واشنطن- فرانسيس تيمان: يحذر خبراء ومسؤولون عسكريون من ان حربا للاطاحة بالنظام العراقي قد تخلف كارثة بيئية جديدة في العراق ومنطقة شط العرب التي تزخر بابار النفط وتعاني من نظام بيئي هش للغاية.
ويقول جوناثان لاش رئيس المنظمة المدافعة عن البيئة "وورد ريسورسيز اينستيتوت" "يمكن (للرئيس العراقي) صدام حسين اليوم ان يتعمد التسبب بكارثة جديدة في حال تعرضه لهجوم" مشيرا الى السابقة التي شهدتها حرب الخليج في العام 1991.
ويشدد هذا الخبير على ان هذه الحرب "التي بدت للكثيرين انها نزاع قصير ادى الى تحرير الكويت، خلفت كارثة بيئية فعلية لم تخرج منها المنطقة وشعوبها حتى الان".&واعرب مسؤولون في الاستخبارات الاميركية الاسبوع الماضي عن خشيتهم من ان يقدم صدام حسين اذا ما ايقن بهزيمته الى اتباع سياسة "الارض المحروقة" كما فعل العام 1991.
فمع انسحابها من الكويت اضرمت القوات العراقية النار في 732 بئرا نفطية. وقد احترق جراء ذلك اربعة الى خمسة ملايين برميل يوما (البرميل يوازي 159 ليترا) اي 10% من الاستهلاك العالمي اليومي، مما ادى الى انبعاث 500 مليون طن من غاز الكاربون في الجو.
وتفيد "وورد ريسورسيز اينستيتوت" ان كميات الزيوت والقطران والكبريت والامطار الحمضية السوداء التي ترسبت فوق الزراعات جعلت الكثير من الاراضي الزراعية غير صالحة في دائرة قطرها 2000 كلم ولا سيما في ايران.&وتفيد تقديرات اجهزة الارصاد الجوية الاميركية ان العراقيين القوا في مياه الخليج من ستة الى ثمانية ملايين برميل من النفط.
وتسببت بقعة النفط التي نجمت عن ذلك في نفوق 25 الف طير وتلوث الشواطئ مما خلف مشاكل كبيرة في النظام البيئي البحري الهش في هذه المياه التي هي في الاساس من اكثر المناطق تلوثا في العالم.
وقد تسربت كميات النفط التي لم تحترق الى اراض زراعية منخفضة لتحولها الى برك سوداء ضخمة. وفي جنوب الكويت تشكلت بحيرة موحلة طولها 800 متر بلغ عمقها في بعض الاماكن خمسة امتار تحوي كميات من النفط تزيد تسع مرات عن حمولة ناقلة النفط "اكسون فالديز" التي تحطمت قبالة شواطئ الاسكا في العام 1989.
وقد شكل هذا كارثة فعلية خصوصا وان جنوب العراق يضم واحدة من اقدم واغنى الانظمة البيئة في العالم وهي منطقة الاهوار التي تقع على شط العرب عند ملتقى نهري دجلة والفرات.
وقد تعرضت منطقة الاهوار لاضرار جسيمة خلال الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) ثم خلال حرب الخليج والانتفاضة الشيعية وكادت تزول عن الخريطة بسبب سياسة المياه التي اعتمدتها بغداد في التسعينات.
فقد اقدم العراقيون الذي اقاموا اكثر من ثلاثين سدا على طول نهري دجلة والفرات على تجفيف مستنقعات الاهوار بنسبة 90% لتسهيل وصول القوات المسلحة الى هذه المنطقة الحدودية الاستراتيجية بين العراق وايران شرق الطريق السريع بين البصرة وبغداد.
وبعد ان كانت هذه المنطقة تزخر باعواد القصب والقرى المنتشرة على ضفافها تحولت منطقة ما بين النهرين الان الى ارض قاحلة في كارثة وصفها برنامج الامم المتحدة للبيئة بانها "من اسوأ الكوارث التي صنعها الانسان في تاريخ البشرية" وتقارن بتجفيف بحر ارال ونزع اشجار غابات الامازون.&وانقرض اكثر من 40 جنسا فريدا من الطيور البحرية والقشريات والحيوانات التي كانت تعيش في هذه المنطقة.
ولمحاولة لتجنب تكرار سيناريو العام 1991 والصور المريعة لابار النفط المشتعلة والسماء المغطاة بالسحب السوداء، على الجيش الاميركي ان يسيطر في اسرع وقت ممكن على حقول النفط على ما يقول جوناثان لاش.&ويحذر هذا الخبير قائلا "على الولايات المتحدة وحلفائها بذل كل الجهود للاستعداد والحد من العواقب البيئية وان يضعوا خطة لتخفيف الاضرار ما ان تبدا الحرب".