هل فعلا ما يحدث في سوريا تحرير أم شيء آخر لا علاقة له بآلام الشعب وآماله وثورته، التي اشك أنها سرقت أو تسرق الآن وليس كما حصل في مصر التي تمت سرقتها بعد سقوط النظام وباستخدام آليات يفترض أنها ديمقراطية؟

منذ أكثر من سنتين ونحن ننتظر ساعة بساعة انتصار انتفاضة السوريين، عربا وكوردا من اجل الحرية وإقامة البديل الديمقراطي باستخدام الأساليب المدنية المتحضرة في التظاهر والعصيان المدني، الذي لا يستخدم العنف إلا دفاعا عن الذات، وما يحصل الآن في كثير من المواقف لا يعطي ذلك الانطباع المتحضر للثورة أو الانتفاضة.

لقد شهدنا خلال الأشهر الماضية فضائع ذكرتنا بتلك التي نفذتها القاعدة في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين القرين لنظام الأسد في دمشق، حيث عم الخراب والدمار والذبح على خلفية ما يسمى بالمقاومة، التي ذبحت من العراقيين أضعاف ما قتلتهم من الأمريكان وغيرهم، بل واستباحت أعراضهم وأموالهم، حتى ظهر لدينا في العديد من المدن العراقية جيل دون آباء، كانوا من إنتاج أولئك المرتزقة الذين قدموا من كل دهاليز السادية والتخلف والانحراف في البلدان العربية، لكي يزرعوا انطافهم في أرحام طاهرة أخذت بالقوة والاغتصاب والتغرير على خلفية ما اخذ بالحياء أو الحيلة فقد كان باطلا؟

كل هؤلاء المنحرفين والمرتزقة كانوا يقدمون من وعبر سوريا وبرعاية وتسهيل من هذا النظام الحالي وأجهزته الأمنية والحزبية، بل إن أفواجا منهم كانت تتلقى تدريبات قبل دخولها الأراضي العراقية، وهي اليوم أي ذات تلك الأفواج القادمة من خارج ارض الشام ومن كل البلاد العربية تنفذ ذات البرنامج الذي نفذته على ارض الرافدين وبمسميات جهادية وعقائدية دينية لا صلة لها أبدا بثورة الشعب السوري ومكوناته وطبقاته.

إن ما يجري اليوم في سوريا وفي كثير من تفاصيله يثير شكوكا كثيرة حول علاقة النظام مع تلك الأفواج التي استخدمها طويلا من اجل إعاقة العراقيين من تنفيذ برنامجهم في تأسيس نظام ديمقراطي تعددي اتحادي متحضر، وهي تأتي متطابقة مع ما قام به نظام صدام حسين قبل سقوطه بأشهر في استقدام ذات الأفواج من الإرهابيين القادمين من خارج الحدود وتهيئتهم لتحويل العراق إلى حفنة تراب كما قالها صدام أكثر من مرة وهو يهدد الذين يناضلون من اجل إسقاطه، فهل يا ترى بدأت عملية تحويل ارض الشام أيضا إلى حفنة تراب يتركها بعث سوريا وأسدها على أيدي هؤلاء القادمين من خلف الحدود!؟

[email protected]