حماس تواجه حصار غزة بالدعاء

بيريس يدعو لاجراء استفتاء على اي اتفاقية سلامحماس تدعو الى الصوم غدا احتجاجا على الحصار غزة .. بين الكارثة الإنسانية والاجتياح الكامل المحتمل

أسامة العيسة من القدس-وكالات: غزة غرقت في الظلام، ومعها تفاوتت ردود الفعل الفلسطينية والعربية، فتلفزيون الأقصى التابع لحركة حماس، والذي يبث من غزة، بدأ موجة بث مفتوحة، لتغطية الحدث، وغلب على خطابه الطابع الديني، وظهر مذيعوه وهم يستصرخون ما أسموهم "علماء الأمة" للتحرك، بينما ركز التلفزيون الفلسطيني التابع لحركة فتح على استنهاض الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية، للخروج في مسيرات وتظاهرات تضامنية مع مواطني غزة.

وغلب على كلمات مذيعو تلفزيون الاقصى الحزن، وارتفعت حدة نبرتهم لتصل إلى الصراخ، وتم بث صلاة القنوت التي ام فيها المصلين إسماعيل هنية رئيس الوزراء المقال. ودعا التلفزيون، الجماهير العربية إلى الخروج إلى الشوارع للعمل على رفع الحصار عن غزة، وأصدرت حركة حماس بيانا تسالت فيه "اين الحركات الاسلامية والقومية، اين مسيراتكم من اجل شعب يذبح واطفال تقتل وشبان وشيوخ ونساء تموت".واستضاف التلفزيون، عبر الهاتف، عدد ممن اسماهم علماء مسلمين، دعوا فيها الى نصرة غزة، والشعب الفلسطيني.

وهاجم الدكتور سليمان يعقوب، وهو داعية اسلامي من الاردن، بعض علماء الدين الاسلامي وقال "اين الشيخ السنيدي الذي يصلي خلفه الالاف، يان كلمته، واين الشيخ الحميدي، اين علماء الامة".وغلب على فقرات تلفزيون الاقصى الطابع الديني، وظهر شيوخ شبان بشكل منفرد وهم يتلون ادعية، وبعضهم اخذ بالبكاء. وقطع تلفزيون فلسطين، برامجه، وبدا موجة بث مفتوحة تحت عنوان (غزة تصارع الحياة..فهل من مجيب)، متوجها للمواطنين الفلسطينيين ليعبروا عن ارائهم.

وهاجم القيادي الفتحاوي ابراهيم ابو النجا دول العالم التي قال بانها ترتهن لاسرائيل، واضاف "ليخجل العالم من نفسه، عندما تكون القضية تتعلق بكلب في خطر يتحرك العالم، اما فيما يتعلق بمليون ونصف انسان، فان العالم يريد ان يقدمنا قربانا لاسرائيل".

وحث ابو النجا العالم العربي بالتحرك وقال "من المخجل ان يكون العالم العربي منتجا للنفط ويقف يتفرج على جزء منه يغرق في الظلام". ودعا موطنون محمود عباس (ابو مازن) والقيادة الفلسطينية اعلان اضراب في الضفة الغربية تضامنا مع غزة، وعدم استخدام السيارات، واغلاق محطات الوقود في الضفة الغربية تعبيرا عن المصير المشترك للشعب الفلسطيني الواحد.ونظمت حركة حماس في رام الله، مسيرة خرجت من مسجد البيرة الكبير، فيما نظمت حركة فتح في بيت لحم مسيرة انطلقت من كنيسة المهد، لنصرة اهالي غزة.

واصدرت وزارة الصحة في حكومة حماس بيانا، حذرت فيه من ان 1700 مريض مهددين بالموت في غزة بالاضافة الى 400 من مرضى الكلى في حالة استمرت غزة بدون كهرباء.ومن المتوقع ان تتعمق الازمة في قطاع غزة اذا استمر الحصار، وستواجه كارثة بيئية مع توقف مضخات الصرف الصحي عن العمل، ومع نفاذ بعض المواد الغذائية الرئيسية مثل الدقيق من المخازن.

اسرائيل تدعو الفلسطينيين لتجنيب انفسهم المعاناة

ودعا نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون الاثنين الفلسطينيين في غزة الى تجنيب انفسهم "المعاناة" عبر ارغامهم حماس على وقف اطلاق الصواريخ على جنوب الدولة العبرية. وقال رامون للاذاعة الاسرائيلية العامة "ليوفروا على انفسهم المعاناة، ليس عليهم (الفلسطينيون) سوى ان يقولوا لحماس: اوقفي اطلاق الصواريخ على مدنيين في اسرائيل". وحمل رامون حماس مسؤولية الحصار المفروض منذ مساء الخميس على قطاع غزة، معبرا عن امله في ان "يمارس ضغط دولي على حماس وليس على اسرائيل لتوقف جرائم الحرب التي ترتكبها"، في اشارة الى الصواريخ التي تطلق على اسرائيل. واضاف الوزير الاسرائيلي "على الامد البعيد سننتصر في حرب الاستنزاف هذه بالضغط العسكري والاقتصادي"، مشيرا الى تراجع عمليات اطلاق الصواريخ.

تراجع كبير لإطلاق الصواريخ على إسرائيل

أعلن الجيش الإسرائيلي أن الفلسطينيين خفضوا إلى حد كبير إطلاق الصواريخ على إسرائيل منذ الجمعة بعدما أطلقوا حوالى مئة صاروخ إثر الغارة الإسرائيلية التي وقعت في 15 كانون الثاني/يناير واسفرت عن سقوط قتلى. وقال متحدث باسم الجيش ان سبعة صواريخ فقط اطلقت خلال الساعات ال24 الماضية بينها اثنان فقط اصابا الاراضي الاسرائيلية لكن بدون ان تسفر عن اصابات. وقد اطلق حوالى 150 صاروخا على الاراضي الاسرائيلية منذ 15 كانون الثاني/يناير ما ادى الى اصابات طفيفة.

وتبنى الجناح العسكري لحماس اطلاق غالبية هذه الصواريخ. وكثف الجيش الاسرائيلي غاراته في الاسابيع الماضية على قطاع غزة لوقف اطلاق الصواريخ. كما فرضت اسرائيل منذ الجمعة حصارا مشددا على كل قطاع غزة ما ادى الى انقطاع التيار الكهربائي وبدء نقص في الاغذية.

وقال رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية كنعان عبيد إن نحو ثمانمئة ألف فلسطيني باتوا بدون كهرباء، وأن المستشفيات والمصانع تأثرت بالأزمة. وقال الأطباء في قطاع غزة إنهم يجرون العمليات الجراحية العاجلة فقط.وقد شهدت مدينة غزة مسيرات حمل المتظاهرون فيها الشموع وطالبوا بالعمل على رفع الحصار عن القطاع.

من جانبها هددت لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية في قطاع غزة بفتح معبر رفح "بالقوة" إن لم تقم السلطات المصرية بفتحه فورا والمساهمة بوضع حد للحصار المفروض على القطاع. وقال أبو مجاهد، المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية في القطاع، إنه يتعين على مصر اتخاذ قرار بهذا الأمر "حتى لا نضطر لفتحه بالقوة، فقد استنفدنا جميع الوسائل الأخرى." وأضاف المتحدث قائلا: "لا مجال للوقوف مكتوفي الأيدي أمام مقتل نسائنا وأبنائنا."

عباس "لن يعترض"

من جانبه، قال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الشعب الفلسطيني يعاني الأمرَّين، ونحن لن نعترض على أي خطوة يقوم بها أي شخص في محاولة لرفع الحصار عن شعبنا." ودعا أبو ردينة جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع عاجل لمناقشة الوضع المتأزم في قطاع غزة، كما دعا إسرائيل لاتخاذ خطوات عاجلة لرفع الحصار المفروض على غزة.

إغلاق المعابر

جاءت هذه التطورات بعد ثلاثة أيام من قرار وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، إغلاق المعابر مع غزة بعد تصاعد موجة العنف بين الجيش الإسرائيلي والنشطاء الفلسطينيين المسلحين في القطاع. وكان باراك قد أمر بإغلاق المعابر المؤدية إلى قطاع غزة يوم الخميس الماضي، قائلا إن هذه الخطوة تستهدف الضغط على المسلحين داخل القطاع ودفعهم إلى وقف إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على إسرائيل، وإن هذا القرار سيعاد تقييمه بعد عدة أيام. لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أريي ميكل، قال إن الوضع ليس بالسوء الذي يصوره الفلسطينيون، مضيفا أن "من مصلحتهم (الفلسطينيين) المبالغة بالأمر".

غزة تغرق في الظلام

وقال مسؤولون فلسطينيون إن محطة توليد الكهرباء الرئيسية أُغلقت تماما بعد أن كان القائمون عليها قد أوقفوا مولدين (توربينيين) رئيسيين عن العمل صباح الأحد تمهيدا للتوقف التام عن عملية توليد الطاقة. وأفادت التقارير الواردة من غزة بأن سكان القطاع أخذوا بالبحث عن وسائل بديلة كالشموع والبطاريات الجافة، وأقبلوا على تخزين المواد الغذائية الأساسية تحسبا لانعكاسات انقطاع الكهرباء وما يمكن أن يجره من عواقب عليهم.

عزل غزة

وكان رفيق مليحة، مدير المحطة، قد صرَّح لوكالة الأنباء الفرنسية في وقت سابق قائلا: "صباح اليوم أوقفنا أحد المولِّدين اللذين كانا يعملان في المحطة، وإذا لم نتلق وقودا فسنغلق التوربين الأخير مساء اليوم (الأحد) مما سيؤدي إلى إغلاق المحطة تماما". وأضاف: "ستكون لمثل هذا الإغلاق عواقب وخيمة على المستشفيات ومحطات تحلية المياه". وقد جاءت هذه التطورات في فترة يزداد فيها الطلب في القطاع على الكهرباء لأغراض التدفئة.

الأونروا تحذر

وحذرت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن إغلاق المحطة، التي تزود معظم مدينة غزة بالكهرباء، ستكون له انعكاسات خطيرة على النساء والأطفال والمدنيين بوجه عام". من جهة أخرى، تظاهر مئات الفلسطينيين في كل من قطاع غزة والضفة الغربية ومخيمات اللاجئين في لبنان احتجاجا على السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، بما فيها إغلاق المعابر وقطع إمدادات الوقود وفرض القيود والحصار. ففي مدينة غزة، خرجت جموع المتظاهرين إلى الشوارع المظلمة يوم الأحد، وهتفوا بشعارات تندد بالوضع المفروض على القطاع.

مظاهرات في لبنان

وفي لبنان، تظاهر العديد من الفلسطينيين وعبروا عن رفضهم لإغلاق المعابر وقطع إمدادات الوقود عن غزة. وهتفت حشود المتظاهرين الغاضبين بشعارات منددة بالإجراءات الإسرائيلية وطالبت الدول العربية والمجتمع الدولي باتخاذ خطوات عاجلة لرفع الحصار عن غزة. وردد المتظاهرون في مخيم عين الحلوة للاجئين شعارات وهتافات، جاء فيها: "عار عليكم، فغزة تحت الحصار"، و"الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل." وقال مشهور عبد الحليم، متحدث باسم حماس في بيروت، تعليقا على إغلاق معابر غزة: "أليس لديك ما يكفي من الجراح ياشعبنا؟ نريد موقفا مشرفا واحدا منكم يا عرب يستطيع رفع الحصار." وناشد مصر التدخل لرفع الحصار عن غزة قائلا: "أخوتنا، أخوتنا في مصر، إنكم 80 مليون، وأنتم قادرون على رفع الحصار وإعادة فتح معبر رفح."