للرسميين الجزائريين الذين باركوا الخطوات الأمريكية وفتحوا خزائن أمنهم القومي وأرشفيهم المعلوماتي للأمريكان والغربيين يشعرون أنّهم ابتزّوا بلا ثمن ولا مقابل ومع ذلك وافقوا أن تكون لأمريكا قاعدة أمنية في الجزائر طمعا في التغلب على الجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر وطمعا في الرضا عن النظام الجزائري المتورط في إنتهاك حقوق الإنسان وطمعا في حل أمريكي لأزمة الصحراء الغربية يرضي الجزائر وجبهة البوليساريو.
وعلى الرغم من تحمس السلطة الجزائرية لتحالفها الأمني والإستراتيجي مع واشنطن فإنّ بعض المراقبين الجزائريين يرون أنّ سلطتهم قد إقترفت خطأ استراتيجيّا فظيعا عندما قدمت للأمريكان أدلّة تفيد بأنّ الجماعة السلفية للدعوة والقتال والتي يتزعمها حسن حطّاب قام أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بتأسيسها وهو الذي يمدهّا بالدعم المادي واللوجستي مقابل أن تقوم عناصر الجماعة بتقديم يد العون لابن لادن في العواصم الأوروبيّة و قد أعتقلت السلطات الاسبانيّة عناصر جزائريّة تنتمي الى الجماعة الاسلامية للدعوة والقتال و تنسقّ مع أسامة بن لادن و كانت مدريد تلقت معلومات من الأجهزة الفرنسية التي تمدها الأجهزة الجزائرية بكل التفاصيل بغية السكوت عن موضوع حقوق الانسان في الجزائر, وباعتبار انّ السلطة الجزائرية لم تعد قادرة على القضاء على جماعة بن لادن في الجزائر فلابدّ أن يتولى الجيش الأمريكي هذه المهمّة في الجزائر باعتبار أنّ مهمة الجيش الأمريكي على مدى عشر سنوات يسعى للقضاء على بن لادن وقاعدته العربية والاسلاميّة. والرسميون الجزائريون عندما سارعوا الى فتح ملفاتهم كان همهم أن يحصلوا وبشكل فوري على دعم منقطع النظير وتزكيّة من واشنطن للقيام بكل ما في وسعهم لاستئصال الجماعات المسلحة. بالاضافة الى الدعم المادي والعسكري. وعلى الرغم من أن الرئيس الجزائري لدى زيارته الأخيرة الى مناطق الشرق الجزائري جيجل وسكيكدة صرحّ& بأنّه آن الأوان لانجاح المصالحة الوطنية في الجزائر ويجب أن نترقّى من الوئام المدني الى المصالحة الوطنيّة, وهذه التصريحات تستبطن استشعارا عن بعد لخطورة المرحلة المقبلة وخصوصا اذا ما أستمرّ الوضع الأمني منهارا في الجزائر, وتجدر الاشارة الى أنّ منتدى الناتو سبق وأن أعدّ وثيقة تتحدث عن سبل التدخل في الجزائر فيما لو انهار الوضع عن بكرة أبيه في الجزائر, وقد أصبحت هذه التصريحات في خبر كان بعد الإقرار العملي بمواصلة الإستئصال ومع أمريكا هذه المرة و على الأرض الجزائرية.
&و كان يجب على الرسميين الجزائريين أن يتروّا قبل أن يقدموّا خدماتهم المجانيّة للأمريكان والعواصم الغربية, فمصر التي تربطها بواشنطن علاقات أشد عمقا من العلاقات الجزائرية - الأمريكية تروّت في الادلاء بموقفها من التحالف الدولي ضدّ أفغانستان وأعلنت أن الصراع العربي - الاسرائيلي اذا ما أستمّر على ايقاعه الحالي سيولّد كوارث لا أحد يدرك عقباها. و الجزائر بموقفها الحالي انمّا تدعو واشنطن للتدخل في شؤونها الداخلية, وتدعوها لتكون طرفا في صراعها الداخلي مع الجماعات الاسلاميّة المسلحة, وهذه الدعوة وان كانت مبطنّة الاّ أنهّا تسيل اللعاب الأمريكي خصوصا اذا علمنا أنّ واشنطن ما فتئت تخططّ للاستحواذ على استثمار الطاقة الجزائرية تسويقا واستخراجا و اشرافا, وتكشف الأحصاءات الجزائريّة الأخيرة أنّ الشركات الأمريكية باتت تملك حصّة الأسد في قطاع الطاقة الجزائري, فيما الشركات الفرنسية باتت تكتفي بما يلبي حاجة الاستهلاك المحلّي في فرنسا وبعض الأسواق الأوروبيّة, والأخطر من ذلك فانّ الجزائر التي تسرعّت في خطوتها التحالفيّة مع واشنطن يبدو أنّها لم تسأل عن موقف واشنطن من حقّ البربر في اقامة دولتهم في الجزائر
&
&
&
&