حكمت محكمة عراقية عليا اليوم على طارق عزيز نائب رئيس الوزراء في حكومة النظام السابق وسبعاوي ابراهيم الحسن شقيق صدام حسين ووزير الداخلية والقيادي في حزب البعث سعدون شاكر وعبد حميد محمود السكرتير الشخصي لصدام وعبد الغني عبد الغفور القيادي في البعث بالاعدام شنقا حتى الموت إثر إدانتهم بالمسؤولية عن تصفية الاحزاب الدينية وارتكاب جرائم ضد الانسانية .. فيما برأت شقيق آخر لصدام هو وطبان ابراهيم الحسن و8 آخرين وحكمت بالسجن مدى الحياة على 4 من كبار المسؤولين السابقين .


أصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا في جلسة لها في بغداد اليوم برئاسة القاضي محمود الحسن الحكم بالإعدام شنقا حتى الموت على طارق عزيز بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية والحكم بالسجن 15 عاما بتهمة التعذيب والإخفاء القسري .
كما حكمت على وزير الداخلية عضو القيادة القطرية لحزب البعث بالإعدام شنقا حتى الموت ايضا وأدانته بارتكاب جريمة القتل العمد وجرائم ضد الانسانية وحكم آخر بالسجن 15 عاما بتهمة ممارسة التعذيب . والحكم نفسه على عبد حميد محمود خطاب السكرتير الشخصي لرئيس النظام السابق صدام حسين بتهمة القتل العمد وارتكاب جرائم ضد الانسانية .. كما ادانته بالاخفاء القسري وحكمت عليه بالسجن 15 عاما .

وحكمت بالاعدام شنقا كذلك على سبعاوي ابراهيم الحسن شقيق صدام ومدير الامن العام السابق بتهمة القتل العمد وارتكاب جرائم ضد الانسانية والحكم بالسجن 15 عاما بتهمة الاخفاء القسري وممارسة التعذيب . والحكم نفسه على عضو القيادة القطرية لحزب البعث عبد الغني عبد الغفور فليح لارتكابه جريمة الاخفاء القسري وممارسات ضد الانسانية وهو الحكم الثاني بالاعدام الذي تصدره المحكمة ضده في وقت سابق بقضايا اخرى .

وقضت المحكمة بسجن حكمت مزبان ابراهيم عضو القيادة القطرية لحزب البعث مدى الحياة لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الانسانية ومنها الاخفاء القسري .. وحكم اخر بالسجن 15 عاما بتهمة ممارسة التعذيب . كما حكمت بالسجن مدى الحياة على احمد حسين خضير رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق بتهمة القتل العمد وارتكاب جرائم ضد الانسانية . أما سمير عبد العزيز النجم عضو قيادة حزب البعث فقد صدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة لإدانته بارتكاب جرائم ضد الانسانية ايضا .

وكذلك اصدرت المحكمة احكاما بالسجن 15 عاما ضد مسؤولين رسميين وقياديين في حزب البعث هم فليح حسن شايع وعدنان داود محيسن.. وعون سلمان عبد السادة وجاسم علي حسين (15 عاما) .. ومحمد عبد الوهاب عبد القادر (15 عاما) .
ومن جهة اخرى ألغت المحكمة التهم الموجهة ضد وطبان ابراهيم الحسن (شقيق صدام وزير الداخلية) وقضت بتبرئته واطلاق سراحه فورا في هذه القضية لعدم كفاية الادلة .. كما برأت المحكمة ايضا كلا من المسؤولين السابقين : عكلة عبد صقر ومحمود ذياب الاحمد ولطيف نصيف جاسم (وزير الاعلام) وعزيز صالح نومان (وزير داخلية) وقائد حسين حميدي ومحمد زمام عبد الرزاق (عضو قيادة البعث) ومزبان خضر هادي (وزير) ومحسن خضر عباس .

وكانت المحكمة قد بدأت جلساتها في السادس عشر من اب (اغسطس) عام 2009 . وحكمت المحكمة في اوقات سابقة على طارق عزيز (74 عاما) عدة احكام أقصاها بالسجن 15 سنة إثر إدانته للمرة الأولى في آذار (مارس) عام 2009 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في قضية إعدام 42 تاجراً في بغداد عام 1992 بتهمة التلاعب بأسعار المواد الغذائية. وفي آب الماضي حكم بالسجن سبع سنوات بسبب دوره في الارتكابات التي حصلت بحق الاكراد الفيليين الشيعة في ثمانينات القرن الماضي.

وكان عزيز من ابرز وجوه مسؤولي النظام السابق على الساحة الدولية من خلال توليه وزارة الخارجية خلال فترة احتلال الكويت عام 1990 والحرب التي نتجت منه ثم شغل منصب نائب رئيس الوزراء وكان من المقربين الى صدام حسين والشخصية المسيحية الوحيدة في هرم السلطة السابقة التي سقطت عام 2003 لدى دخول القوات الاميركية الى العراق ربيع ذلك العام .

يذكر انه في احدى جلسات المحاكمة في اب (اغسطس) الماضي اتهم سبعاوي ابراهيم الحسن شقيق صدام حسين ومدير الامن العام السابق اعضاء القيادتين الحزبية والسياسية في زمن السلطات السابقة بالمشاركة في اتخاذ جميع القرارات التي تهم السياسة العامة الداخلية والخارجية مؤكدا ان صدام لم يكن مسؤولا وحده عنها وان القادة حرضوه ليس على احتلال الكويت وحدها وانما الزحف حتى البحرين لاحتلالها فيما أدان عدد من رموز النظام الجرائم التي ارتكبها التي وصفوها بالمشينة ويندى لها الجبين وقالوا انهم بريئون منها . وقال إنه استمع الى اقوال المتهمين الذين كانوا اعضاء في مجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية لحزب البعث رافضا تحميلهم صدام لوحده مسؤولية كل القرارات التي كانت تتخذ في زمن النظام السابق . واشار الى انه كانت تعقد اجتماعات لأعضاء القيادة القطرية ومجلس الثورة وتتم خلالها المناقشات حول القرارات التي يعد لاتخاذها وبحضور الرئيس السابق صدام حسين ثم تصدر باجماع الحاضرين .واشار الى ان الاجهزة الامنية ليست وحدها المسؤولة عن اتخاذ وتنفيذ الإجراءات الامنية وانما هذه كانت تصدر اليها من اعضاء القيادتين .

ودافع سبعاوي عن نفسه قائلا انه لم يكن مسؤولا وحده عن تنفيذ واجبات مديرية الامن العام بصفته مديرا عاما لها وانما كان هو ينفذ ما يصدر اليه من القيادة الحزبية والسياسية . واشار الى انه يرفض اتهام القادة السابقين الذين يحاكمون الان لصدام (الذي قال انه ذهب الى ذمة الله) بالمسؤولية عن كل ما ارتكب خلال فترة النظام السابق واوضح انه تخلى عن منصبه عام 1995 واعتزل سياسيا ووظيفيا حتى حرب عام 2003 التي اسقطت النظام . واوضح ان القيادة القطرية ومجلس قيادة الثورة يمثلان السلطة التشريعية في البلاد ومسؤولان عن جميع القرارات التي اتخذت آنذاك . وقال ان ادعاء القادة السابقين الان بأن دورهم لم يكن لاتخاذ القرارات وانما كان تنظيميا وتعبويا غير صحيح وغير منصف .

ثم تحدث عبد حمود محمود فقال انه فوجئ بالشهادات التي استمع اليها من بعض الشهود والصور والافلام التي عرضت خلال المحاكمة عن عمليات قتل واغتصاب وتعذيب ارتكبت خلال زمن النظام السابق . وأكد أنه يدين ويستنكر تلك الجرائم التي وصفها بالمشينة وغير الانسانية ويندى لها الجبين . وقال إنه كسكرتير سابق لرئيس الجمهورية لا علاقة له بارتكاب تلك الجرائم ولو كان علم بها لكان له موقف ضدها على حد قوله . ومن جهته قال رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السابق احمد حسين خضير فقال إنه كانت في السابق تعقد اجتماعات مشتركة لأعضاء القيادة القطرية للبعث ومجلس قيادة الثورة وتتخذ القرارات فيها بالاغلبية لكنه وبدءا من عام 1986 كان صدام يتخذ القرارات لوحده حيث كان الحاكم الوحيد في البلاد . واشار الى ان من يرجع الى قرارات مجلس قيادة الثورة منذ ذلك الوقت فإنه يرى انه كان يوقعها باسم المجلس وفي غيابه .
واكد انه بريء من كل الجرائم التي ارتكبت في زمن النظام السابق موضحا أنه لم يكن في حياته عضوا في جهاز أمني أو عسكري .. وقال انه فوجئ بما عرض خلال المحاكمة من جرائم اعتصاب وقتل وتعذيب ارتكبت واضاف انه وعائلته تبرآن من هذه الجرائم وتدينها وتستنكرها وشدد بالقول quot;انا بريء تماما من كل تلك الجرائمquot; .

وتتعلق قضية quot;تصفية الاحزاب الدينيةquot;بتصفية ومطاردة الأحزاب الدينية في بداية ثمانينات القرن الماضي ولا سيما حزبي المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي كان يتزعمه اية الله الراحل محمد باقر الحكيم (أغتيل بانفجار مفخخة بمدينة النجف عام 2003) والدعوة الاسلامية الذي أسسه محمد باقر الصدر (نفذ فيه صدام الاعدام مع شقيقته بنت الهدى عام 1980) وكان هذان الحزبان يتخذان من ايران مقراً لهما بعد تعرضهما لحملة اعتقالات وإعدامات قبيل الحرب العراقية الايرانية التي اندلعت عام 1980 واستمرت ثمانية اعوام .

يذكر أن المحكمة الجنائية العليا التي أُنشئت عام 2003 أصدرت أحكامها في عدة قضايا اعدم اثرها الرئيس السابق صدام حسين وشقيقه بارزان التكريتي وابن عمه علي حسن المجيد ونائبه طه ياسين رمضان اضافة الى رئيس محكمة الثورة انذاك عواد البندر.

وبدأت اولى جلسات المحكمة الجنائية في قضية الاحزاب الدينية في آب 2009 لمحاكمة المتهمين الذين كانت تتضمن لائحتهم علي حسن المجيد قبل ان تسقط عنه الاجراءات القانونية بسبب اعدامه مؤخرا لادانته بقضية قصف مدينة حلبجة فضلا عن قضية الانفال قمع والانتفاضة الشعبانية وقضية صلاة الجمعة التي اعقبت اغتيال المرجع محمد محمد صادق الصدر عام 1999.