أوقفت السلطات الإماراتية مواطنًا يدعى محمد الحمادي يتبنّى فكر الإخوان المسلمين وأطلقت سراحه، وذلك بعدما تطرّق في خطبة الجمعة إلى الأوضاع في مصر، وطلب من المصلّين أداء سجدة شكر على خلفية تلك الأحداث.


حسن محمد الحمادي

دبي: منذ أيام عدة والناس في دولة الإمارات تتداول رسائل عن توقيف إماراتي من رجال الإخوان المسلمين في منطقة خور فكان بسبب تطرقه في خطبة الجمعة عن مظاهرات مصر.

فبعدما طلب من المصلّين القيام بسجدة الشكر بمناسبة أحداث مصر، أبلغ الشارع الإماراتي عنه، وأوقف من قبل عناصر الأمن.
وأشارت مصادر مسؤولة لـ quot;إيلافquot; إلى أن هذا الشخص يدعى حسن محمد الحمادي، وهو فى نهاية الأربعينيات من عمره.

مضيفة أنه متأثر بفكر الإخوان المسلمين كثيرًا، ولديه أفكار مشوشة، وقد حذّر من قبل جهات أمنية مرات عدة من قبل. كما يصفه بعض الناس أن لديه مشاكل نفسية، وأنه خرج عن الطريق المعتدل الذي يسير عليه غالبية الإماراتيين. وقد أفرجت السلطات الإماراتية عن الحمادي بعدما تعهد للمرة الثالثة بأنه لن يكرر فعلته تلك.

يذكر أن الحمادي هو باحث فى القضية الفلسطينية، وعضو ناشط فى جمعية دعوة الإصلاح، وسبق أن احتجز فى ديسمبر/كانون الأول من عام 2008 بعد تنظيم اللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع -التي يشغل فيها الحمادي منصب نائب الرئيس- تجمًعا سلميًا لمناصرة غزة، لكن الأمن الإماراتي أطلق سراحه في اليوم نفسه.

كما حجز الحمادي من قبل في مطار القاهرة، وصودرت منه تبرعات مادية إلى غزة، وجرى التحقيق معه لساعات قبل إخلاء سبيله.

تعليقًا على ذلك، قال المواطن الإماراتي من خورفكان عبدالله بن جمعه لـquot;إيلافquot; إنه كان يجب على الحمادي أن يقدم تلك التبرعات لأبناء مدينته خورفكان، التي تحتاج دعمًا وتطوير مرافقها كمدينة صغيرة تابعة لإمارة الشارقة بدلاً من جمع الأموال لجهات خارجية، مضيفًا أن جمع التبرعات ليس من اختصاص الحمادي. وأوضح جمعه أنه لو كان لدى الحمادي مشكلة أو أجندة يود طرحها فعليه اللجوء إلى القنوات المتاحة داخل الدولة لطرح أفكاره داخلها، بدلاً من إثارة الناس في المساجد.

ومن المعروف أن هيئة الأوقاف الإماراتية تضع خطبة جمعة موحدة لمساجد الدولة كافة، ويحظر على أئمة المساجد الخروج عن نص تلك الخطبة، وذلك على الرغم من أن تلك الخطب ذات مضمون محدود، ولا تضيف شئيًا مفيدًا للجمهور، فهي خطب روتينية غير فاعلة في مجملها.

تجدر الإشارة إلى أن أفراد جماعة الإخوان المسلمين كانت قد تأسست في الإمارات في عام 1978 تحت اسم جمعية الإصلاح سابقًا، وتحت مظلة جمعية المعلمين في الشارقة حاليًا. وكانوا يعملون لدى وزارة التربية والتعليم الإماراتية في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وكانوا يتدخلون بشكل أساسي في وضع المناهج الدراسية، ولكن تقلّص عددهم ونفوذهم الآن، بعدما فرضوا أفكارهم في المناهج الإماراتية لمدة طويلة.

وتناول الباحث في مركز المسبار منصور النقيدان تاريخ الجماعة مروراً بما عاشته من تمدد ومهادنة مع الدولة ثم انحسار وتقهقر. وقال النقيدان إن جمعية الإصلاح عملت منذ تأسيسها على استقطاب الطلاب والناشئة واستهدفت مؤسسات التعليم، وسيطر أتباعها على الأنشطة الطلابية، ومع بداية الثمانينيات سيطرت الجماعة على قطاع التعليم العام وإدارة المناهج والتأليف في وزارة التربية والتعليم، وفي 1988 أصبح الإخوان المسلمون هم الصوت الأوحد والأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة الإمارات.

تزامن ذلك مع وجود ذراع إعلامي نشط هو مجلة الإصلاح، واستطاع الإخوان الوصول إلى منصب وزاري في أول حكومة اتحادية (1971) بوزير واحد، وهو سعيد عبد الله سلمان، واستطاعوا بعدها الظفر بوزارة التربية، وبحلول العام 1983 تمكن الإخوان المسلمون من السيطرة على لجنة المناهج والمقررات.

بالعودة إلى تأثير أحداث مصر على الإمارات، ولكن في الناحية الاقتصادية هذه المرة، نلاحظ أنه في بداية الأزمة الاقتصادية العالمية، رفع مديرو الدوائر والمتخصصين في الدولة معظم الأسعار بشكل غير مسبوق، مما شكل عبئًا كبيرًا على معظم المواطنين. كما لم يعالج هؤلاء المتخصصين تلك الزيادات المستمرة، فكل شيء ارتفع سعره ماعدا quot;العبرة البحريةquot; في خور دبي.

لكن لوحظ بعد وقوع الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية في تونس ومصر، أن المسؤولين عاودوا النظر في تلك الأسعار، وسعوا إلى تخفيضها.

في ضوء ذلك، قال مصدر مسؤول لـquot;إيلافquot; إن هناك تقارير تشير إلى أن الميزانية الاتحادية لا تكفي الدولة حاليًا، حيث إن تلك الميزانية قائمة على الإيرادات والرسوم المحصلة من وزارة العمل والاتصالات، موضحًا أن هذه الرسوم لا تغطي كل حاجات البلاد. ولفت المصدر إلى أن هناك أيضًا تباينًا واضحًا في الرواتب بين الإمارات المختلفة في الهيئات الاتحادية نفسها، الأمر الذي يتطلب مراجعة.

إضافة إلى معضلة الإخوان المسلمين، تظهر هناك مشكلة أخرى يعانيها المجتمع الإماراتي، وهي قضية البدون التي تجد رواجًا في المجالس الإماراتية، كما إنها قضية تعد قيد المناقشة من قبل الدولة.

وتبرز حاليًا فى المجتمع الإماراتي مشكلة البدون بشدة، ويشكل الأطفال والشباب الغالبية العظمى من هؤلاء أكثر من كبار السن. ويقدر عدد الرجال والنساء ما بين 140 إلى 150 شخصًا، وهؤلاء البدون هم من لا يحملون جواز سفر إماراتيَا، والغريب في ذلك الأمر أن هؤلاء البدون يتحدثون اللهجة الإماراتية، ويعيشون في المجتمع الإماراتي، ولكن رغم كل هذا لا يجدون لأنفسهم مكانًا في هذا المجتمع، وقال بعضهم quot;ما ذنب أطفالنا في أننا دخلنا إلى الدولة بطريق غير شرعي، فليس كل ما يقترفه الآباء يدفع ثمنه الأبناءquot;.

تجدر الإشارة إلى أن استمرار قضية البدون في المجتمع الإماراتي بدون حلّ سوف يعمل على تضييق نفوس الشباب، وبالتالي يمكن أن يؤثر ذلك على تجانس المجتمع نفسه.

وبالرغم من أن دولة الإمارات تمنحهم وظائف، إلا أنها لا تجنّسهم، الأمر الذي اضطر بعضهم إلى الذهاب إلى جزر القمر للحصول على جوازاتها، ومن ثم تمكنوا من خلال ذلك من الحصول على جواز سفر إماراتي، ولكن يشكل مجموع هؤلاء عددًا بسيطًا جدًا من البدون.

فمازالت الغالبية العظمى منهم غير قادرة على الحصول على جواز إماراتي، رغم أن مجلس الوزراء كان قد أصدر فى بداية عام 2000 قرارًا بتجنيس مجموعة كبيرة من الناس، لم يكن من بينهم quot;البدونquot;. والمشكلة الحقيقة تكمن في أن غالبية البدون المكونين من الأطفال والبالغين يعيشون فى بلد أنشئت لاستيعاب عدد كبير من الناس، ولكن يحرم عليهم فيها الحصول على بعض الحقوق، وأهمها الحق في الحصول على جواز سفر، رغم حصولهم على الجنسية.

ورغم أنهم قضوا فترات طويلة داخل الدولة، لذلك فهم يفكرون في السفر إلى كندا حتى يستطيع أولادهم الحصول على جوازات سفر كندية. ويصل عدد هؤلاء إلى 50 ألف شخص تقريبًا.

ويشير المحللون إلى أن أهم شيء في اقتصاد أي دولة هو الاستثمار في البشر، موضحين أن دولة الإمارات لديها بنية تحتية قوية ومؤهلات اقتصادية عالمية، متسائلين quot;لماذا لا تمنح الدولة هؤلاء البدون جوازات سفر، ومن ثم تستفيد منهم في خدمة البلاد؟quot;. وذلك حتى لا تفقد الدولة بريقها الاقتصادي.

أكثرية البدون هم من أبناء جنوب فارس، ويشكل السنّة غالبيتهم، إضافة إلى كل من الباكستانيين والبلوش الملقبين تاريخيًا بالبليشان، والذين ينقسمون إلى جزئين، أحدهما من أصول باكستانية، والآخر من أصول إيرانية، هذا علاوة على الميناويين.

وقد استقر المقام بهؤلاء جميعًا في الإمارات، بعد ظهور الحدود السياسية بين دول المنطقة. وقد كانت الحكومة في العقود الثلاثة الأول، تتعامل مع هذه الفئة كمواطنين لحاجتها إلى جهودهم في خدمة البلاد، فكانت تقبل توظيفهم في مختلف وزارات الدولة، خصوصاً وزارتي الداخلية والدفاع، حيث كانوا يشكّلون نسبة كبيرة جداً فيهما، وكان يُقبل أبناؤهم في المدارس الحكومية، ولكن ومع مرور الوقت بدأت حالتهم تزداد سوءًا، كما قلّ اعتماد الدولة عليهم.