في حديثه الأخير، بدا الرئيس السوري بشار الأسد واثقًا يوحي بأنه ممسك فعلًا بزمام الأمور، وانتقده الكثيرون لأنه تكلم وكأنّ الأحداث في سوريا تجري على كوكب آخر.


بيروت: يرى الكاتب والمحلل السياسي عادل مالك في حديثه لـquot;إيلافquot; أنه من منطلق تحليلي لخطاب بشار الاسد الاخير، بدا الاسد وكأنّه يعتقد أو يوحي بأنه واثق من نفسه يتحدث وكأنّه يعرف الى اين تسير الامور واعطى انطباعًا أن كل ما حدث في سوريا لم ينل من قناعاته المتمسك بها، وقدّم نوعًا من quot;التحليلquot; السياسي للوضع في سوريا، باعتبار أن التجارب علّمته الكثير عما يحصل في سوريا، في المقابل يتكىء الاسد الى لهجة وهي انعكاس للوضع اللوجستي العسكري على الارض.

هذه المقابلة بالتوقيت الذي تمت فيه، تعطي انطباعًا بأنه يسعى جهده بأن يترجم تبدلاً ما على الوضع اللوجستي بالنسبة لجيش سوريا النظامي.

من جهة أخرى، اعطى الاسد انطباعًا أن من يقرر مصيره هو الشعب السوري، وغير مسموح برأيه أن يضع أي أحد حدًا لحكمه الآن أو بعد غد.

وهناك مفارقة عجيبة يضيف مالك، اذ كان يتحدث وكأن احداث سوريا تجري في كوكب آخر، بمعنى يتحدث وكأنّ الوضع يكون من خلال تحليل عادي في بلد سالم، في حين أن العمليات العسكرية الكل يشاهدها على التلفزيون، بالامس قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية، بالفم الملآن إن الكلام الاخير لدى روسيا يشير الى أنه لا يمكن إقالة بشار الاسدأو الاستغناء عنه بل سيكون الحل السياسي عبره.

وهذا ربما ما اعطى هذه القوة التي بدت في هدوء خطاب الاسد، مع انكفاء الزخم الاوروبي الاميركي الذي لم يعد يشكل ضغوطًا على الاسد، واستفاد الرجل من الموضوع للظهور بمظهر الهادىء والواثق من نفسه.

وقدّم ايمن الظواهري والقاعدة وكل الفئات التي تهتم بالفكر الجهادي، خدمة جديدة وكبيرة للاسد عندما اعلنوا عن تضامنهم بوجهه، وهذا يعطيه قوة زخم جديدة، تجاه العالم الخارجي.

وقد استفاد النظام السوري من عرقنة العراق وطوّر الامر على اساس أنه يشكل قوة جديدة للاسد اذا ما اصر الغرب على مغادرته المسرح.

ثقة لاضعاف المعارضة

وعن الثقة التي ربما تكون مفتعلة من قبل الاسد في خطابه، يرى مالك أنه وظّفها في جزء من معركته لاعطاء الانطباع بأنه غير مرتبك، والاحداث التي تجري على بعد كيلومترات بسيطة وكأن الامر لا يعنيه مباشرة بغض النظر اذا ما كان الحق معه أم لا، غير أن الاسد يستعمل كل العناصر التي تدعم موقفه للبقاء، والتعاطي مع المعارضة بكل اسلحته.

وهو يعتقد أن كلاً من روسيا والصين قدمتا خدمة جديدة لتمكينه حتى هذه اللحظة من عدم تخليه عن السلطة، وهذا خلط الاوراق بالنسبة له.

عن السيناريو المحتمل في سوريا يرى مالك أن الحل لن يكون بهذه السرعة، ولا يجب أن ننسى اننا دخلنا السنة الثالثة لما يجري في سوريا، وستطول الحروب الاهلية، مع كرّ وفرّ، بعض المرات المعارضة تحقق انتصارًا، وفي اوقات اخرى يتعقب النظام مجموعات المعارضة، وفي المستقبل مع الاقرار بأن عامل المفاجأة وارد في اي وقت، خطة الاسد هي التالية بكلمتين : الصمود حتى اللحظة الاخيرة ثم يأتي العام 2014 وهو الموعد الطبيعي لانتهاء ولايته فيتقدم الى انتخابات مع غيره ويحتكم الى الرأي العام في سوريا. وهو قال اكثر من مرة إنه لا يريد للخارج أن يقرر مصيره.

ويقول مالك رغم ذلك:quot; لا يمكن تصوّر قيام حكم عادي يخلف بشار الاسدquot;.ومخاطر تقسيم سوريا اكثر من أي وقت مضى. وانتقال الفوضى اليوم قد يكون في الجوار السوري واكثر تحديدًا لبنان والاردن.