... ولكن ما هو تنظيم فتح الإسلام؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لبنان يفقد موسم السياحة للسنة الثالثة
... ولكن ما هو تنظيم "فتح الإسلام"؟
سوريا: العنف في لبنان لتشكيل المحكمة الدولية
المعارك تتلاحق وتعنف حول مخيم نهر البارد
السوريون يرفضون اتهام بلادهم بأحداث شمال
الجيش اللبناني يشتبك مع مسلحين ومقتل 9 مدنيين
منظمة التحرير: التخلص من فتح الاسلام يتم بالتعاون مع الدولة
التفجير كان متوقعاً بعد تهديدات "فتح الإسلام"
"مثلث القتل" استيقظ في الأشرفية
قتيلة و10 جرحى في انفجار هز بيروت
إيلي الحاج من بيروت : من دون إدعاء قدرة إستثنائية على التنبؤ، يمكن لأي لبناني القول من اليوم مع تواتر الأنباء عن تلاحق الإشتباكات بين الجيش اللبناني وجماعة "فتح الإسلام" في شمال البلاد، وكذلك عن التفجير في منطقة الأشرفية البيروتية، إن موسم السياحة والإصطياف الحيوي للبنان تلقى ضربة قوية تضيف إلى ما كانت قد أنجزته قوى المعارضة التي يقودها "حزب الله" وتضم حلفاء سورية في لبنان، هكذا أصبح الصيف الآتي الذي كان واعدًا بعض الشيء ، وبتردد، مرشحًا لأن يصيبه ما أصاب صيف ٢٠٠٥ وصيف ٢٠٠٦ قبله.وتخفض أنباء الإشتباكات والتفجير سقف الطموحات التي كانت ترفعها أوساط لبنانية متشبثة بالتفاؤل، من "هدنة مئة يوم" سياسية واعلامية متعذرة في سنة الاستحقاق الرئاسي المجهول المصير والتداعيات، إلىما تحت سقف الأمل في هدوء أمني يمكن اعتباره أفضل وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه اللبنانيون المنهكو القوى و"المصدومون" مرة جديدة.ولعل ما زاد الصورة إسودادًا أن التدهور الأمني ليس محصورًا في بقعة من شمال البلاد، بينما بقية أنحائها في معزل عن التداعيات، إذ إنهاجس التفجيرات الأمنية عاد بقوة إلى العاصمة بيروت وضواحيها بعد التفجير الإرهابي الذي هز الأشرفية ذات الغالبية المسيحية ليل أمس وأسفر عن سقوط قتيلة و 11 جريحًا وأضرار مادية كبيرة. وبيّنت التحقيقات الأولية انه ناجم عن عبوة زنتها نحو ٢٠ كيلوغرامًا من الـ "ت إن ت" تحت سيارة في موقف للسيارات مجاور لمجمع "ABC" التجاري الذي تكتظ مقاهيه ومطاعمه غالبًا في ساعات الليل. وكانت موجة التفجيرات قد توقفت نحو 3 أشهر، إذ إن آخر تفجير استهدف حافلتي ركاب في عين علق في 13 شباط/ فبراير الماضي بتوقيت ذي دلالات ولا يتعلق بـ "التطرف الإسلامي"، عشية إحياء قوى الغالبية ذكرى إغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري. وأعلنت السلطات لاحقًا أن المرتكبين هم من تنظيم "فتح الإسلام" واتهمت الأستخبارات السورية بأنها تحرك هذا التنظيم .
ورغم أن عمره لا يتجاوز تسعة أشهر، إذ أعلن عن وجوده في أيلول/ سبتمبر الماضي، تطور تنظيم "فتح الإسلام" ونما وتمدد ليتحول مصدرًا أول للخطر والتهديد الأمنيين. والملاحظ أن هذا التنظيم لا يزال حتى اليوم لغزًا أمنيًا محيّرًا وغامضًا، خصوصًا بعدما أكدت الأحداث منذ الأحد الماضي اتساع رقعة عمله ومدى تسلحه والإمكانات المادية الكبيرة التي يملكها.
وكان المدعو شاكر العبسي الملقب بـ "أبو حسين" المبادر إلى إعلان هذا التنظيم وانشقاقه مع مجموعة يترأسها عن حركة "فتح - الانتفاضة" واقدامه على احتلال مراكزها في مخيم البداوي بعد اشتباكات مع عناصر من "الكفاح المسلح". وتقول مصادر أمنية إن تلك الأحداث كانت مجرد تمثيلية وإن القيادة الفعلية لهذه المجموعة تعود للسوري "أبو يزن" الذي قتل في شارع المئتين في طرابلس أمس، وهو كان المخطط لجريمة تفجير حافلتي الركاب عين علق .
ورغم أن "فتح الإسلام" أصبح تحت أعين القوى الأمنية، واصل تمدده بسرعة قياسية خارج مخيم نهر البارد شمال لبنان، واشترى شققًا في مناطق غير مصنفة ضمن البيئة التقليدية للمجموعات الإسلامية المتطرفة في عاصمة شمال لبنان طرابلس، واستطاع تخزين الأسلحة والذخائر والقيام بتدريبات احترافية عالية المستوى.
وتختلف التقديرات حول عدد مقاتلي هذا التنظيم المدربين، إذ قدرتهم مصادر قبل أشهر بالعشرات لكن غالبية التقديرات تقول انهم نحو٢٥٠ عنصرًا مسلحًا من جنسيات سورية وفلسطينية ولبنانية وعراقية وخليجية ويمنية.
وكان شاكر العبسي قد تلقى حكمًا غيابيًا بالإعدام في الاردن في قضية مقتل دبلوماسي أميركي عام ٢٠٠٢ ، وطالبت عمان السلطات السورية بتسليمها العبسي الذي كان مسجونًا لديها، لكن السوريين رفضوا طلب الأردن، لا بل أطلقوا سراحه عام ٢٠٠٥.
وانتقل الرجل على الأثر إلى معسكر تدريب لـ "فتح- الانتفاضة" في منطقة حلوة الحدودية قرب راشيا الذي تحميه القوات السورية من الخلف، ثم انتقل الى معسكر آخر في منطقة قوسايا في البقاع الأوسط ليتولى تدريب مجموعات عسكرية حملت لاحقًا اسم "فتح الاسلام". وانتقل في ٢٠٠٦ الى برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث عمل على تشكيل مجموعات وخلايا، ومن هناك توجه إلى مخيم البداوي ومن إلى نهر البارد في الشمال، بعد حصول حوادث البداوي واعتقال عنصرين من فتح الإسلام إعترفا بعلاقة التنظيم بالإستخبارات السورية.
وتشير معلومات أمنية إلى أن لبعض أفراد هذا التنظيم تجارب قتالية في بغداد والأنبار ضد الأميركيين والشيعة العراقيين، في حين تنفي دمشق أي علاقة لها بهذه المجموعة، وتقول إن "فتح الإسلام" هو أحد تنظيمات "القاعدة" التي تخطط لأعمال ارهابية في سورية وجرى كشفه في آب/ أغسطس ٢٠٠٢، وأوقف عدد من أفراده مع رئيسهم شاكر العبسي. وفي العاشر من الشهر الحالي أعلنت "فتح الإسلام" أن قوات الأمن السورية قتلت أربعة من أعضائها بينهم مساعد للعبسي وأحد مرافقيه، بينما كانوا يحاولون عبور الحدود إلى العراق "لنصرة اخوانهم في الإسلام" وتوعدت بالانتقام، إلا أن مسؤولين في قوى الغالبية الداعمة للحكومة في لبنان تؤكد أن هذه الرواية لا أساس لها من الصحة، وأنها مجرد محاولة تمويه لإبعاد الأنظار عن الترابط بين الإستخبارات السورية و"فتح الإسلام".
وفي الخلفية العقائدية يقول شاكر العبسي إن منهج تنظيمه هو "الكتاب والسُنة، وجاء ليقيم الدين ويصلح ما أفسد، وليرفع راية "لا اله إلا الله " فوق سماء فلسطين، وانه لا يتبع أي نظام ولا أي تنظيم على وجه الأرض". أما عن علاقته بتنظيم "القاعدة" فيقول: "إن الذين يقاتلون عدونا هم اخوتنا، وهؤلاء الذين يقاتلون الأميركيين الذين جاؤوا إلى هذه الأرض كلهم أخوة لنا". ويشير إلى أن التنظيم يتمول من أموال المسلمين الناجمة عن التبرعات أو بدفع الصدقات والزكاة.
لكن مصادر فلسطينية تشدد على أن فتح الإسلام، ليس تنظيميًا فلسطينيًا بل خليط يجمع بين فلسطينيين وآخرين من جنسيات عربية متعددة، إضافة إلى لبنانيين لجأوا الى نهر البارد وبينهم مطلوبون كانوا قد أدوا دورًا في اشتباكات جرود الضنية مع الجيش اللبناني قبل سنوات، وعلى رأسهم غاندي السحمراني وشهاب القدور. وتقول إن هذا التنظيم استغل تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لسكان المخيم عبر توزيع مساعدات مالية واعتماد سياسة الزواج من فتيات المخيم، مما رفع عدد الذين ينتمون إلى التنظيم. وتشير إلى أن عدد الفلسطينيين في" فتح الإسلام" يبقى في حدود ٣٠ % وان البقية من المتسللين.
ويساعد تنظيم "فتح الإسلام " تنظيمي "عصبة الأنصار" و"أنصار الله" الشبيهين له ماليًا وعسكريًا ويدرب عناصرهما، ولديه فتاوى تجيز سلب المصارف "لتمويل العمليات الجهادية" التي ينفذها ضد "الكفار والخارجين على تعاليم الإسلام"، وهي في الحقيقة لشراء شقق واستحداث مكاتب في أرقى وأغلى شوارع طرابلس، على ما تؤكد المصادر الفلسطينية.
ومع رفع الغطاء الفلسطيني عن "فتح الإسلام" واعتباره مجرد تنظيم إرهابي، وارتفاع مستوى الإصابات، يبدو شبه محسوم أن معركة الجيش اللبناني لن تنتهي قبل الإنتهاء منه بالتفاهم مع الفصائل الفلسطينية في شكل أو آخر، وإن استلزم الأمر أيامًا أخرى من القتال.