إقدام السلطات السورية على اعتقال الدكتورة تهامة معروف الأحد الماضي (7/2) في مدينة حلب على خلفية الحكم الصادر بحقها عام 1995.
إن الدكتورة تهامة معروف اعتقلت أول الأمر في 30 كانون ثاني (يناير) عام 1992 على خلفية انتمائها لحزب العمل الشيوعي ثم أخلي سبيلها في آذار (مارس) من العام 1993 قبل أن تصدر المحكمة بحقها حكما بالسجن لمدة 6 أعوام في 5 من كانون ثاني (يناير) عام 1995، وقد ظلت تعمل طيلة هذه الفترة طبيبة للأسنان وهي أم لطفلين حتى تم اعتقالها فجأة يوم الأحد الماضي دون سابق إنذار. وهذا اعتقال يشبه الطرفة، لان هنالك من قال أنه تم لكيquot; تنفذ الحكم الصادر عام 1995 رغم ان هناك قانون سوري، حيث يموت الحكم بالتقادم بعد خمسة عشر عاما!! وخاصة ان محاكمة تهامة، بدات أمام محكمة أمن الدولة العليا في دمشق، عام 1992 أي منذ ثمانية عشر عاما!!

علق لي أحد الأصدقاء في الإيميل الذي أرسله لي ليخبرني، لأنه يعرف أنني كنت قد اعتقلت أيضا في مدينة حلب. علق في رسالته، لكي يؤنبني على موقفي السياسي quot; هذا الاعتقال هو لاستقبال السفير الأمريكي الجديد في دمشق، الذي أرسله باراك اوباما برعاية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي ضمن في سجله السياسي محطتين بارزتين: الأولى استقبال الرئيس بشار الأسد في عيد الثورة الفرنسية قبل عامين.


إن اعتقال تهامة معروف، يعبر عن حالة فريدة ليس في العالم العربي فقط، بل في كل دول العالم. إنه يشبه الطرفة المأساوية، ويؤكد على استهتار أجهزة النظام بكل الأعراف والتقاليد القانونية والدستورية.


في الواقع لا أعرف هل أكتب عن تاريخ معرفتي بتهامة، وهي معرفة كبيرة وقديمة رغم أننا لم نلتقي ولا مرة واحدة! ولكنها كانت شعلة ذكاء وحيوية ونشاط، رغم انها تدرس طب الأسنان، وهذه كلية بحاجة إلى وقت ودراسة أكثر من باقي الكليات. وأصبحت طبيبة أسنان ناجحة.


أليس هذا الاعتقال، تعبيرا عن ارتياح النظام من جراء الانفتاح الدولي؟ لأنه اعتقال تذكيري لا أكثر ولا أقل، تذكير بأن هذا النظام لن يتغير ولن يصلح، وهو لازال على ثوابته التي بني عليها منذ ولادته 1970 وهي أنه يتصرف أحيانا باعتباطية، كما يمكن أن يخيل لبعضنا، نتيجة لأن سلوكه عصي على التفسير، ونتيجة لأن القرار الأمني والسياسي يطبخ بعيدا عن أية مؤسسات، أو مؤسسية من أي نوع كان! وكأننا لسنا أمام دولة أو سلطة تقليدية حتى، ولهذا حاول العديد من الكتاب السوريين الكتابة والإجابة عن سؤالquot; كيف تؤخذ القرارات الأمنية والسياسية في سورية؟ ودون فائدة تذكر، لم نستطع حتى الآن تقديم إجابات شافية ولو بالحد الأدنى!


لهذا يستغرب كثر كيف تصاغ السياسة السورية، لهذا تأتي القرارات لتبدو أنها اعتباطية وإن كان فيها شيئ من ذلك لكنها عموما ليست اعتباطية وليست مجانية أبدا.
ربما تخرج تهامة قريبا وهذا ما نتمناه، ولكن لماذا اعتقلت في هذا الوقت بالذات؟ وهي ليست ناشطة في إعلان دمشق، أو في أي حزب على حد علمي، فلماذا تعتقل إذن؟
أعتقد انها رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه المطالبة بالإصلاح السياسي للنظام. أكثر مما هي رسالة لمن يطالب بتغيير هذا النظام! نتمنى أن نسمع صوتا لعلمانيي سورية الذين دافعوا عن المفتي حسون لأنهم أكثر من يعرفوا أنهم لم يدافعوا عن المفتي أحمد بدر حسون بوصفه عالم دين متنور، إن كان هو كذلك! ولكنهم دافعوا عنه بوصفه أولا واخيرا رجل سلطة، ومعين بقرار منها، أرجو أن نسمع صوتهم في اعتقال الدكتورة تهامة معروف، تهامة معروف، ليست سنية لكي تحسب على المعارضة التي يهاجمها العلمانيون! بل هي من أبناء شعبنا من الطائفة العلوية!


تهامة قلبي معك ومع طفليك وعائلتك...هذا ما نستطيع فعله لأننا محاصرين بأنفسنا وبالعالم.

بروكسل..