&أعادنا الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في تسريب اعلامي اوصى فيه مؤيديه وطاقمه العسكري بأن: "كسروا كل شيء جميل في اليمن.. دمروا كل شيء في اليمني " واصفا شعبها بأنه: "شعب جبان خوافين، لا يعرفون مصلحة الرئيس...".

&فعلا اعادنا الى ما قاله صدام حسين في ظروف لا تختلف كثيرا عن تلك التي انتجت تصريح الرئيس اليمني، وهو يدرك ان نظامه سيسقط لا محالة، وان كرسي حكمه سيتم تداوله من اناس كان ذات يوم يحرم عليهم ماء وهواء العراق، متوهما نفسه في واحدة من تجلياته النرجسية الله من الهة بابل او اشور، قال انه لن يترك العراق " الا حفنة من تراب "!

&وبين الاثنين كان القذافي في ذات الموقف ولم يختلف قيد انملة عن رفيقيه اعلاه، وكذا يفعل ابن حافظ اسد في حواضر الشام العتيقة، وفي العراق نشهد منذ سنوات ما تفعله عصابات صدام حسين وحملة فايروساته البعثية التي تجلت اكثر وضوحا وتعبيرا عن مكنوناتها في داعش، فكانت بحق عصارة فكر وثقافة وسلوك الفاشية البعثية التي ولدت وترعرت بعد انقلابها الاسود في شباط 1963م واستمرت حتى حولت العراق وسوريا الى افشل دولتين في العالم، ستلحقهما كل من ليبيا واليمن التي تطابقت في نظام حكمها وثقافة ادائها السياسي حتى وكأنك تظن انهما ذات الاشخاص ولكن باسماء مختلفة.

&هذه العقلية التي حكمت شعوب الشرق الاوسط وما تزال تفعل فعلتها بعد ان اندمجت جميعها في عصارة واحدة هي داعش التي اعلنت من قلب مجموعة من المدن والقرى التي استباحتها الى ما يسمى بالدولة الاسلامية، هذه العقلية تسببت في تدمير النسيج الاجتماعي لمكونات شعوب هذه المنطقة كما انها خربت وازالت من الوجود كل ما يتعلق بالحضارة ورموزها وآثارها التاريخية، اضافة الى انها دمرت بالكامل مدن مثل سنجار وزمار وكوباني وقراهم ومجمعاتهم السكانية، وازالت بيوت مواطنيها من الوجود.

&إن ما تقوم به داعش في التدمير المنظم للمدن والبلدات والقرى التي تستبيحها وخاصة تلك التي تعود للكورد ومناطقهم المعربة من قبل عراب داعش الكبير صدام حسين والبعث الفاشي مثل سنجار وزمار وبعض اطراف كركوك والقرى المحيطة بهم، انما تكمل ما لم يكمله نظام صدام حسين وقرينه في الشام، فنظرة سريعة الى مدن سنجار وكوباني وزمار وسنون والسعدية وجلولاء، وما تفعله اليوم في تكريت وفي تدمير الموصل الذي حاول ذات المحاولة لتدميرها علي حسن المجيد اثر انتفاضة ربيع 1991م واقتراب ثوار كوردستان من الساحل الايسر للمدينة وقرار علي كيمياوي بتدميره بصواريخ ارض ارض لولا نبل ورقي قيادات الحركة التحررية الكوردستانية وادراكها لوحشية علي كيمياوي ونظامه فقررت عدم دخول الموصل وساحلها الايسر الذي كان ينتظر على نار كما يقولون لاسقاط نظام البؤس والظلام.&

&لقد ظن الكثير للوهلة الاولى ان الربيع العربي قد مزق حاجز الخوف من الانظمة، وما لم يدركه هذا الكثير هو ان الربيع لم يسقط الا الهياكل الادارية لتلك الانظمة، التي سارعت الى انتاج الخوف والرعب من خلال اذرعها وخلاياها النائمة، فظهرت تنظيماتها المافيوية المدربة بشكل عالي وبأسماء تدغدغ المغيبين عبر العصور، عصابات متخصصة في عمليات اشاعة الرعب والهستيريا عند الاهالي، ومن ثم الانتقال الى تدمير كل شيئ حتى يتحول البلد باكمله الى حمام دماء واكوام من الركام والاتربة المعجونة بدماء الضحايا، حيث نجح البعث وصدامه بتحويل اجزاء كثيرة من العراق الى اكوام من التراب كما يفعل الان ابن حافظ الاسد وكتائب القذافي وعلي عبدالله صالح ومن لف لفهم من ( قادة الامة العظام ) في تدمير اعرق البلدان وموطن الحضارات التي ابتليت بغزاة احالوها عبر تاريخها الى ساحة حروب وصراعات وحقول تجارب، حتى اكل فيها اليابس الاخضر واختلطت فيها الاوراق والالوان لكي تظهر على الشاشة اليوم هذه البانوراما من الخرائب والدمار تخليدا لزعماء الامة سواء كانوا على كرسي الحكم او في حفرة الهروب!؟

&ربما كانت منطلقات الربيع العربي محاولة لاختراق حاجز الخوف والانقلاب على انظمة الرعب، وهي بالتالي حلقة من حلقات الصراع، لكنها بالتأكيد واحدة من اهم الحلقات التي ستحدد نتائجها شكل النظام ومضمونه الاجتماعي والسياسي لمستقبل هذه المنطقة المضطربة من العالم.

&