أعرف مقدما حساسية هذا الموضوع بالنسبة لغالبية القراء، ولكن لا بد من طرحه بطريقة موضوعية تعتمد على التوثيق وليس التلفيق. فأية معلومة يمكن توثيقها لمصادرها الرسمية، من حق القارىء أن يناقش المصدر وليس الكاتب، فالكاتب مسؤول عن رأيه والمصدر مسؤول عما نسب إليه، خاصة عندما يكون هذا المصدر موثق بالصوت والصورة. فهل صحيح أنّ انتماء حزب الله الحقيقي يعود لنظام ولاية الفقيه الإيراني؟. من وجهة نظري الجواب هو: نعم. والأدلة التي سأوردها معتمدة على مصادر ووثائق الحزب نفسه، فهل هناك حزب يقول عن نفسه غير ما هو حقيقي، وغير ما هو مقتنع به ويمارسه نظرية وتطبيقا؟.

البيان التأسيسي للحزب

صدر البيان التأسيسي للحزب في السادس عشر من فبراير 1985، وقد ورد فيه حرفيا: (نحن أبناء أمة حزب الله نعتبر أنفسنا جزءا من أمة الإسلام في العالم، لإنّنا أبناء أمة حزب الله التي نصر طليعتها في إيران، وأسّست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم أوامر قيادة واحدة حكيمة عادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع الشرائط). وعاد ليؤكد ذلك الشيخ نعيم قاسم نائب السيد حسن نصر الله في كتابه quot; حزب الله: المنهج، التجربة، المستقبل quot; حيث قال حرفيا في ص 23 (الحزب يلتزم القيادة الشرعية للولي يالفقيه كخليفة للنبي وألأمة...وأمره ونهيه نافذانquot;. وربما قليلون من يعرفون أنّ إعلان الحزب في العام 1985، كان بإسم (حزب الثورة الإسلامية في لبنان، حزب الله). وهنا لا يمكن أن يناقش أحد أنّ المقصود هو التسمية التي أطلقها الإمام الخميني على إيران بعد تسلمه السلطة عام 1979 (الجمهورية الإسلامية في إيران)، وأعقب ذلم بما أطلق عليه (تصدير الثورة).

وتأكيد جديد واضح من السيد حسن نصر الله

وقد ورد ذلك في خطابه بتاريخ السادس والعشرين من مايو عام 2008 فيما أطلق عليه (عيد المقاومة والتحرير) إذ قال: (أنا اليوم أعلن وليس جديدا، أنا أفتخر أن أكون فردا في حزب ولاية الفقيه، الفقيه العادل، الفقيه العالم، الفقيه الحكيم، الفقيه الصادق، الفقيه المخلص). وبالطبع الكل يعرّف أنّه ليس هناك إجماع على نظرية (ولي الفقيه) داخل بيت الفكر الشيعي، ويعتبرون النظرية إعادة تصنيع خمينية للبقاء في السلطة هو ومن بعده من الملالبي إلى الأبد، وهاهو ملا يخلف ملا دون أي اعتبار للممارسات الديمقراطية وحقوق الشعب الإيراني في انتخاب ممثليه وحاكميه. والدليل على ذلك قمع المظاهرات المستمرة في إيران منذ ثلاثة سنوات بوحشية لا شبيه لها إلا ممارسات النظام الأسدي في سوريا الآن. هذا رغم أنّ مظاهرات إيران قادها ملالي في مرتبة خميني وخامئني مثل مير حسين موسوي ومهدي كروبي، فهل هذه الشخصيات الكبيرة وذات الشعبية في داخل إيران عميلة؟ أم أنها كانت وما زالت تهتف ضد الديكتاتورية وتطالب بالديمقراطية؟.

وهذا تأكيد سابق لذلك بالصوت والصورة للسيد حسن نصر الله، شاهدوا واسمعوا واحكموا بأنفسكم وعبر عقولكم كقراء ومتابعين:

وموقف الحزب المخزي من ثورة الشعب السوري

المفارقة المبكية هي أنّ حزب الله أصدر العديد من البيانات لدعم الانتفاضات أو الثورات في تونس وليبيا ومصر والبحرين، وخطابات تلفزيونية للسيد حسن نصر الله. وهذه مواقف يشكر عليها الحزب فلا بد لحزب يقول أنه رائد المقاومة والممانعة أن يدعم الشعوب التي لا مقاومة ولا ممانعة بدونها. وعندما اندلعت ثورة الشعب السوري ضد نظام الطاغية الأسد منذ مارس الماضي، لم يسكت حزب الله بل دعم الطاغية علانية عبر التأكيد أنّ خطواته وتوجهاته إصلاحية ديمقراطية يجب دعمها والثقة فيه وفيها.

وليس هذا فقط، ولكن لا ذكر في أدبيات وإعلام الحزب لما لا يقل عن ألفي قتيل سوري حتى اليوم برصاص النظام وعصاباته، الكثير منهم أطفال تمّ التمثيل بجثثهم. ولا ذكر لقرابة عشرين ألف لاجىء سوري هربوا لتركيا نجاة من رصاص ووحشية النظام. ولا ذكر لألاف المعتقلين منذ اندلاع الثورة. لماذا هذا الموقف المخزي من ثورة الشعب السوري. هل شعوب تونس ومصر واليمن والبحرين تستحق الحرية والديمقراطية، بينما الشعب السوري يستحق القتل الهمجي؟. لماذا ازدواجية المعايير والأخلاق هذه؟.

إنّه الارتباط بالموقف الرسمي الإيراني

نعم إنّ موقف (حزب الثورة الإسلامية في لبنان، حزب الله) هو نفس موقف ملالي (الجمهورية الإسلامية في إيران). فهولاء الملالي حاملو التوكيلات الإلهية أصدروا العديد من البيانات لدعم ثورة تونس وليبيا ومصر، وهدّدوا بالتدخل العسكري في البحرين، ولكنهّم سكتوا نهائيا عن ثورة الشعب السوري، وأصدروا العديد من المواقف لدعم النظام القاتل. وهناك معلومات مؤكدة أنّهم أرسلوا له خبراء في قمع المظاهرات، وقطع خدمات الانترنت ومراقبة الموبيلات لاعتقال من يتصل من خلالها بوسائل الإعلام العربية والعالمية، أو يصور المظاهرات ويوزع التصوير هذا.

إنّ موقف (حزب الثورة الإسلامية في لبنان، حزب الله) من ثورة الشعب السوري ودعمه العلني الصريح للطاغية الأسد، أسقط القناع الذي كان يتمّ تزيينه بكلمات المقاومة والممانعة عن وجه الحزب والنظام الإيراني ونظام الأسد. أية ممانعة ومقاومة تقبل أو تبرّرقتل الشعب السوري بهذه الطريقة الوحشية؟. أية مقاومة وممانعة تقبل دعم الطاغية الأسد و تدعم مراوغته طوال الشهور الماضية، وتسميها رغبة حقيقية في الإصلاحات؟.

أين موقف الحزب من تصريحات رامي مخلوف؟

هل سمع حزب الله بتصريحات رامي مخلوف التي قال فيه علنا في مايو الماضي لصحيفة أمريكية (لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إن لم يكن هناك استقرار في سوريا). هل هذا التصريح مقاومة وممانعة أم تذكير بأن نظام الأسود من الأسد الأب إلى الأسد الإبن لم يطلق رصاصة عبر الحدود مع الجولان منذ عام 1973 ؟. وفي الوقت نفسه طلب علني من إسرائيل أن تتدخل دوليا كي لا تصدر إدانات لممارسات النظام وعقوبات بحق شخوصه المتنفذين؟.

أعرف حجم الاستنفار الذي سيقوم به أنصار الحزب حملة التوكيلات الإلهية ومفاتيح الجنّة، ولكن ليتهم يمارسون طريقة الجدل القرآني (ادفع بالتي هي أحسن)، ويقدّموا حقائق نقيضة لما ذكرت..فكل ما قدمته يثبت أنه سقط القناع عن القناع، وبانت علنا ممارسات حزب الله الذي لا يخطو خطوة بدون أوامر الولي الفقيه في طهران....لذلك فممارساته صورة طبق الأصل من ممارسات نظام الملالي، كما حدث أيضا في اجتياح الحزب لبيروت الغربية في مايو 2008.
[email protected]