بعد ويلات الحربين العالمتين الأولى والثانية. بدأت اول فكرة إيجابية في القارة الممزقه هدفها الأول والأساسي، تفادي نشوب أية حروب بين دول اوروبا، من خلال الربط الجغرافي بين الدول وترابط مواطني هذه القارة ببعضهم البعض، عن طريق رخاء إقتصادي مأمول يعم الجميع ويضمن الإستقرار السياسي. بدأ الإتحاد بمجموعة قليلة من الدول. ولكن الرخاء الإقتصادي وتوسع الرقعة الجغرافية الذي ساهم في زيادة فرص العمل، توافق مع احلام الدول الأوروبية الأخرى في الإنضمام للإتحاد. تأكد هذا الحلم بالتوقيع على السوق الأوروبية المشتركة عام،1975 والتي وقعت عليها بريطانيا آنذاك.. ولكن الأهم كان عام 1992 حين وقّعت الدول الأعضاء على الإتفاقية الأولى من نوعها المعروفة بإتفاقية ماسترخت والتي تبنت فيها 19 دولة من 28 من الأعضاء حاليا سوق موحد وعملة واحدة وسياسة زراعية وسياسة صيد مشتركة وموحدة.&
العائد الإقتصادي، من زيادة فرص العمل بتوسيع الرقعة الجغرافية والتجارة الحرة والسياحة السهلة، نظرا لعدم وجود تاشيرات دخول بين الدول الأعضاء. هو الحلم والأمل الذي يراود دول مثل تركيا والمغرب في قبول عضويتهم يوما ما في هذا الإتحاد..
سهولة التنقل بين دول الإتحاد إضافة إلى التطلع والأمل في حياة أفضل هو ما دفع المهاجرين من مناطق النزاع في العديد من دول العالم للهجرة إلى الإتحاد الأوروبي إضافة إلى المهاجرين من الدول الأعضاء الأقل في مستواهم الإقتصادي، بحيث أصبح ملف الهجرة ذاتها وما يترتب عليها من نتائج هو ما يعصف بالإتحاد الآن وقد يقتلعه من جذوره. حيث إقتنعت بعض الدول الأعضاء بالتخلي عن الفكرة بحد ذاتها !! ويطالب البعض الآخر بإصلاحات جذرية شرطا لبقائه في الإتحاد.
&
هذا التخوف ليس موجها للقادمين من مناطق النزاع والحروب العربيه فقط بل تشمل أيضا الخوف من اللاجئين القادمين من دول الإتحاد أيضا..&
&
ما يهمني في هذا البحث هو الموقف البريطاني من الهجرة ومدى تأثر المواطن البريطاني بهذا الملف الذي سيكون الإساس الذي سيبني عليه خياره في الإستفتاء الشعبي المزمع إقامته يوم 23 – 6 والذي وبناء عليه سيكون قرار الحكومة البريطانية في البقاء في الإتحاد أم الخروج منه ؟؟؟؟&
&
بداية علينا القول بانه وحسب دراسة قامت بها جامعة «لندن سكوول أوف إيكونوميكس» أن عدد المهاجرين غير الشرعيين في بريطانيا يزيد على 863 ألف مهاجر في المملكة المتحدة، إضافة إلى 200 الف مهاجر دخل بريطانيا سنويا بطرق شرعية خلال فترة حكم حزب العمال.&
&
أسباب خوف المواطن البريطاني من الهجرة عموما&
&
1- العبء المادي الذي يشكله هذا العدد على الخدمات العامة كالصحة والتعليم والبالغ 3،67 مليارات جنيه إسترليني سنويًّا. إضافة إلى مبلغ 350 مليون تدفعه الحكومة البريطانية أسبوعيا عضوية للإتحاد.&
2- يرى ثلاثة من كل أربعة منهم أن بريطانيا تواجه أزمة سكن بسبب المهاجرين
3- 50% من البريطانيين متشائمون بشأن انتعاش اقتصادهم،
4- الخوف العام من القادمين الجدد وأن 30% من البريطانيين حمّلوا قضية الهجرة السبب الرئيسي لأجواء التوتر التي يواجهها المجتمع البريطاني بأسره،
هذه الإحصاءات تؤكد بان الخوف من الهجرة بما يتضمن العامل الأمني، والعبء المالي سيكون على قمة قرار المواطن البريطاني سواء كان هذا المهاجر عربيا ام من أصول أوروبية وهنا تواجه الحكومة البريطانية مشكلتين&
- حق مواطني دول الإتحاد في الهجرة والتنقل والعمل خاصة من رومانيا وبلغاريا الدولتين الحديثتين في الإنضمام للإتحاد ( قبل 6 سنوات ) ويشكل قدومهم خطرا على سوق العمل نظرا لقبولهم بأجور اقل من العامل البريطاني وكثرة عددهم.&
ولكن ما يقلق المواطن البريطاني إضافة إلى العبء المادي الخطر الأمني القادم من هجرة المسلمين المتدفقة من دول النزاع في الشرق الأوسط. خاصة مع مواجهته تجربة مواطنيه المسلمون من باكستان وغيرها والتي أثبتت التقارير
- إنعزالهم ورفضهم الإندماج..&
- تزايد أعداد المحاكم الشرعية التي ترفض الإعتراف بحقوق المراة و’تمثل خطرا على مبدأ المواطنة والمساواة، بما يودي إلى العمل بقانونين و’يرسّخ لعدم المساواة.&
- تزايد أعداد المدارس الإسلامية&
- إضافة إلى وجود جهاديين من مواطني الجالية المسلمة في داعش !!!!&
&
وهو الأمر الذي دعا كاميرون لإستباق الضغط من الإتحاد حين قرر السفر إلى مخيمات اللاجئين في عمان.. وإقراراه قبول بريطانيا بهجرة شرعية لعدد 20 ألف فقط.. تفاديا للإحراج من الدول الأوروبية في التساؤل لماذا لا تأخذ بريطانيا بنصيبها من المهاجرين كعضوة في الإتحاد ؟؟&
&
كلها دفعت برئيس الوزراء البريطاني إلى فرض قيود صارمة على المهاجرين. أولهم القادمين من أوروبا..&
&
- شرط حصول القادم الجديد على عرض عمل قبل إنتقاله و&
- ستة أشهر حدًا أقصى لتلقي الوافدين الجدد (بمن فيهم مواطنو الاتحاد الأوروبي) إعانات الدولة بعد دخولهم البلاد. بعدها ’تقطع عنه هذه المعونات إن لم يجد عملآ الشرط الذي يقتصر على القادمين الأوروبيين&
- إلزامه بدفع ضرائب للدولة بعدها.
- إجبار مالكي العقارات على التحقق من حصول مستأجري عقاراتهم على الأوراق الثبوتية الشرعية للإقامة.
- منع المقيمين بصورة غير شرعية من فتح حسابات مصرفية.&
- عدم إستثناء المهاجرين المقيمين بشكل شرعي مؤقتًا، كالطلاب مثلاً من دفع مبالغ معينة لنظام التأمين الصحي.&
لكل من هذه الأسباب السابقة والتدابير أصر رئيس الوزراء البريطاني على إقرار الدول الأعضاء بمنح بلاده وضعا خاصا داخل الإتحاد بشروط
- ان لا تدفع بريطانيا أية نفقات رعاية إجتماعية للمهاجرين من دول الإتحاد لمدة 7 سنوات&
- وضع قيود على المعونات التي تمنحها لأبناء المهاجرين الموجودين حاليا إبتداء من عام 2020&
- - التمسك بالعملة المحلية ( الجنيه الإسترليني ) مع الإحتفاظ بالتمتع بمزايا اليورو - &ألا تترتب على الحكومة البريطانية أية إلتزامات مادية لدعم الدول الأوروبية المنهاره أقتصاديا ( اليونان وإسبانيا )&
- - حق الحكومة البريطانية القيام بأي إجراءات أمنية لحمايتها بدون الرجوع إلى الإتحاد.&
&
المشكلة التي تواجهها بريطانيا والدول الأوروبية أكبر بكثير من مجرد بقاء او خروج بريطانيا من الإتحاد. وهي ذات المشكلة التي تواجهها دول العالم كله. وهي مشكلة التفاوت الإقتصادي الكبير بين الدول الغنية والدول الفقيرة. وهو ما سيدفع الكثير من شعوب الدول الفقيرة إلى الهجرة إلى الدول الغنية عاجلآ أم آجلآ. وهو ذات الأمر الذي تواجهه اميركا الآن من هجرة المكسيكيين.. السؤال الخطر الذي لا تعرف أي من هذه الدول الإجابة عليه إضافة إلى الخطر الأمني. هو ما هو الأفيد لمصلحة مواطنيها. هل هو العودة إلى حدود الدولة الوطنية وهو ما يقتضي إعادة عقارب الزمن.. أم تعميم الرخاء الإقتصادي ولو بنسب معقولة حتى تضمن عدم الهجرة إليها. ولكن يبقى السؤال الآخر.. كيفية التعامل مع المهاجرين من مناطق النزاعات والتي كان لها يد في إشعالها. كيف ستتعامل مع هذا القادم الجديد، والذي يحمل البعض منه كل مقومات العنف. المتمثلة في إختلاف الثقافة. الحقد الكامن من جراء إيمانه بنظرية المؤامرة ويد هذه الدول في تدمير بلاده مهما حملت من إثباتات عكسيه..&
فالتاريخ الإستعماري لا يزال يقبع في وجدانه..&
وعليه يواجه المواطن البريطاني أكبر قرار سيتخذه يوم الإستفتاء القرار الذي سيتحمل تبعاته أبناؤه والأجيال القادمة.&
&الحفاظ على الإتحاد وعدم إنهياره والعودة إلى الحدود القومية. أم البقاء في الإتحاد وإدارة أزمة الهجره ؟؟؟&
28 عضوا في الإتحاد أجمعوا على الموافقة على الشروط البريطانية.
لما لوجود بريطانيا من وزن دولي خاصة بعلاقاتها المتينة مع دول الناتو وأستراليا.
ترى هل سيقتنع المواطن البريطاني بالبقاء في الإتحاد وإبقاء أبوابها شبه مفتوحه للمهاجرين ؟؟؟&
أم التصويت على الخروج من الإتحاد والذي يؤكد كاميرون و الكثير من النواب، بدخول إقتصاد البلاد في المجهول. خاصة في سوق العمل والتفاوض التجاري وبدء إتفاقات جديده. والأهم انه قد يعيد عقارب الزمن إلى تاريخ أسود قاست فيه أوروبا القتل والمجاعة والتشريد تاريخ يتمنى الكثير من كبار السن دفنه بلا رجعه.. ولا يعرفة الجيل الجديد الذي يتمتع بما أتاحه له الإتحاد من حريات في التنقل والرفاه الإقتصادي والحياة الجديده..
&قرار الناخب سيكون الحازم في ذلك.. وأنا كمواطنة أتمنى ان لا ندخل في المجهول وأن ’يحكّم المواطن البريطاني ضميره فربما فتح أبوابة للهاربين من الحروب من المنطقة ينسيهم شيئا من التاريخ الإستعماري وبدء صفحة جديدة يتعاون فيها كل الأطراف في الحماية من التطرف ومن الحروب !!!
&