الرواية الكاملة للإتصالات السعودية- الإيرانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
دمشق مستاءة من استبعادها وموسى يعود إلى بيروت
الرواية الكاملة للإتصالات السعودية - الإيرانية
إقرأ أيضا
جنبلاط: لا يريدون دولة بل مشروع دولتهم الخاصة
لعبة الشارع تنقلب على حسابات حزب الله
إعادة الانقسام الأهلي إلى اصوله التاريخية
مشاركة خفيفة للمعتصمين في وسط بيروت
بوش يوجه تحذيرا الى ايران وسوريا وحزب الله
إيلي الحاج من بيروت: تشكل الاتصالات السعودية- الايرانية في شأن لبنان العنصر الإيجابي الوحيد تقريباً وحيد وسط السلبيات وقتامة أجواء هذه البلاد سياسياً، ومع ان هذه الاتصالات لا تزال في شكل تأخذ المساعي ولا ترتقي الى مستوى مبادرة، فإنها تعتبر عاملا حاسما في تقرير مصير المبادرة العربية التي يقودها الأمين العام للجامعة عمرو موسى، ويمكنها إعادة فتح الطريق أمامها واعطائها قوة دفع. والواقع أن المملكة العربية السعودية وإيران أقدمتا على الحوار بِشأن الملف اللبناني متجاوزتين اعتبارات وأوضاعا حساسة.وبمعزل عن أي ملف آخرز فالمملكة السعودية تجاوزت تحفظ حليفتها الولايات المتحدة عن فكرة الانفتاح على ايران في هذا الوقت تحديداً الذي قرر فيه الرئيس جورج بوش اقفال طريق المساومة مع طهران واهمال توصيات لجنة بيكر الداعية الى الحوار معها ورفع درجة المواجهة المباشرة معها انطلاقا من العراق . وايران تجاوزت تحفظ حليفتها سورية عن حوار مع السعودية حول لبنان. فلم يسبق ان كانت دمشق بعيدة او مستبعدة عن كل ما له علاقة بلبنان ولا يروق لها التعامل مع نفوذها في لبنان على أنه بات من الماضي، وان يرثها تالياً في لبنان تفاهم سعودي- ايراني.
لكن أسباباً محددة تدفع في اتجاه قيام اتصالات تشاورية بين ايران والسعودية حول لبنان. فهاتان الدولتان، التي تشكلان مرجعيتين رئيسيتين للشيعة والسُنّة في المنطقة وتملكان نفوذا مباشرا على أكبر قوتين في لبنان، أي "حزب الله" و"تيار المستقبل"، مهتمتان بعدم تطور الوضع في لبنان الى فتنة مذهبية سنية - شيعية أو الى حرب أهلية، ولهما مصلحة في الاستقرار اللبناني وان من منطلقات مختلفة. فالمملكة السعودية لا ترغب في رؤية "عراق آخر" في لبنان ومصممة على عدم تكبّد خسارة ثانية، وعلى عدم الوقوع ثانية في خطأ ما حصل في العراق عندما تركته لمصيره أو عندما اتكلت على الاميركيين لتفاجأ في نهاية الأمر انهم قدموا العراق على طبق من فضة الى ايران.
في حين أن إيران التي أعطاها لبنان من خلال" حزب الله" موقعا متقدما على جبهة الصراع مع اسرائيل ودخلت من خلال ذلك الى العالم العربي والاسلامي، وكذلك الى القضية الفلسطينية وفصائلها، حريصة على هذا الموقع والحفاظ عليه ولا تريد للمكاسب التي حققتها في الصراع المفتوح مع اسرائيل ان تضيع في الصراع الداخلي، وهي لا تريد ان يستنزف الحزب المحسوب عليها في اللعبة السياسية الداخلية بعدما كان لاعبا اقليميا. وبتعبير آخر تعتبر إيران ان علاقتها مع "حزب الله" ليست موجهة ضد أي طرف لبناني انما ضد اسرائيل، وان لسلاح "حزب الله "الإيراني المنشأ والمصدر وظيفة اقليمية وليس معدا للاستخدام في الداخل بل ضد اسرائيل حصرا.
من هذه الخلفية ومع اشتداد الأزمة وتدهور الوضع في لبنان، بدأت اتصالات ايرانية - سعودية كان المؤشر الأبرز اليها قبل شهر زيارة وفد "حزب الله" الى السعودية بتشجيع ونصح من ايران، ثم جاءت زيارة المسؤول الايراني البارز علي لاريجاني كموفد من الامام علي الخامنئي الى الرياض حيث أجرى محادثات معمقة ومفصلة حول لبنان توصلت الى وضع اطار حل معيّن ليس بعيدا عن المبادرة العربية، وكادت ان تنتهي الى زيارة مشتركة يقوم بها لاريجاني والأمير بندر بن سلطان الى بيروت لتسويق هذا الحل لدى أطراف النزاع، ولكن حصل ما أدى الى صرف النظر عن مشروع هذه الزيارة التي لم تكن ظروفها وشروطها قد توافرت تماما، إذ تبيّن ان هناك عقدة سورية تحتاج الى معالجة، وان الوصول الى حلحلة الموقف السوري من المحكمة الدولية يمر عبر تذليل الخلاف السوري- السعودي أولا.
كما تبيّن ان هناك خلافات في وجهات النظر داخل لبنان بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري من جهة ،ورئيس البرلمان نبيه بري والسيد حسن نصرالله من جهة حول مسألتي المحكمة والحكومة، وهما المسألتان المطروحتان كمفتاح ومدخل الى الحل السياسي الشامل.
زيارة لاريجاني الى الرياض لم تترجم على أرض الواقع في لبنان، لا بل حدث تدهور في الوضع بعدما قرر" حزب الله" المضي في التصعيد وفي يوم الاضراب والاقفال العام وما نتج عنه من أحداث ومصادمات. وانتهى هذا اليوم الطويل الى وقف كل الحركة في الشارع ليس فقط لأسباب محلية، مثل موقف قيادة الجيش، والوضع في الشارع المسيحي، والإشكالات المذهبية بين المسلمين في بيروت وطرابلس وصيدا، انما أيضا وخصوصا بسبب العامل السعودي- الايراني.
فعلى أثر تطورات الثلاثاء الماضي ، الذي سمي "الأسود" في لبنان قرر الأمير بندر بن سلطان التوجه الى طهران، وواكبت طهران هذه الخطوة السعودية بتهدئة الوضع في لبنان والطلب الى حزب الله ان يتحرك في هذا الاتجاه. اعتبرت طهران زيارة الأمير بندر بن سلطان الرجل القوي في النظام السعودي والمسؤول عن جهاز الأمن القومي وصاحب الصلات الوثيقة مع واشنطن، زيارة هامة ومفصلية وهي الأولى من نوعها. وحمل الأمير بندر محصلة محادثاته مع المسؤولين الايرانيين الى واشنطن، وفي الواقع ، يتوقف جانب أساسي من المساعي الايرانية - السعودية حالياً على نتائج ما سيعود به المسؤول السعودي من واشنطن.
في هذا الوقت كان السفير السعودي في لبنان فوق العادة عبد العزيز خوجه يعود الى بيروت ويجري لقاءات مع بري والسنيورة حرص الجميع على احاطتها بالتكتم وعدم تسريبها الى الاعلام حتى لا تتعرض لاطلاق نار وتخريب... وما يمكن تأكيده في هذا المجال انه ليس هناك من مبادرة سعودية او مبادرة سعودية -ايرانية مشتركة، وان المبادرة العربية هي وحدها القائمة والتي سيعاد تحريكها مع عودة عمرو موسى قريبا وربما نهاية هذا الأسبوع الى بيروت لاستئناف ماكان بدأه ومن النقطة التي توقف عندها قبل هدنة الأعياد.
وعلى هذا الأساس لا تخرج الأفكار الايرانية والسعودية المتداولة عن نطاق المبادرة العربية التي تقوم على النقاط التالية:
- اقرار المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه بعد ادخال ما يلزم من تعديلات على نظامها، ولكن بشرط ألا تؤدي هذه التعديلات الى افراغ المحكمة من مضمونها وحرفها عن مسارها والأهداف التي قامت من أجلها.
- توسيع الحكومة الحالية وفق صيغة ، 19 وزيرا للأكثرية+ 10 للأقلية+ ا مستقل يتعهد عدم الإستقالة لئلا تسقط الحكومة، وهي صيغة "لا غالب ولا مغلوب" اذ لا تعطي الأكثرية الثلثين زائدين واحداً وقدرة التحكم بالقرارات الكبرى ولا تعطي المعارضة الثلث زائد واحداً وقدرة التعطيل.
- يتم بت مسألتي المحكمة والحكومة بالتوازي وتعطي المعارضة ضمانات في ما خص موضوع المحكمة واقرارها، فيما يكون" الوزير الملك" في الحكومة الموسعة اذا اختارته الأكثرية او توافقت عليه مع المعارضة مكفولا من السعودية بأن لا يستقيل وان يبقى مستقلا وحياديا.
- تعلق مسألتا الانتخابات الرئاسية المبكرة والانتخابات النيابية المبكرة وتحالان الى الحكومة الجديدة التي ستكون بمثابة "هيئة حوار وطني" ويعود لها أمر بت هاتين المسألتين. وبالتالي تستبعد حالياً فكرةالأمين العام عمرو موسى الداعية الى انتخاب رئيس جديد قبل موعده على ان يبقى الرئيس لحود حتى نهاية ولايته ، وآذلك الأمر بالنسبة للانتخابات النيابية المبكرة على ان يكون من مهمات الحكومة الجديدة الموسعة والانتقالية بشكل أساسي: وضع قانون جديد للانتخابات ووضع البرنامج الاصلاحي لمؤتمر باريس ٣ موضع التنفيذ، وتحضير ظروف اجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد أشهر.