تطفو على السطح في مصر بوادر احتكاكات بين السنة والشيعة في مصر، في وقت يخشى فيه السنة من محاولات التقارب الإيراني مع القاهرة، محذرين من مخططات طهران ذات الغالبية الشيعية.

القاهرة: بدأت تتزايد حدة الاحتكاكات بين السنة والشيعة في مصر، في ظل تخوف أهل السنة ( الذين يشكلون الأغلبية في مصر ) من زحف التشيّع إليهم، في ظل ما يرونه تقارباً دبلوماسياً متنامياً على صعيد العلاقات بين مصر وإيران خلال الآونة الأخيرة.
ومنذ اندلاع الثورة، وعداء السنة في مصر تجاه الشيعة بدأ يتزايد ويخرج للعلن في بلد نادراً ما كان يتم التحدث فيه عن وجود خلافات عقائدية بين الطائفتين الإسلاميتين.
كما بدأ يقل التسامح، مقارنةً بما كان في الماضي، لدى مؤسسة الأزهر، التي تعتبر منبراً للتعلم السني، وحيث يتم تدريس الفقه الشيعي كجزء من المنهج الدراسي هناك.
وقال أحد العلماء في الأزهر quot; لا يمكنك أن تثق بالشيعة بسبب التقيةquot;، وذلك في إشارة من جانبه إلى تلك الممارسة التي يسمح بها في الإسلام الشيعي والتي يقوم فيها الأتباع الشيعة بإنكار أو حتى طمس معتقداتهم الدينية إن شعروا أنهم مهددون بالاضطهاد.
وهي الممارسة التي رأت صحيفة هفنغتون بوست الأميركية أنها تحظى بأهمية خاصة من الجانب التاريخي، لأن الشيعة يعيشون في كثير من الأحيان باعتبارهم أقليات في مجتمعات تقطنها أغلبية سنية، كما هو الحال في مصر وجزء كبير من العالم العربي.
ثم نوهت الصحيفة بأن الحكومة المصرية إبان فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك كانت تتعامل مع إيران باعتبارها عدوة لها نظراً لأسباب مختلفة. لكن ومنذ قدوم الرئيس محمد مرسي للسلطة، بدأت تنظر إيران إلى الرئاسة الإسلامية باعتبارها فرصة لتتجاهل من خلالها جزءًا كبيراً من الانتقادات من جانب إسلاميي مصر.
لكن الحقيقة بدت شيئا مختلفا: فبدلاً من تعزيز التضامن الإسلامي، اُستُغِل تنامي مختلف فروع الحركة الإسلامية في مصر لمواجهة إيران لأسباب سياسية ودينية.
ومضت الصحيفة لتنقل عن مستشار سياسي للمرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح الذي خسر أمام مرسي قوله quot; إيران دولة دينية. لكننا نحن الإسلاميين داخل وخارج جماعة الإخوان لا نريد تفسيراً إسلامياً لكي نكون جزءًا من الشريعة لأن إيران نموذج سيئ. لكن بعض السلفيين يريدون ذلك. والمفارقة أن السلفيين يكرهون الشيعة بسبب دولتهم الدينية، لكن هذا ما يريده بعض السلفيين هنا في مصرquot;.
وسبق أن تظاهر ما يقرب من 10 آلاف سلفي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي من أجل المطالبة بتطبيق الشريعة في مصر. كما أثير نقاش محتدم بين الإسلاميين والعلمانيين بخصوص دور الدين في الدولة في الدستور الذي تم وضعه عقب الثورة.
وجدير بالذكر أن الانتفاضات التي حصلت في عدد من الدول العربية مؤخراً جاءت لتكشف عن وجود عداء طائفي، كان في حالة تصاعد، لكن كان يتم احتواؤه تحت حكم الأنظمة القمعية التي لم تكن تبدي تسامحاً تجاه حرية التعبير. هذا إلى جانب مساهمة الانتفاضات في تكثيف الهويات، سواء كانت بخصوص الدين أو الجنس أو العرق.
لكن الصحيفة لم تغفل حقيقة أن بعض علماء الدين السنة كانوا يمهدون الساحة لصراع طائفي حتى قبل اندلاع تلك الانتفاضات الأخيرة. ودللت الصحيفة على ذلك بالتحذير الذي أطلقه الشيخ يوسف القرضاوي ما أسماها quot;الموجة الشيعيةquot; في العالم السني.
وبينما دعا رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، خلال زيارة قام بها أواخر الشهر الماضي للهند، الدول الإسلامية بالانتباه لتلك المؤامرة التي تحاك من قبل الأعداء ( الغرب ) من أجل تفريقهم، فإن الزيارة التي قام بها نجاد للقاهرة مطلع الشهر الماضي أيضاً لم تمر مرور الكرام، حيث نالت العديد من الانتقادات، ويكفي أنه لم يُقذَف فحسب بالحذاء من قبل أحد الأشخاص الغاضبين من دعم إيران للرئيس الأسد، بل إن هذا الشخص صرخ أيضاً في وجهه قائلاً quot;أنت تذبح شعبنا (أهل السنة)quot;.
كما تعرض نجاد لانتقادات من قبل علماء الأزهر خلال تلك الزيارة، حيث اتهم أحد مساعدي شيخ الأزهر في مؤتمر صحافي الشيعة (إشارة واضحة لإيران ) بالتدخل في شؤون البلاد العربية، بما فيها مصر والبحرين، وانتهاك حقوق الأقلية السنية في إيران.