ميشال عون مرشح الرئاسة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في مجمع حبتور في 11 آذار الجاري
جنرال الحروب ومرشح الرئاسة
ميشال عونفارض اسمه على الجميع
بلال خبيز- بيروت : الجنرال ميشال عون هو واحد من المرشحين الأقوياء لخلافة لحود. فالرجل الذي ما زال فاعلاً في السياسة اللبنانية منذ ما يزيد على العقد ونصف العقد، يملك المواصفات كافة التي تتيح له ان يكون رئيساً لجمهورية لبنان بعد خروج الجيش السوري. هو واحد من صناع 14 اذار. بل ثمة 14 اذار يخصه وحده، كان هو بطله وقائده، وكان ايضاً ضحيته.
اعلن الجنرال حرباً على الوجود السوري، وضبط القوات اللبنانية التي كان يقودها الدكتور سمير جعجع في خانة المشاركة في هذه الحرب على غير رغبة منها، ذلك ان خيارها كان بين حربين، واحدة داخلية مع جيش الجنرال إذا ما ترددت في مشاركة الجنرال حربه ضد الوجود السوري، واخرى خارجية تجعلها شريكة في الحرب التي اعلنها الجنرال.
إقرأ في الشأن اللبناني
الحلقة الأولى:
الانتخابات الرئاسية االلبنانية
تحت مطارق الداخل المتعددة وسندان الخارج الصلب
الحلقة الثانية
لا يخلط بين ميزاني القوة والضجيج
بطرس حرب مرشح اللبنانيين
الحريري: انان يقترح محكمة مختلطة مقرها خارج لبنان
تشاؤم بعد تفاؤل في لبنان واتهامات إلى سورية بالتدخل
"علقت" بين الرئيس والوزير... ما دخل يسرا؟!
الأكثرية تعتبرها المقابلة الأولى والأخيرة
كلام لحود بدد الأجواء الإيجابية للحوار
لحود يترأس وفد لبنان الى مؤتمر القمة العربية في الخرطوم
السنيورة واثق من استرداد رنا قليلات
لكن حذر القوات لم يعصمها، في ما بعد، من دخولها اتون حرب ضارية مع جيش الجنرال، ادت في ما ادت إليه إلى تحجيم الطرفين، واستفرادهما كل على حدة. فخرج عون عام 1990 إلى المنفى الفرنسي، بعدما اقتحم الجيش السوري قصر بعبدا وشتت قواته. ثم ما لبث الدكتور سمير جعجع ان دخل السجن وحوكم على جرائم سياسية خلال الحرب الأهلية وامضى في سجنه هذا 11 عاماً متواصلة، ولم يخرج منه إلا بعفو خاص اثر خروج الجيش السوري من لبنان وتغير المعادلات التي تحكم البلد.الجنرال عون عاد من منفاه ايضاً في الفترة نفسها، وبفعل القوة الدافعة نفسها ايضاً. والرجلان، والحق يقال، كانا من المشاركين الفاعلين في نشاطات ما يصطلح على تسميته في لبنان بـ 14 اذار. وهذا في حد ذاته يجعل امر تداول اسميهما لتسلم مقاليد الرئاسة الأولى له منطق وسياق، وان لم يكن هذان المنطق والسياق يزنان ثقيلاً في ميزان حظوظهما.
الجنرال عون والحال هذه هو واحد من ابطال 14 اذار، بل يذهب اليوم إلى القول انه بطل 14 اذار الاول والثاني على حد سواء. والحق ان المرء إذا ما عاد بالذاكرة إلى تلك الأيام الحوالك من عامي 1988 و1989، لا بد ان يلاحظ، ان حصيلة روح 14 اذار 2005 الذي يكثر الحديث عنه في هذه الأيام، المتعلق بتمجيد روح الشباب اللبناني الذي رابط طويلاً في ساحة الشهداء، كان له سابقة مماثلة من قبل، قادها ميشال عون في حدائق قصر بعبدا ومحيطه. فيومذاك ايضاً كان ثمة حشد من الشباب اللبناني يرابط في محيط القصر الرئاسي الذي يقيم عون فيه رئيساً لحكومة نصف لبنان، يدافع عن الجنرال ويحيي من جديد روح الشباب الذي يتم تمجيده كل يوم في ثورة 14 اذار الثانية.
والحال فإن الجنرال يستطيع ان يدعي من دون وجل انه واحد من ابطال 14 اذار الأساسيين. وفضلاً عن هذه البطولة التي حققها في العام 2005، يملك الجنرال ان يدعي ابوة 14 اذار الأولى من دون لبس. وهذا يجعله مستوفياً للشروط التي حددها السفير الاميركي جيفري فيلتمان للرئيس المقبل. فضلاً عن ذلك، واستتباعاً للشروط الأميركية في تحديد الرئيس المقبل، ثمة الدور البالغ الأهمية الذي لعبه الجنرال وتياره في لبنان والخارج في ظل الهيمنة السورية على مقاليد الوضع اللبناني. إذ شكل هذا التيار ولزمن طويل ابرز القوى المعارضة للهيمنة السورية على لبنان، ولعب انصاره وزعيمه دوراً اساسياً في فتح البلاد على تدخل اميركي سافر وواضح في مواجهة الهيمنة السورية. من خلال اتصالات قام بها الجنرال مع دوائر سياسية اميركية اثمرت في مابعد عقوبات اقتصادية على سوريا، وكانت إلى زمن قريب واحدة من الحجج التي يحارب الجنرال وتياره على اساسها في ظل الهيمنة السورية على لبنان.
النيابية لجبل لبنان عام 2005 لكن الجنرال المثير للجدل في لبنان لم يلبث ان خاض معركة الانتخابات النيابية الاخيرة التي جرت في العام 2005 في مواجهة ال14 اذاريين، من آل الحريري الذين يمثلون الزعامة السنية الأوزن في لبنان، إلى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وصولاً إلى اركان "قرنة شهوان". باختصار خاض الجنرال معركة الموارنة الانتخابية في مواجهة الجميع من دون استثناء. إذ ان القوة الشيعية الأبرز حالفت خصومه ورجحت فوزهم في دوائر بعبدا عاليه من اعمال جبل لبنان. ورغم تكالب القوى السياسية في وجهه وشراسة المعركة التي خاضها، إلا ان الجنرال اثبت من دون شك انه رقم صعب يصعب تجاوزه في لبنان. في نهاية المطاف قد يكون الهجوم الشرس الذي تعرض له الجنرال من اركان 14 اذار الثاني سبب من الأسباب التي جعلت شطر كبير ومرجح من الموارنة اللبنانيين يلتفون حوله ويولونه دعمهم وثقتهم. وهذا مما يمكن اعتباره اول اوراق اعتماده بوصفه مرشحاً اساسياً للرئاسة الأولى في لبنان. بل ويمكن الجزم ان العماد ميشال عون دون سائر المرشحين لرئاسة الجمهورية يحوز صفتين اساسيتين: صفة الناخب القوي وصفة المرشح القوي في آن واحد. فحتى لو لم يستقر الرأي على تسليمه مقاليد الرئاسة الأولى في البلاد، إلا ان اي رئيس مقبل لن يستطيع تجاهل مصالحه ومصالح تياره والوقوف في وجهه من دون ان يغامر بخسارة وزنه الشعبي على مستوى الطوائف المسيحية عموماً. والحق انه يصعب على رئيس ماروني ان يحكم في لبنان إذا لم يحز رضا الطائفة التي يتحدر منها. ففي مثل هذه الحال يفقد النصاب السياسي اللبناني ركناً من اركانه يعطل آلية الحكم اللبناني برمته، ولا ينجح إلا في تفريخ نظام امني هزيل على غرار ما كانت عليه الحال في زمن الهيمنة السورية على لبنان.
يملك الجنرال مواقع قوة تخوله الدخول في بازار المرشحين الأقوياء. لكنه من ناحية ثانية يملك الكثير من الخواصر الرخوة التي ينجح خصومه في تسديد طعناتهم إليها بسهولة. ف14 اذار الجنرال الأولى كانت مقدمة لحرب اهلية بين ابناء البيت الواحد، كان من نتيجتها ضعف الطائفة عموماً واستفرادها في ما تلى من اتفاق الطائف. والحق ان هذه الحرب دمرت العصب المسيحي المقاوم، وجعلت السياسة المسيحية في لبنان تصاب بالعياء على مدى السنوات الأولى التي تلت اتفاق الطائف. ولم تنجح في تجاوز اثار هذه الحرب المدمرة إلا في بداية هذا القرن. تاريخ الجنرال والحال هذه يمكن ان يكون واحداً من اسباب ضعفه التي سيستغلها الخصوم، وعلى النحو نفسه، فإن هذا التاريخ نفسه هو الذي يجعل الإدارة الأميركية حذرة في التعامل معه. فهو بين السياسيين المورانة الاكثر تعنتاً والأكثر اعتداداً برأيه والأصعب على الضبط تحت الموجة الاميركية - الفرنسية. وهذا بالتحديد ما لا تريده الإدارة الاميركية على هذا المستوى.
اما على المستوى المحلي، فإن القوى الأخرى التي تشكل عصب الاجتماع الاهلي اللبناني ترى في الجنرال جنرال حرب اهلية، ولا تثق بادعاءاته العلمانية والديموقراطية. على اي حال، ولو صدقنا هذا الادعاء، فإنه لن يكون إلا سبباً اضافياً في الاعتراض عليه رئيساً للجمهورية. فليس ثمة اخطر على القوى الطائفية الحاشدة والتي تستعد لتقاسم البلد على نحو نهائي من تيار علماني قوي يعبر بين الطوائف والمذاهب كالنار في الهشيم، ويدمر اسباب القوة التي تمتلكها هذه الطوائف على نحو لا رجعة فيه.
والحق ان اسم طرح اسم الجنرال رئيساً في أروقة الطوائف اللبنانية يكاد يكون الوجه الآخر لاستمرار لحود في الحكم. فالرئيس لحود لا يملك من اوراق القوة شيئاً يذكر، وهو بهذا المعنى لا يستطيع ان يجعل المنصب الذي يشغله نصباً سياسياً، وإن كان يستطيع او هو استطاع ان يحوله منصباً معطلاً للحياة السياسية. لكن المنصب في عهده لم يعد منصباً سياسياً مثلما يفترض به ان يكون. والحق ان تنصيب الجنرال عون في هذا المنصب بدلاً منه يجعل هذا المنصب سياسياً بامتياز مرة أخرى. ولاشك ان المتحاورين في ساحة النجمة يدركون جميعاً ان وجود عون في قصر بعبدا سيكون على حساب بعض سلطانهم في احسن الأحوال. بل ولا بد ان حزب الله الذي يطرح اسم الجنرال رئيساً يعرف تماماً ان الجنرال سيعمد ما ان يستتب له الأمر في منصبه على طرح مسألة تزع سلاح حزب الله جدياً على بسط البحث. لكن حزب الله يطرحه بديلاً للرئيس لحود لأنه الفزاعة التي تثير الهبة عند خصومه مثلما تثير الخوف لديه في الوقت نفسه. فإذا كان وجود الرئيس لحود على رأس الدولة اليوم تعطيلاً سلبياً لدور الرئاسة، فإن وصول عون إلى سدة الرئاسة سيكون بمثابة تعطيلها ايجاباً، مغيراً في وجهة الرئاسة من دور الحكم المفقود مع الرئيس لحود إلى دور الرئيس الذي يملك اسباب القوة التي تجعله واحداً من اعمدتها في لبنان.
رجل مثير للجدل ومرهوب الجانب. اثبت في معاركه على الدوام انه شجاع وعنيد حد التهور احياناً. وهو اليوم يقبض على ناصية الشارع الماروني قبضاً يكاد يكون حاسماً. والحق ان اي شراكة سنية مارونية في المقبل من الأيام لن تجد بداً من التعامل معه بوصفه الزعيم السياسي الأبرز على المستوى المسيحي عموماً. لكنه حتى اليوم ليس مرشحاً قوياً إلا بقدر ما يكون الخوف من وصول الانقسام الأهلي إلى درك خطير يصعب بعدها اصلاحه خوفاً مقيماً لدى القوى الناخبة في لبنان. بهذا المعنى يبدو اختياره رئيساً ايوم استجابة لرغبة اللبنانيين في العيش بهدوء ومن دون خضات كبرى على المستوى العام. لكن ميشال عون رئيساً قد يجعل من حكم لبنان مستحيلاً. فاجتماع ثلاثة اقوياء في قمم الدولة اللبنانية الثلاث يجعل كل ايام اللبنانيين معارك على الحصص والمكتسبات، واستعراضات قوة لا تنتهي فصولها إلا باحتضار ما تبقى من الدولة. حيث لا يعود ثمة مجال لأي تسوية بين اللبنانيين.
المنطق يفرض ان يأتي عون رئيساً في ظل هذا التقاسم بين الطوائف. لكن هذا المنطق خطير إلى درجة اننا قد نكسب الرؤساء لكننا قد نخسر البلد.
اليوم يحاول الجنرال بذل قصارى جهده في التقرب من القوى الأخرى اللبنانية، لكن العمدة ليست عليه فقط، فثمة ضرورة لوجود الرغبة والنية عند القوى الأخرى في ان تتقارب مع احد ابرز زعماء الموارنة اللبنانيين على الإطلاق.