الساعة في هذه الصورة هي 11 ليلاً

في ظاهرة لافتة، يقل وجودها في معظم بلدان العالم التي يتواجد فيها المسلمون، يضطر الصائمون الذين يعيشون في شمال الدول الإسكندنافية، الى الصيام أكثر من 21 ساعة في اليوم، بسبب طول ساعات النهار، في الصيف. ورغم أن تحديد ساعات الصيام في هذه المناطق، مازال موضع جدل في أوساط المراجع الشرعية الإسلامية، إلا أن واقع الحال هذا، يُرهق الصائمين في شهر رمضان، بانتظار التوصل الى حل لهذه المشكلة النادرة.


ستوكهولم: بالنسبة الى محمد عز الدين ( 54 عامًا ) الذي يعيش في مدينة لوليو، فإن الإلتزام بساعات الصيام، لا يقبل النقاش عنده وعند عائلته، حتى quot; وإن كان أكثر من 23 ساعة في اليومquot;، كما يقول مازحاً لـ quot;إيلافquot;.

لكنه يستدرك قائلاً: quot;في الحقيقة سيكون رمضان هذا العام قاسياً علينا، لكن الصيام فيه، فريضة شرعية لا تتحمل النقاش، نأمل من القيادات الإسلامية، والمراجع الشرعية، أن تُعيد النقاش في هذا الموضوع، لعلهم يتوصلون الى حل شرعي، يلتزم تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وفي الوقت نفسه، يساهم في تخفيف الضغط على المسلمين الصائمين شهر التقوى والإحسان في هذه البلاد التي وجدنا أنفسنا فيهاquot;.

ويعيش آلاف من المسلمين المهاجرين في عدة مدن تقع ضمن دائرة القطب الشمالي، حيث تبقى الشمس فيها لعدة أشهر مشرقة في الصيف، وإن بدرجات متفاوتة.

وتنقل الإذاعة السويدية عن إمام مسجد مدينة quot;Lulearing;quot; السويدية الشيخ محمد أميري القول: quot;إن الكثير من الصائمين يعتبرون هذا الإختلاف مشكلة كبيرة، لذلك يطلبون منّا تنبيههم بمواعيد الإفطار والإمساكquot;. ويضيف: quot;الصائمون في مدينة لوليو، إذا اعتمدوا على مواعيد شروق الشمس وغروبها، سيبقون صائمين أكثر من 21 ساعة في كل يومquot;.

وأمام هذه المعضلة الطبيعية، يلجأ الكثير من الصائمين الى التقيد بمواعيد الإمساك والإفطار وفق مدينة ستوكهولم، التي تغيب فيها الشمس، أطول نسبياً من مدن الشمال.

مصلون في مسجد في السويد

ويقول سامان بختيار ( 49 عاماً ) لـ quot;إيلافquot; : quot;حلّ رمضان العام الماضي في آب، فكانت مشكلة الشمس، أخف من هذه السنة، لكن الكثير من الصائمين يتبعون الآن أوقات مدينة ستوكهولم، فليس من الطبيعي أن يصوم الإنسان لمدة شهر، 22 ساعة في اليومquot;.
أما سميرة الربيعي (32 عاماً) تعتقد أن quot;الهدف من الصيام كما جاء في تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، هو إظهار الشعور والتضامن مع الفقير، والتقرب من الله، وليس التقيد الحرفي بتقاليد ربما يمكن التعاطي معها بمرونة أكبر، خصوصاً أن المسلمين هم حديثو العهد بالعيش في أقاصي القطب الشماليquot;.

فتوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بخصوص الصيام

وكان المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الإسلامية، قد أصدر فتوى تحت الرقم 7 / 20، حول اختلاف ساعات الصيام في البلدان ذات خطوط العرض العالية.

ودرس المجلس مسألة اختلاف ساعات الصيام في البلدان ذات خطوط العرض العالية، حيث تطول ساعات الصيام إلى حد مفرط قد تصل إلى ما يقرب من ثلاث وعشرين ساعة.
ونظر المجلس في quot;أن يخصص لهذه البلدان ساعات من الصيام تعادل ما يصومه أهل مكة، ثم يفطر الصائمون من أهل هذه البلدان بعد انتهاء الوقت المحدد، حتى ولو كانت الشمس ساطعةquot;. أو quot;أن يخصص لهذه البلدان ساعات من الصيام تعادل ساعات الصيام في أقصى ما وصل إليه سلطان المسلمين في فتوحاتهم الإسلاميةquot;.

لكن المجلس صرف النظر عن هذين الرأيين quot;لانعدام الدليل في مشروعيتهما ولمخالفتهما للأوقات المحددة للصيام من الفجر حتى غروب الشمسquot; بحسب نص الفتوى التي نشرها إتحاد الجمعيات الإسلامية في السويدquot;.

ورأى المجلس quot; أن يأخذ بما ذهب إليه قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي رقم (3) حول أوقات الصلوات والصيام في البلدان ذات خطوط العرض العالية الدرجات، المتخذ في الدورة الخامسة للمجلس بتاريخ 10 ربيع الثاني 1402 هـ الموافق لـ 4 شباط/ فبراير 1982 م quot;.

وينص قرار المجمع الفقهي على أن quot;المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم من الليل، وكان مجموع زمانهما 24 ساعة. ويحلُّ لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيراً، فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد: وقد قال الله تعالى: quot; وَكُلٌوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبيَّنَ لَكُمُ الخيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخيْطِ الأسْوَدِ منَ الفجْرِ، ثمَّ أتِمُّوا الصّيَامَ إلى الليْلِ quot; [ سورة البقرة: الآية 178 ]quot;.

شمس منتصف الليل في السويد

ويوضح القرار الموقف الشرعي من quot;مَن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله أو علم بالأمارات والتجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنّه أن الصوم يُفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكّنَ فيه من القضاء. قال تعالى: quot; فَمنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَريضَاً أو على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ منْ أيّامٍ أُخَرَ quot; [ سورة البقرة: الآية 185 ]. وقال تعالى: quot; لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إلا وُسْعَهَا quot; [ سورة البقرة: الآية 286]، وقال تعالى: quot; وَمَا جَعَلَ عليْكُمْ في الدِّينِ منْ حَرَجٍ quot; [ سور الحج: الآية 78 ].quot;
ويرى المجلس أن المشقة التي تؤدي إلى عجز أصحاب المهن عن القيام بعملهم تجيز لهم الفطر.

كما يرى أن هناك توسعاً في تحديد بداية الإمساك وبخاصة أن علامة الفجر الصادق مفقودة في هذه البلدان في أوقات معينة من السنة، فقد يكون في هذا تخفيف للمشقة الواقعة على المسلمين في تحديد أوقات صيامهم.

ويوصي المجلس بأن تفصّل الفتوى بحسب أحوال المسلمين في أوروبا من ناحية الأعمال والوظائف والمهن وأثر طول الصيام على ذلك، وأثرها على حدوث المشقة للصائم.
كما يوصي المجلس بأن يتجه المسلمون في هذه البلدان إلى سؤال أهل الفتوى في بلدانهم عن مقدار المشقة المبيحة للإفطار بسبب طول النهار .