قرار دولي يكمل الـ١٧٠١؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
القوة الدولية لجنوب لبنان مقيّدة ومهمتها غير واضحة
قرار دولي يكمل الـ١٧٠١الشهر المقبل؟
إيلي الحاج من بيروت: يتناقل سياسيون في لبنان معلومات دبلوماسية عن اتصالات تجري بين الولايات المتحدة وفرنسا من أجل استصدار قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي خلال الشهر المقبل، يتناول تحديدا جديدا لمهمة القوة الدولية المعززة في لبنان بغية تعزيز دورها وإعطائها صلاحيات اضافية ، مما قد يحولها قوة رادعة ويوليها بعض مهمات الضابطة العدلية. وهذا تطوّر يعني تحققه اقتراب مهمة القوة الدولية من مضمون الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة إلى حد كبير.
أخطار اغتيالات وأعمال عنف وعمليات ل"القاعدة"
توقعات غربية متجهمة لمستقبل لبنان
حزب الله : ليكشف الحريري مضمون رسائله الينا خلال الحرب
لبنان تجاوز صراعا طائفيا على الأجهزة
لكن القرار المحتمل لن يصدر نتيجة للنظر في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان حول القرار ١٧٠١ والذي أرجئ رد فعل المجلس حوله الى الوقت المناسب، بل يحتمل ان يصدر نتيجة لنظر المجلس في التقرير نصف السنوي الذي يعده أنان في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل حول تنفيذ القرار الدولي رقم ١٥٥٩ الذي بدأ موفده الخاص في شأن تنفيذه تيري رود- لارسن اعداده.وتشير تقارير دبلوماسية الى ان قضية تحويل "اليونيفيل" المعززة قوة رادعة وحازمة تتجاوز الدور الرقابي للقوة الدولية غير التنفيذي ميدانياً، وُضعت على "نار حامية جدا" مع تصاعد تهديدات" حزب الله" وسورية المبطنة، بمهاجمتها او استهدافها لحملها على الهرب كما حدث عام ١٩٨٣ بضرب قوات المارينز الأميركية والقوة الفرنسية قرب مطار بيروت، اذ بات واضحا داخل أروقة الأمم المتحدة في نيويورك ان هذه القضية اتخذت منحى جديا نحو استصدار قرار جديد من مجلس الأمن في غضون الشهر المقبل ملحق بالقرار ١٧٠١ تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بجعل القوة الدولية الجديدة "قوات مواجهة وحسم" لتطبيق القرار السابق ١٥٥٩ المشار اليه بوضوح في القرار الأخير ١٧٠١ لجهة نزع سلاح الميليشيات وتمكين الدولة اللبنانية من الامساك بقوة وحزم بمقدرات بلدها دون ان يكون سيف التهديد مصلتا على عنقها كما هو الوضع حالياً.
وتذكر المعلومات الواردة من نيويورك ان هناك مشاورات جادة وموسعة بين مندوبي الدول الأعضاء في مجلس الأمن الخمس الرئيسية ومع الدول العشر الأخرى التي لا تمتلك حق النقض، استنادا الى مخاوف اوروبية حقيقية من ان تدفع سوريا وايران "حزب الله" او منظمات فلسطينية متطرفة او عناصر سلفية تدور في فلك تنظيم "القاعدة" في لبنان إلى شن عمليات ارهابية او انتحارية ضد القوة الدولية قبل اكتمال عديد عناصرها البالغ ١٥ الف جندي، وقبل ان تتمكن من بسط سيطرتها على المناطق والأماكن المحددة لانتشارها، خصوصا داخل المدن الرئيسية او حولها. وتعرب مصادر دبلوماسية عن اعتقادها "انه لم يعد هناك بد من اصدار هذا القرار"، وتعزو التردد الذي تبيه حياله دوائر في مجلس الأمن إلى الخشية من أن يؤدي صدوره إلى وقف تدفق الوحدات الدولية المقرر إرسالها إلى لبنان التي لم تصل بعد، وخصوصا من الدول الاسلامية مثل تركيا وأندونيسيا وماليزيا وسواها.
وفي المقابل لم تظهر حتى اليوم اعتراضات قوية من روسيا والصين صاحبتي حق استخدام الفيتو على الاقتراح الذي لا يزال جنيناً، اذ يبدو انهما تتفهمان الموقف الدراماتيكي في لبنان وتدعمان حكومة رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بقوة، بصرف النظر عن علاقاتهما بإيران وسورية وحزب الله والفلسطينيين.
احتمال تجدد الحرب
ومن علامات الخشية لدى بعض المحللين الغربيين من إصابة القوة الدولية في جنوب لبنان بالعجز عند بداية مهمتها، قول أحدهم إن " نزع سلاح حزب الله لا يبدو مطروحا على بساط البحث بالنسبة إلى آلاف الاوروبيين والفرنسيين والايطاليين العاملين في لبنان من ضمن قوة الأمم المتحدة، وفي ضوء ضعف "اليونيفيل" الناتج من هذا العامل يجب ألا يستبعد أحد احتمال اندلاع القتال مجدداً بين حزب الله واسرائيل. واذا اندلعت هذه المواجهات حقاً بين الجانبين فستضطر القوة الدولية الى الاكتفاء ب "عد الضربات المتبادلة" لأن مفاتيح الحل في الشرق الاوسط بين أيدي الولايات المتحدة وليست بأيدي الأوروبيين الذين يقودون القوة الدولية " . .
كذلك تشير تقارير صحافية اميركية ، بينها تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" ، إلى تعقيدات تواجه المهمة الميدانية للقوة الدولية وتجعلها مهمة غير محددة وبطيئة وحذرة، فبعد شهر وأسبوعين تقريباً على وضع قرار مجلس الأمن حدا لحرب دامت ٣٤ يوما بين اسرائيل و"حزب الله"، يقول أفراد القوة الدولية المرسلة لحفظ السلام ان مهمتهم تتحدد بما لا يمكنهم فعله أكثر مما يمكنهم فعله. ويقولون انهم لا يمكن ان يقيموا نقاط تفتيش ويفتشوا السيارات او البيوت او المشاريع التجارية او يعتقلوا المشتبه فيهم. واذا ما شاهدوا شاحنة تنقل صواريخ، على سبيل المثال، فإنهم لا يستطيعون ايقافها. وليس في وسعهم القيام بأي شيء من هذا القبيل، ذلك انه بموجب تفسيرهم لقرار مجلس الأمن الذي نشرهم يجب ان يفوضوا أولا باتخاذ مثل هذه الاجراءات من الجيش اللبناني.
ويكرر القادة الميدانيون كشعار لهم أن على قوة الأمم المتحدة ان تحترم السيادة اللبنانية عبر دعم الجيش اللبناني، ولن تفعل سوى ما تطلبه السلطات اللبنانية. ولكن لغة القرار الدبلوماسية تتملص من سؤال أساسي: أي نوع من سلطة الحراسة ستمنح للقوة الدولية؟ فالقرار يترك الباب مفتوحا ليضمن الجيش اللبناني هذه السلطة، ولكن قادة القوة يقولون انه حتى الآن، على الأقل، لم يحدث ذلك. وقال الكولونيل ستيفانو كابيلارو، وهو قائد ايطالي في فوج سان ماركو: "هناك الكثير من سوء الفهم بشأن ما نفعله هنا".
والقوة التي تحمل اسم القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان، او "يونيفيل" اختصارا، بات لديها حتى اليوم خمسة آلاف ضابط وجندي على الأرض، بينهم ألفان من ايطاليا، وهي تسير بخطوات بطيئة لأنها تحاول القيام بدور في بلد يتلمس طريقه في فترة ما بعد الحرب ، ولكن مسؤولين في القوة الدولية يقولون ان مهمتهم الأكثر صعوبة، والتي يصرون على أدائها، هي ألا ينجروا الى أي صراعات قوة بين الأطراف الدينية والسياسية في لبنان.
وهذه القوة أكبر وأكثر استعدادا من قوة "اليونيفيل" السابقة التي ظلت على الحدود مع اسرائيل طيلة سنوات، ولكن لدى الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة يتبعان حالياً برنامجي عمل متشابهين، ويقضيان بالسعي إلى محاولة كسب ثقة الشعب اللبناني وألا تصبح القوة الدولية أداة للفئات السياسية الساعية الى اثارة النزاع الداخلي. والهدف إقناع الجميع بأن "اليونيفيل" هي قوة حفظ سلام حقاً وليست قوة محتلة.
يمكن إذاً توقع ان تقوم القوة الدولية في المستقبل بنزع سلاح" حزب الله" او تقييده او البحث عن مستودعات أسلحة مخفية، وهذه مهمات يقول القادة الميدانيون بوضوح انها ليست من مهماتهم في الوقت الحالي ، لكن التحديات التي تواجه حياديتهم هي تحديات كبيرة وغالبا ما تكون خارج سيطرتهم. فالقوة الجديدة جاءت الى لبنان في زمن صعب تماما، إذ أن " حزب الله" المدعوم إيرانياً وسورياً والحكومة اللبنانية المدعومة اميركياً وفرنسياً يتصارعان على الموقع والسلطة. واذا ما قررت الحكومة اللبنانية توسيع مسؤوليات القوة الدولية في هذا الوضع فإنها يمكن ان تغامر بتحويلها هدفاً للهجمات الإرهابية. علماً أن هذه القوة أفضل تأهيلا من قوة "اليونيفيل" السابقة، والناسفي لبنان وخارجه أكثر توترا بشأن مهمتها.
حماية من إسرائيل
وترى مصادر لبنانية من "قوى ١٤ آذار/ مارس" الحاكمة ان" القرار ١٧٠١ الذي جاء كما قيل تحت البند السادس مع بعض اضافات جعلته قاب قوسين أو أدنى من البند السابع، يجب ان يحترم وينفذ من دون تشكيك، بل يجب ان يدعم الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية لتنفيذه ويبقى الاعتراض على دور القوة الدولية متاحاً ومبرراً، لكن الأساس هو وضع الثقة بالسلطة السياسية وبالجيش من طريق جعل المنطقة الجنوبية خالية عمليا من السلاح، لأن المعطيات تشير الى ان المجتمع الدولي لن يصبر كثيرا على معالجات "سياسية" لوضع عسكري أمني يتحرك تحت نظر آلاف الجنود الدوليين".
وتضيف: "ما يعنينا ان يفيد الجيش اللبناني من الدعم الدولي لتنفيذ القرار ١٧٠١ ، وان تفيد الدولة أيضا من مضمون القرار المتعلق باستكمال تحرير لبنان في موضوع شبعا والأسرى واعادة الاعمار والمساعدة المالية وبالتالي الاقلاع عن التشكيك، اذ يمكن حزبا ما او تيارا ان يبدي ملاحظات على عملية تطبيق القرار ولكن ليس من زاوية التشكيك، ويمكن دعم السلطة في بسط سيطرتها على الأرض من خلال سحب طوعي لذريعة السلاح تمهيدا للمعالجة السياسية التي يتفق الجميع حولها باعتبارها خيارا داخليا وحيدا".
وتوافق المصادر على قول جهات دولية ان العرقلة التي تحتم وضع القوة الدولية في الجنوب تحت البند السابع لا تعني لبنان فحسب من زاوية كيفية التعامل مع سلاح "حزب الله" وبسط سلطة الدولة على كل أراضيها، انما يجب ألا يغيب عن الحسابات الدقيقة ما يمكن ان تقدم عليه اسرائيل، خصوصاً في ضوء الحديث لدى بعض الجهات العسكرية والأمنية في الدولة العبرية عن وضع خطط لحرب جديدة تستهدف سورية و"حزب الله" والجمهورية الايرانية الإسلامية بدءا من جنوب لبنان، ولن تتوانى تل أبيب في هذه الحالة عن ايجاد مبررات عديدة لشن مثل تلك الحرب او الحروب، والمهم ألا يعطيها طرف لبناني المبرر مرة أخرى في مغامرة أخرى غير محسوبة النتائج .