لقاء إيلاف الأسبوعي: الكاتب المسرحي الفريد فرج: ساهم التلفزيون في جعل المسرح شعبيا بعرضه مختلف المسرحيات
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
&
* منذ كتابتك مسرحية النار والزيتون وحتى مسرحية الطيب والشرير والجارية يلاحظ تاثير المسرح السياسي عليك وبالذات مسرح الالماني بيسكاتور والمسرح الملحمي، هل مازال ا المسرح السياسي يمتلك ضرورته؟ وأين نضع برشت الان بعد كل هذه المتغيرات؟
- كتبت النار والزيتون وعودة الأرض وثورة الحجارة بنفس أسلوب ووسائل المسرح السياسي لانني رايت ان هذا الشكل مناسب لطرح القضايا السياسية المتفجرة. وكما تعرف باننا أخذناه إضافة الى بيسكاتور وبرخت، كذلك من اسلوب بيتر فايس أو بيتر بروك حيث كان لهما تأثير أيضا.
&
* وخاصة في مسرحية مارا صاد.
- بالضبط. . وبالرغم من ان برشت في بداياته كتب في المسرح السياسي المباشر، إلا ان مسرحه يعتبر ملحميا. وبما ان قضايانا السياسية مباشرة وزاعقة، فان مثل هذا الاسلوب المسرحي يؤثر وله دوي وصدى لدى جماهيرنا، مما يضمن نجاحه، لانك اذا كتبت هذه المشاكل باسلوب آخر و بقلم بارد او عقلاني او فلسفي متأمل سوف لا يكون لها تأثيرها لان الجمهور يشاهد هذه المشاكل المعالجة في المسرحية كقضية فلسطين مثلا بشكل مباشر من الاجهزة الاعلامية، اذن يجب ان نخاطبه بنفس الروحية أي نفس تأثير الصورة و الوثيقة التي يخاطب التلفزيون بواسطتها جمهوره. ولأن التلفزيون له تاثيره الكبير من خلال وسائله المرئية المباشرة هذه، فان على المسرح ان يخلق وسائل مسرحية لها نفس التاثير المتفجر. وبالنسبة لي، فبعد سنتين من التأمل والمشاهدة في المسارح الاوربية ـ وتاثرا باتجاهاتها ـاستطعت ان اكتب نموذجا مسرحيا سياسيا لمعالجة بعض قضايانا السياسية. أما برشت ومسرحه الملحمي واكتشاف المتناقضات في المألوف وتأثير مفهوم التغريب الذي طرحه، كان له تأثير السحر انبهرنا به جميعا واستوعبناها وتأثر بها لسنوات عديدة.
&
* إذا هل مازال يمتلك هذا المسرح ضرورته.
- طبعا، من الممكن ألا يكون ضروريا في المانيا ألان، إلا أنه يمتلك هذه الضرورة عندنا، لان مشاكلنا وجدلياتنا وتناقضاتنا مازالت قائمة.
&
* لنعود إلى مسرحية حلاق بغداد، إنك ذكرت أن بعض النقاد أكد على التأثير الكبير لهذه ا لمسرحية على أسلوب جيل من المؤلفين المسرحيين العرب في استلهام التراث وعلى لغة المسرح العربي بشكل عام. وسؤالي هو ماهي مميزاتها المعاصرة بالرغم من تراثيتها؟
-&بالغم من ان المؤلف يجب ان يكتب بضمير صادق غير انه لا يعرف تاثير كتاباته إلا بعد ان يشاهد صداها في الجمهور، سأضرب مثلا كمفارقة سببها منديل الامان. عندما طلب الحلاق من خليفة بغداد منديل أمان يوزعه على المواطنين وكان في ذات الوقت يشير الى السوط. .
&
* الامان من الاعتقال والاضطهاد وضمان حريته.
- نعم. ولكي يقول ما يشاء بحرية، كانت الصالة تلتهب حماسا. ولكن المسرحية تعرضت الى الكثير من التضيق والمحاربة، لكنها انتصرت على كل ذلك. لان نجاحها الجماهيري أعطاها استمرارية عرض لمدة خمس سنوات.
&
* اذن المسرحية تحولت كمنديل امان بالنسبة لك كمؤلف.
- صحيح جدا، ويمكن أنها أثرت وغيرت في أسلوب الرقابة على الفرد. لكن أحدهم كتب مقال مزري وشنيع قال فيه كيف تسمحون ان تعرض مثل هذه المسرحية على حساب الدولة ومضمونها ضد الحكومة، وضد خلافة بغداد وضد حكمه، وقد أحدث المقال دويا في الوسط الثقافي، وقد تصدى له 52 كاتبا في اسبوع واحد دافعوا عن المسرحية، مما اضطر الجريدة الى الاعتذار.
&
* اذا يمكن للمثقفين والراي العام حماية الثقافة والفن.
- نعم. . ولكن اين التضامن الان بين المثقفين والمبدعين. انه شئ ضروري وأكثر أهمية.
&
*لأن هذا يمنحهم منديل أمان لحمايتهم.
- بالتأكيد.
&
* اذا كان المسرح لا يعتبر جزءا من عطلة نهاية الاسبوع بالنسبة للمواطن العربي في الكثير من البلدان، اضافة الى ان المسرح يحتاج الى فهم خاص و نتاج لذوات فنية مبدعة كالمؤلف والمخرج والممثل؟ اذاً من هذا المنطلق هل تؤمن بان المسرح نخبوي في تأثيره، فالكاتب التونسي عز الدين المدني يؤكد دائما على هذا، كيف تفسر هذا الامر؟.
- هذا السؤال عميق وحساس، لانني اتذكر في فترة الستينات كنا نكتب عن القضايا الاجتماعية التي تناصر الفقير. وجمهور المسرح آنذاك من مختلف الطبقات وخاصة الغنية منها، وكنت اندهش لان الناس يأتون الى المسرح بعد ان يشتروا التذاكر وهم يعلمون بان المسرح يقف ضدهم يعيب الكثير من تصرفاتهم واستغلالهم الطبقي، وقد أنشأنا في ايام الوزير المثقف ثروت عكاشه ما سميناه الثقافة الجماهيرية ومنها انتشرت قصور الثقافة ومسارح الاقاليم وتوجهنا الى الاحياء الشعبية، لكي نقدم ذات الانتاج المسرحي مجانا لان هؤلاء هم أصحاب المصلحة الحقيقية والمسرح موجه لهم لانه يساهم في معالجة مشاكلهم الاجتماعية، وصادف عملنا هذا نجاحا كبيرا، . ومن هنا فان المسرح شعبي في طبيعته وفكره وتوجهه، ولكن الجمهور الشعبي الواسع غير قادر على حضور المسرح لظروف كثيرة أهمها الوعي والجانب الاقتصادي. إلا ان التلفزيون ساهم في جعل المسرح شعبيا أيضا عندما عرض مختلف المسرحيات. ومن ناحية اخرى فان المسرح نخبوي ايضا، نخبوي من ناحية شباك التذاكر أي ان الطبقة الوسطى الميسرة هي التي تشاهد المسرح باستمرار. ومثل هذا فاننا يمكن ان نعالج هذا الخلل حتى يصبح المسرح ملكا للجمهور.
&
* وهذا هو هدف المسرح.
- نعم وأيضا هدف كل ابداع ثقافي او فني.
&
* اذن السياسة الثقافية وطبيعة التوجه العام وحرص الدولة على انتشار الثقافة بين قطاعات واسعة من الجماهير من خلال انتشار الانواع الثقافية، كالمسرح و السينما و الباليه والموسيقى. وهذا يجعلنا نتذكر هدف السياسة الثقافية في فترة الستينات حيث خطط لها ان تكون أساسا لثقافة مستقبلية. اذا كان هذا صحيحا ما هو انطباعك عن هذا الموضوع.
- أنا أشرفت على قسم المسرح في الثقافة الجماهيرية التي تسمى الان الهيئة العامة لقصور الثقافة، في سنوات انشائها الاولى أي في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وكنت حريصا على ان ارفع من مستوى الفن واجعله اكثر جماهيرية ومتاحا للجماهير الواسعة، لذلك خططنا على ان يشاهد الجمهور في المحافظات والأرياف البعيدة ما تنتجه الفرق المصرية مثل المسرح القومي وغيرها، وكذلك ان تعرض الفرق العالمية أعمالها هناك فمثلا قدمت فرقة الباليه بحيرة البجع في اسوان، وكذلك الفرقة القومية للفنون الشعبية عرضت في اسيوط ودمنهور وكذلك فرق من بولونيا وروسيا وغيرها / طبعا كل شئ كان يخضع لتخطيط وبرمجة، إضافة الى توجه الدولة انذاك حيث كانت هي الممول لهذه الرحلات وتدعمها. هكذا يجب ان يكون التخطيط الصائب وخاصة بعد إحصائيات الامية وحجمها في الوطن العربي الذي تفضلت وأشرت له، لان الانسان الأمي بحاجة الى المعرفة عن طريق العرض البصري أي المسرح والسينما التلفريون وغير ذلك.
&
* ومن اجل التأثير العام على المجتمع عموما.
- وايضا حتى يوحد الراي العام والعقل العام وتتكون الشخصية العامة.
&
&وفي ختام محاورتنا مع الفريد فرج نشعر بانها تمتلك أهميتها على نطاق المسرح عموما وبالذات في المسرح التراثي، ولكن المسرح العربي يجب ان تحقق وسائله الإبداعية التواصل مع التطور التكنولوجي والفكري ولغة الخطاب المعاصر، واهم هذه الوسائل هو النص حيث مازال النص في المسرح العربي نصا ادبيا دون ان يتحول الى نص بصري يكتب من الكاتب المسرحي الذي يدرك بصريات اللغة والفضاء الابداعي ولهذا فاننا يمكن ان ندعو النص المسرحي غير البصري، بالنص الادبي المغلق لانه النص الذي يتحدث بالوسائل الادبية عن كل شئ حد الثرثرة، و يقدم الاجوبة والحلول والنتائج الشافية و الجاهزة لمختلف المشاكل، بدون ان تكون هنالك مساحات او انزياحات يمكن ملاها وتكملتها بالرؤيا او التداعي البصري، ومثل هذا النص الادبي السردي المغلق على ذاته لا ُيكتب بلغة مسرحية بصرية، و لا يتعامل مع فضاء العرض البصري، وانما يتعامل مع فضاء الادب وإلتباساته السردية ويمنع أي تأويل بصري ظاهراتي، ولايعني إطلاقا بميتافيزيقيا الخيال البصري. ولهذا السبب أصبحت المشاهدة ولذة المسرح الان معقدة لدرجة كبيرة واكثرها تعقيدا في وطننا العربي، مما أدى الى امتناع قطاع كبير من الجمهور المتفاعل والمتعاضد عن ارتياد المسرح. اذن تقوم مشكلة المسرح على كونه مسرحا أدبيا و سرديا وسايكولوجيا. ويستطيع المؤلف المسرحي المعاصر الذي مازال يؤكد مسئوليته الفنية والادبية ولم يسرق من قبل التلفزون ويضطر للكتابة له، يلعب دوره الأساسي في بناء الفضاء المسرحي العربي من جديد، إذ أن إتقان المسرحية العربية وتحقيق أبعادها البصرية المعاصرة، هو تحقيق لتواصل المسرح الرعبي بالمسرح العالمي.
الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
&
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف