عقيلة الهاشمي..غياب لدور دبلوماسي هادئ ولآداء نسوي في السياسة العراقية
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فقد رحلت الهاشمي ضحية دور مزدوج حاولت اداءه في السياسة العراقية بين مرحلتين فهي البعثية الوحيدة في مجلس الحكم الذي حل حزب البعث وعزا الالاف من اعضائه من وظائفهم الحكومية مانعا منحهم ادوارا مهمة في ادارة الدولة العراقية الجديدة .
فهي الحاصلة على شهادة الكتوراه في الادب الفرنسي في تعبير عن مكامن الرغبة في الحرية والانعتاق التي تجيش في صدور العراقيات اللائي كن ضحايا ممارسات نظام استبدادي وعدواني أفقدها الاب والابن والاخ والزوج !
وكما عرف عن العراقيات بأنهن حاملات للاسية فقد صارعت عقيلة الموت خمسة ايام صعبة بعد اصابتها بثلاث رصاصات غادرة في العشرين من الشهر الحالي في المعدة والكبد والعنق عندما هاجمها مسلحون امام منزلها في بغداد كانوا يخفون اسلحتهم تحت بطانيات في سيارة حمل صغيرة حيث اطلقوا في بداية هجومهم قذائف ( أر . بي . جي ) اصابت اطارات سيارتها التي فقدت توازنها فأقتحمت مرأب منزل مجاور لتفادي القتلة فأصيب معها سائقها وشقيقيها اللذين كانا يرافقانها .
كانت الشرطة العراقية قد عرضت على عقيلة تشديد الحراسة حول منزلها في حي الدبلوماسيين ببغداد ووضع حراس شخصيين لها لكنها رفضت لانها كانت ماتزال على مايبدو تحاول التعامل مع الحياة ببساطة وديبلوماسية لايعرفها القتلة والارهابيون .
اثار تعيين عقيلة عضوة في مجلس الحكم العراقي في تموز ( يوليو ) الماضي دهشة الكثيرين الذين عرفوها عضوة في حزب البعث الذي حكم البلاد 35 عاما ومديرة للعلاقات العامة بوزارة الخارجية عندما كان وزيرها هو طارق عزيز نائب رئيس الوزراء المقبوض عليه حاليا بمعتقل مطار بغداد الدولي مع مجموعة من كبار مسؤولي النظام السابق .
فهذه السيدة الخمسينية من عمرها درست القانون والسياسة في جامعة بغداد لكنها بعد حصولها على البكلوريوس رحلت الى باريس لاكمال دراستها في تخصصها لكن طبيعتها الميالة للهدوء والمرونة والتعامل بعطف مع الاخرين اخذتها لدراسة الادب الفرنسي المعروف بروائعة التي تتحدث عن الحرية والحب والامل .. وربما كانت هذه مشاعر تجيش في نفسها ولم تكن تستطيع التعبير عنها لظرف شخصية واجتماعية في مجتمع مازال منغلقا بفعل ظروف شتى .
وبعد عودتها الى بغداد اصبحت عقيلة احدى دبلوماسيات وزارة الخارجية في سياسات لم تكن تعرف للدبلوماسية اسلوبا للتعامل مع الاخرين لكنها مع ذلك اظهرت قدرة وكفاءة في عملها حتى اصبحت في عهد الوزير طارق عزيز مسؤولة قسم العلاقات العامة ومساعدة لرياض القيسي وكيل الوزارة وعضوة في معظم الوفود الدبلوماسية التي كانت ترحل الى الامم المتحدة للدفاع عن مواقف الحكومة العراقية مما اكسبها دراية بشؤون المنظمة الدولية وعمل مؤسساتها وكيفية صنع القرار فيها وطبيعة العلاقات التي تحكم مسؤليها .
وبعد غزو الكويت عام 1991 نقلت عقيلة من وظيفتها في العلاقات العامة وانيطت بها مسؤولية ملف المساعدات الانسانية الخاص بالامم المتحدة في ظروف حصار دولي قاس واوضاع اقتصادية صعبة يعيشها العراقيون الذين بدأوا يعتمدون في الحصول على احتياجاتهم المعيشية من هذه المساعدات الاتية من الخارج .. وظلت تتولى هذه المهمة حتى سقوط النظام السابق في التاسع من نيسان ( ابريل ) الماضي .
عرفت عقيلة بصلابتها التي تبعدها احيانا عن انوثتها طيلة الخمسة والعشرين عاما التي قضتها في العمل الاداري والدبلوماسي فلم تتصف بالتردد وان كانت تتحاشى الصدام مع الاخرين وتكتفي احيانا بأبداء رأيها وشرح موقفها من قضية معينة ثم تترك للاعلى منها حرية اتخاذ القرار ولذلك اصبحت عضوة في خمس لجان قانونية ودستورية وخارجية تابعة لمجلس الحكم .
شاركت مؤخرا في وفد المجلس الذي ذهب الى الامم المتحدة مع عدنان الباجةجي وأحمد الجلبي وهناك استثمرت كل علاقاتها الدبلوماسية وخبرتها السياسية من اجل استعادة العراق لدوره في هذه المنظمة الدولية .. وظات طيلة الشهرين الاخيرين تسعى للدفع بأتجاه اعادة المشاركة العراقية في المنظمات الدولية والاقليمية بالاضافة الى العمل من اجل استعجال حصول العراق على سيادته بالاعتماد على دور فاعل للامم المتحدة .
كان مفترضا ان تكون الفقيدة مع الجلبي الان لشغل مقعد العراق في الاجتماعات الحالية للجمعية العامة للامم المتحدة لكن رصاصات الغادرين القت بها في مستشفى اليرموك لمصارعة الموت بدلا من المقر الاممي في نيويورك للمقارعة من اجل العراق وشعبه .. وليؤكد القتلة بذلك الاصرار على اعاقة جهود حصول البلاد على سيادتها وحريتها بعيدا عن وصاية خارجية واستبداد داخلي .. وحيث الرصاص يظل سيد الموقف على الساحة العراقية مالم يتمكن ابنائه من انتزاع سيادتهم و السيطرة على مقدراتهم وتسيير شؤون بلادهم بأنفسهم .
*اعلان الحداد لثلاثة ايام في العراق:
مراسم تشييع عقيلة هاشم غدا الجمعة
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف