أخبار

عن مجلس الحكم الإنتقالي في العراق (2/3) الأكراد وحكماء العراق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
طارق حمو
&
&
مُثلّ الأكراد في مجلس الحكم الإنتقالي في العراق بخمسة أعضاء، روعي في إختيارهم تمثيل التركيبة السياسية والإجتماعية الكردية بشكل معقول ( ولكن ليس كامل : لعدم وجود مقعد للأقلية الكردية الإيزيدية، وهو ما سنأتي عليه لاحقاً)، هي المرة الأولى في تاريخ الدولة العراقية، منذ زمن إلحاق الإقليم الكردي الجنوبي بولاية البصرة العربية وإنشاء ملكية العراق التي يتم فيها قبول الكرد كطرف مؤسس ومشارك في التكوينية المؤسساتية للدولة العراقية ( و يعود الفضل في ذلك كما لا يخفى على أحد لقوى التحالف الغربي، مثلما كان لها الفضل في حقن دم 4 مليون كردي كان صدام ينوي البطش بهم في سلسلة أنفالاته الشهيرة تلك)، الكلمة ستأتي هذه المرة مشكلة التلوين، مناصفة بين العرب والكرد لتقرر شؤون وشجون العراق، بعيداً، مثلما نتمنى، عن تدخلات أو" نصائح" بعض الأخوة /الأعداء من الذين يجتمع بهم العراقيون في ردهات الجامعة العربية أو يتحلقون حول فضائياتهم في الأماسي الطويلة.
الأكراد، النسيج الثاني في بدن الكتلة العراقية حصلوا على 5 مقاعد مناصفة مع السنة الذين مثلوا كذلك بنفس العدد من المقاعد، وبغض النظر عن التحالفات القائمة بين الأحزاب الكردية الرئيسية وبعض القوى المتنفذة في المجلس الإنتقالي فإن الحصة الكردية تبدو، في الصيغة المؤقتة الحالية على الأقل، مناسبة وتغطي بشكل لا بأس به الخارطة الكردية السياسية، إلى حين أن تنشر الخرائط الديمغرافية للأكراد في& المناطق الكردية ( كردستان، المناطق الكردية المعربة ) وفي بغداد العاصمة أيضاً، لتتناسب طرداً مع عدد المقاعد التمثيلية في قادم الأيام وتغطي المساحة والحجم الديمغرافي النهائي للقومية الكردية في العراق.
للوجود والتمثيل الكردي المناسب في مجلس الحكم الإنتقالي العراقي عدة مهام كبيرة وجسيمة تبدو مختصرة في عدة نقاط رئيسية لا تقبل التأجيل : 1ـ التأكيد على تطبيق فكرة الفيدرالية المناطقية بين الأقليمين الكردي والعربي في العراق 2ـ التخلص من آثار التعريب الذي مارسته الحكومات العراقية السابقة في كردستان وظهر في أبشع صوره أثناء حكم الأيديولوجية البعثية العنصرية التي أعملت في الأكراد القتل والتعريب والنفي، وهو ملف لا يقبل أي تأجيل أو محاباة وخاصة من الطرف الكردي.
3ـ الإتفاق على حجم التمثيل الكردي في الحكومة المركزية وكل وزاراتها القيادية الحيوية.
4ـ التأثير على القوى العراقية الأخرى لمنع أي تدخلات خارجية في الشأن العراقي الداخلي وكذلك طرد القوات التركية المتواجدة في كردستان ووضع حد للتدخلات التركية السافرة في الشأن العراقي، ومراقبة علاقاتها المشبوهة مع بعض القوى التركمانية العراقية ( التي رضت لنفسها لعب دور الطابور الخامس لعسكر أنقرة ) .
&التأكيد على وحدة السياسة الداخلية العراقية بوحدة عنصريها الرئيسين ( الكرد والعرب ) سيؤدي إلى خلق عراق قوي قادر على الوقوف في وجه التحديات الخارجية والأطماع الإقليمية والتي تمثلها ( في الدرجة الأولى، أبداً ودائماً وحتى إشعار بعيد الأمد... ) الكولونيالية التركية الطامعة في أرض العراق وثرواته والمتحفزة للشعب الكردي في الإقليم الجنوبي من كردستان، منتظرة لحظة مناسبة للإنقضاض عليه وإلحاقه بعالم العبودية المظلم الذي تفرضه على كردستان الشمالية منذ تأسيس الدولة التركية على ذلك النسق الإستعماري العنصري الذي فرضه مصطفى كمال أتاتورك عام 1923 م، فالإستقلالية العراقية في تسيير الدولة يجب أن لا تعطي أي فرصة للدول الإقليمية بالتدخل في الشأن الداخلي للدولة، والأكراد العراقيين يستطيعون لعب الدور الرئيسي في ذلك (من خلال هذا المجلس، بدايةً) بالإعتماد الكلي على الإمكانيات العراقية الذاتية وخصوصاً المجموعات التي كان النظام السابق قد إستبعدها وعزلها لشكه في ولائها له، وكذلك في تشكيل الصيغة الداخلية المحددة لعلاقة الإقليمين العراقيين ببعضهما البعض، بدون السماح لتدخلات الدول الإقليمية المتحفزة.
الدور الكردي، الذي سيكون دوراً محورياً في عراق الغد القريب يستطيع أن يؤثر على القضية الكردية العامة في بقية أجزاء كردستان، فالتطبيقية الفيدرالية ستقدم نموذجاً معقولاً لبقية الأجزاء الكردية : في صيغة تعايشية بين الكرد والأمم الشرق أوسطية التي تتداخل مناطقها الجغرافية ببعضها البعض في واقعية هشة كانت دائماً سبباً للمنازعات والإحترابات الدموية، ولعل التصريح الشجاع الذي قاله السياسي الكردي المخضرم محمود عثمان في حديثه لمحطة( سي ان ان) التركية حول ضرورة الإسراع في حل القضية الكردية في تركيا وإن تركيا لن تتقدم نحو الديمقراطية بدون إيجاد الحل المناسب للقضية الكردية في كردستان الشمالية يصب في هذا الشأن، و إستطرد السيد عثمان(العضو الكردي في مجلس حكماء العراق) إنه شخصياً يعتبر نفسه صديقاً لحزب العمال الكردستاني الذي يناضل في سبيل نيل حقوق الأكراد في تركيا، وإنه لا يجد بداً من أن تلتزم الحكومة التركية بمفاوضات مع الأكراد في سبيل حل القضية الكردية في تركيا وإنهاء النزاع الدائر فيها منذ عشرين سنة، بمعنى التأكيد على أن تحل الدول الإقليمية القضية الكردية محلياً بدل أن تتداخل فيها الأيدي الأجنبية كما حدث في العراق ويحدث في تركيا الآن نتيجة ضغوط الإتحاد الأوروبي .
الرهانات العروبية( الحكومية والشعبوية) على مقاومة وصمود النظام العراقي في المعركة الأخيرة ذهبت مع الريح العاصفة، كما خابت تلك الرهانات على الحرب الأهلية العراقية (العرقية والمذهبية) كذلك، وظلت بعض الدوائر العروبية( والإقليمية العنصرية..) تبث خوفها من تنامي النفوذ الكردي في الأجندة العراقية المستقبلية، وترفض ـ متدخلة في عمق الشأن العراقي ـ الفيدرالية الكردية في العراق متذرعة أن ذلك قد يهدد وحدة العراق وعروبته!!، ويمكن لهذه التجربة، فيما لو نجحت النجاح المرتقب، أن تقوي النزعة الديمقراطية والميل التعددي لدى شعوبها وأقلياتها المضطهدة ( تبدأ السلسلة بالأكراد في تركيا وسوريا وإيران وتمر بالأقباط في مصر و بالجنوبيين في غرب السودان ولا تنتهي عند البربر المظلومين في الدول المغاربية.... ) وهي قضايا ملفاتها مؤجلة الحل لدى هذه الأنظمة، قد تحل في يوم من الأيام بإنقلاب ديمقراطي بنيوي أو ربما بتدخل خارجي ( وهو الحاصل الآن في واقع الحال..) وإن بطريقة أخرى مختلفة عن الطريقة العراقية.
الأكراد رقم صعب في معادلة إستقرار ودمقرططة الشرق الأوسط، وتبدو الإنسيابية العراقية ( متمثلة في مجلس حكماء العراق ) وهي تقدم واقعاً جديداً و إنبعاثاً للنسغ العراقي الذي حطمه النظام السابق بركوبه إيديولوجيا شمولية عفنة، أملاً جديداً ووافداً قد يقدم خيراً لبقية الشعوب المضطهدة والجائعة التي تأن تحت نير الإيديولوجيات الإستبدادية التي تغطي سماء الشرق الأوسط منذ قرون طويلة.
....هكذا قد تأتي القراءة، لكنها في معانيها وما بين سطورها تتوقف على العراقيين، عرباً وكرداً وبقية الموزاييك، وتتوقف كذلك على حرصهم على هذا "الإنموذج" من" نصائح" و"متابعات" و"مساعدات" و"تقويمات" الأخوة و الجيران.
صحافي كردي مقيم في المانيا
tariqhemo@hotmail.com
&
الحلقة الأولى

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف