لماذا الدجيل وليس الجرائم الأخرى؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
gt;gt;gt;عبر عن موقفك من الاعدام
برغم حكم الإعدام صدام يحضر جلسة الانفال اليوم
تمييز الأحكام مطلع 2007 والإدعاء لاعدام رمضان
برودي يرى عدم تطبيق حكم الاعدام بحق صدام
احد المراجع الشيعية الاربعة الكبار يؤيد الاعدام
نواب كويتيون يرحبون باعدام صدام
الأردن يعتبر الحكم على صدام شأنا عراقيا داخليا
الصحف الفلسطينية تنتقد حكم الاعدام بحق صدام
احتجاجات واحتفالات عراقية بعد الحكم بإعدام صدام
حكم الاعدام على صدام يثير نزاعا في بريطانيا
إسرائيل تفضل عدم التعليق على اعدام صدام
محاكمة صدام فرصة ضائعة للضحايا
ابتهاج في الكويت بعد اعلان الحكم على صدام
رئاسة الاتحاد الاوروبي تعارض تنفيذ الاعدام
ردود فعل متباينة حيال الحكم على صدام في السعودية
الابتهاج يعم إيران بعد الحكم على صدام
برودي: الحكم على صدام يعكس رأي المجتمع الدولي
مصريون يرفضون الحكم باعدام صدام
حزب البعث العراقي: تنفيذ الاعدام سيوقف أي اتصال مع الاميركان
خيرالله خيرالله: أثار أختيار السلطات العراقية أصدار حكم بالأعدام في حق الرئيس العراقي المخلوع صدّام حسين بعد أدانته في قضيّة الدجيل تساؤلات كثيرة. وتعود التساؤلات ألى أن صدّام يعتبر مسؤولاً عن جرائم كثيرة أفظع بكثير مما حصل في الدجيل حيث يعتقد أن مئة وثمانية أربعين مواطناً أعدموا في مرحلة تلت تعرّضه لمحاولة أغتيال في أثناء زيارته للقرية الشيعية في يوليو- تمّوز من العام 1982. لماذا أذاً الدجيل وليس الأنفال أو "المقابر الجماعية" أو أعدام الرفاق البعثيين بالعشرات في العام 1979 أو قتل اللآلاف لدى قمع الأنتفاضة التي تعرّض لها النظام في العام 1991 أثر تحرير الكويت من الأحتلال العراقي؟ وماذا أيضاً عن أتخاذ قرار بشنّ حرب على أيران؟ وفي حال يمكن أعتبار القرار بشنّ الحرب على أيران موضع أخذ وردّ، خصوصاً أن النظام الأيراني الجديد لم يخف وقتذاك نية تصدير الثورة ألى بلدان الجوار، ماذا عن أحتلال الكويت ومحاولة أزالة دولة عربية مسالمة عن الخريطة، هل من جريمة أكبر من هذه الجريمة يرتكبها رئيس دولة؟ربّما كان التفسير المنطقي لأصرار السلطات العراقية على الحكم بأعدام صدّام في قضيّة الدجيل الحقد الذي يكنّه قادة حزب الدعوة الأسلامية الشيعي للرئيس العراقي المخلوع وأخيه برزان التكريتي الذي كان مديراً للمخابرات لدى وقوع محاولة الأغتيال في الدجيل. وفي حال محاكمة صدّام في أي قضيّة أخرى، لم يكن في الأمكان أصدار حكم آخر بالأعدام في حق برزان. برزان، الذي يعتبره حزب الدعوة الذي بين أبرز قادته رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسؤولاً عن حملة شرسة طالت أفراده مطلع الثمانينات من القرن الماضي .
ويعتبر حزب الدعوة أن صدّام لم يكتف بأعدام مؤسس الحزب الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته، بل ذهب ألى حدّ أعتبار الأنتماء للحزب جريمة تستحق الأعدام. وكان صدّام مقتنعاً في تلك المرحلة بأن حزب الدعوة "يعمل بأوامر أيرانية وأنه جزء من الحرب التي تشنها أيران على العراق". كذلك كان مقتنعاً بأن محاولة الأغتيال التي تعرّض لها في الدجيل عملية أيرانية تولّى حزب الدعوة تنفيذها.
ويتهم حزب الدعوة برزان بأنه تولّى تنفيذ القرار القاضي بأعدام كلّ منتم لحزب الدعوة وذلك بصفة كونه مديراً للمخابرات. وهذا يعني في طبيعة الحال أنّ الأصرار على محاكمة صدّام في قضية الدجيل أوّلاً يستهدف أعدامه في مرحلة لاحقة مع أخيه الذي تستحيل ملاحقته بسبب أي جريمة أخرى نظراً ألى أستقالته من موقعه أواخر العام 1983 بعد دخوله في خلافات مع أخيه في أساسها زواج الأبنة الكبرى للديكتاتور العراقي من حسين كامل حسن المجيد أبن عم صدّام. وصار حسين كامل لاحقاً الرجل القوي في البلد وعدوّاً لدوداً لبرزان ولشقيقيه سبعاوي ووطبان. ويعتبر برزان أن زوجة صدام، ساجدة خيرالله طلفاح، لعبت دوراً أساسياً في أقناعه بتزويج رغد من حسين كامل الذي كان يعمل مرافقاً لها. وقبل ذلك، كان حسين كامل ذو الثقافة المتواضعة عنصراً في جهاز المخابرات وكان يشارك في حماية كبار الزوّار بصفة كونه رجل أمن قادراً على قيادة الدراجات النارية.
أضافة ألى الحقد الشخصي لقادة حزب الدعوة على صدّام وبرزان، ساهم عاملان آخران في صدور الحكم بالأعدام عليهما في قضية الدجيل. العامل الأوّل الحاجة الأميركية ألى أنتصار أي أنتصار،حتى لو كان وهمياً عشيّة الأنتخابات الأشتراعية في الولايات المتحدة التي يركّز فيها الحزب الديموقراطي على الفشل الذي أنتهت أليه المغامرة العراقية للرئيس بوش الأبن. أما السبب الآخر للتعجيل في أصدار حكم الأعدام في حق الأخوين، فأنه عائد ألى رغبة ألنظام الأيراني في أن يكون أعدام صدّام درساً لكلّ من يتجرّأ على الوقوف في وجهه في العراق.
يشكّل حقد حزب الدعوة والحاجة الأميركية ألى أنتصار، أي أنتصار، والأصرار الأيراني على أعطاء درس للعراقيين ثلاثة عوامل أدت ألى صدور حكم الأعدام في حق صدّام وبرزان في هذا الوقت بالذات وفي هذه القضيّة بالذات.الأكيد أن برزان لم يفاجأ بما حلّ به. ففي لقاء أخير معه في سبتمبر- أيلول من العام 2002 في جنيف، سُئل لماذا هو عائد ألى العراق؟ أجاب أن ليس لديه مكان آخر يذهب أليه بعدما أشترطت عليه السلطات السويسرية طلب اللجوء السياسي في حال كان ينوي تمديد أقامته في هذه المدينة حيث كانت عائلته. وشرح أنّه لا يستطيع طلب اللجوء السياسي، كونه لا يريد الأنضمام ألى الذين يعارضون أخاه بشكل علني في هذه المرحلة بالذات. ولدى سؤاله عن قوة النظام أجاب بالحرف الواحد:"سيسقط النظام. أنّه مثل بيت من ورق. لن يقف أحدٌ مع صدأم عندما سيدخل الأميركيون الأراضي العراقيّة". وسُئل هل يخشى الملاحقة والمثول أمام محكمة بعد سقوط النظام؟ أجاب:" لم تعد لي علاقة بالنظام منذ العام 1983 خلافاً لّ ما قيل ويقال عن أني أدير ثروة صدّام من جنيف.هذا غير صحيح أطلاقاً". وماذا عن حزب الدعوة، وماذا عن الدجيل؟ فكّر برزان طويلاً ثم قال: "لا أدري، شاركت في ملاحقة أعضاء الحزب بناء على أوامر الجهات العليا. كنت أنفّذ الأوامر وكنّا في حال حرب مع أيران. قد ألاحق، قد أحاكم... الحقيقة لست أدري. أني عائد ألى العراق".
الأكيد أن برزان ومعه عوّاد البندر الذي صدر في حقه حكم بالأعدام أيضاً بصفة كونه رئيساً للمحكمة التي نظرت في قضية الدجيل، من ضحايا صدّام. أنّهما من ضحايا رجل يدفع حالياً ثمن الخطأ الأساسي الذي أرتكبه في ذلك اليوم من صيف العام 1990 عندما أعتدى على الكويت. قبل ذلك كان العالم كلّه يغطّي جرائم الرئيس العراق المخلوع بما في ذلك جريمة الدجيل. من قال أن لغباء صدّام حدوداً؟ أن الجمع بين الأجرام والغباء لا يشكل خطراً على الشخص الذي يحمل هاتين الصفتين فحسب، بل يشكل خطراً على الذين تعاطوا مع هذا النوع من الأشخاص أيضاً!