يرى محللون ودبلوماسيون أن الاعتقالات الكثيفة في صفوف المعارضة السورية وتطويق البلد بشكل منهجي أدى إلى تراجع أعداد المتظاهرين، لكن رغم ذلك ما زال خطر دخول البلاد في العنف المسلح قائماً وفقاً للعديد من المؤشرات الحالية.

معتقلون سوريون على يد الجيش بسبب مشاركتهم في التظاهرات

دمشق: قال محللون ودبلوماسيون أن التظاهرات فقدت زخمها في سوريا، لكن المعارضين يمكن ان يلجأوا الى العنف لأن تحركاتهم السلمية لم تكن فعّالة في مواجهة نظام قاس.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان المنظمة غير الحكومية التي تتمركز في لندن ان quot;التظاهرات تخرج من درعا الى القامشلي، ومن البوكمال على الحدود العراقية الى الساحل السوري، لكن ليس بأعداد ضخمةquot;.

واضاف ان هذا التراجع يفسر بالاعتقالات الكبيرة، وخصوصًا بين الذين يحركون الاحتجاجات وتطويق البلدات بشكل منهجي. وتقول الامم المتحدة ان 2700 شخص قتلوا واعتقل حوالى عشرة آلاف او فقدوا منذ بدء الحركة الاحتجاجية في 15 آذار/مارس.

وبلغت التظاهرات أوجها في نهاية تموز/يوليو، قبل ان يتمكن الجيش من استعادة السيطرة على حماه (شمال) ودير الزور (شرق).

وقال عبد الرحمن ان مدينتي quot;دير الزور وحماه كانتا قد وصلتا الى مرحلة الخروج عن سيطرة الدولةquot;، موضحًا ان quot;مئات الآلاف كانوا يتجمعون فيهما في تظاهرات الجمعة، واليوم ليسوا سوى بضعة آلاف في دير الزورquot;. وقال الخبير في الشؤون السورية توماس بيريه ان quot;استراتيجية اللاعنف يمكن ان تثمر اذا تحفظ جزء كبير من الجيش على اطلاق النار على مدنيينquot;.

افراد من الجيش السوري يعذبون الشيخ لؤي العامر ويجبرون على قول عبارات الولاء للأسد

واضاف ان quot;الوضع ليس كذلك في سوريا ويمكننا التفكير بأن المعارضة لن تتمكن من ازاحة النظام بشكل سلميquot;.

وتابع هذا المحاضر في جامعة ادنبره quot;يبدو اننا دخلنا مرحلة ثانية هي حرب الاستنزاف. فمن جهة التظاهرات مستمرة، وان بحجم اقل، ومن جهة اخرى (...) جنود فارون ومتظاهرون مسلحون يسيطرون على بلدات او احياءquot;.

واضاف ان هذا الوضع quot;سيشكل اختبارًا جديدًا لتماسك الجيشquot;. ويشاطره عدد من الدبلوماسيين الغربيين في دمشق وجهة النظر هذه. وقال احدهم طالبًا عدم كشف هويته ان quot;عدد المتظاهرين تراجع، لكن اذا استمر القمع فسيكون من الصعب اكثر فاكثر على القائمين على التحرك السلمي اقناع الجناح المتشدد في حركة الاحتجاج بالامتناع عن اللجوء الى السلاحquot;.

واعترف عمر ادلبي الناطق باسم اتحاد التنسيقيات الثورة السورية، الذي يحرك الاحتجاجات على الارض، بأن التظاهرات تراجعت، لكنه قال ان الامر ناجم من تكتيك. واكد ادلبي لفرانس برس quot;بالتأكيد لم تخف التظاهرات، بل قمنا بتخفيف كثافتها وعددها في اليوم الواحد في الاماكن التي تشهد قمعًا عنيفًا من النظام وأعدنا انتشارها في اماكن اخرىquot;.

واضاف quot;نعتمد إعادة توزيع لاماكن التظاهر في ظل حالة معقدة، حيث يحتل الجيش السوري كل المناطق، وهذا بالتأكيد يعوق التظاهرات، إضافة الى عشرات الآلاف من المعتقلين في الفترة الماضيةquot;. وتابع quot;لكن الحراك يمضي، ويدل على عزيمة واصرار الشعب على تحقيق اهداف الثورةquot;.

ومع تمسكه بسلمية الحركات، قال ادلبي ان quot;تأخر المجتمع الدولي في حسم موقفه نهائيًا ربما يكون عامل انحراف الثورة عن خطها السلميquot;. واكد ادلبي quot;بالطبع نحمل النظام مسؤولية ذلك، لأنه يستخدم اشد انواع القمع، ونؤكد ان كل التظاهرات ظلت محافظة على طابعها السلميquot;.

ويريد الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة فرض عقوبات على النظام السوري في مجلس الامن الدولي، بينما تعارض روسيا والصين ذلك. وفي جانب السلطة في دمشق، يتحدثون ببعض الارتياح عن تراجع حجم التظاهرات، ويشددون على خطورة quot;العصابات المسلحةquot;.

واكد خالد الاحمد المستشار السوري القريب من دوائر السلطة quot;الجمعة الماضي كان هناك 25 او ثلاثين الف متظاهر على الاكثر في انحاء سوريا كافة،اي اقل بعشر مرات مما سجل في آب/اغسطسquot;. واضاف ان quot;الحركة (الاحتجاجية) لم تنته بالتأكيد، لكنها تنحسر لأن المتظاهرين ادركوا ان النظام لم ينهار مثل قصر من ورق خلافًا لتونس ومصرquot;.

وتابع ان الخطر الحقيقي يتمثل في quot;وجود اربعة آلاف سلفي مسلحين في جبل الزاوية (شمال غرب) المنطقة الوعرة، والفين آخرين يختبئون في حمص (وسط)، حيث يحتاج الامر معارك شوارع مكلفة جدًا بالارواح البشرية لطردهمquot;. واكد ان quot;هؤلاء المتمردين لا يفهمون سوى لغة السلاحquot;.