الطائفية خطر كبير وتجاهلها أخطر..!! (3-3)
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
&
الحلول المقترحة للمشكلة الطائفية (ما العمل؟)
بعد خلاص العراق من أبشع نظام عرفه التاريخ، انفجرت التناقضات والصراعات الأثنية والدينية والطائفية وكلها نتيجة للقمع عبر قرون. الحالة التي نشاهدها اليوم تشبه ما حصل بعد ثورة 14 تموز وبشكل أشد وذلك بسبب تعقيدات الحالة الراهنة، وجود قوات التحالف وغياب السيادة الوطنية وتدفق الإرهاب الخارجي. لحسن حظ الشعب العراقي أن النظام سقط عن طريق غزو خارجي فرض سيطرته على البلاد. ولو سقط النظام الفاشي عن طريق انتفاضة مسلحة أو انقلاب عسكري لانفجرت النزعات الانتقامية وسالت الدماء انهاراً واحترق الأخضر بسعر اليابس كما بقول المثل. لذلك فما حصل من أعمال النهب وزعزعة الأمن يعتبر شيئاً مخففاً بالقياس إلى ما كان يمكن حصوله لو سقط النظام عن طريق الانتفاضة. وحتى هذه الصراعات الأثنية والطائفية حول ضمان الحقوق مسألة متوقعة بعد قرون من الإضطهاد.
الطائفية لا تعالج بطائفية مضادة كما العنصرية لا تعالج بعنصرية مضادة. إن الحل يكمن في النظام العلماني الديمقراطي الذي يعامل جميع أبناء الوطن الواحد على أساس الانتماء للوطن الواحد وليس العرق والدين والطائفة. نظام يؤمن بالتعددية السياسية والعرقية والدينية والمذهبية والفكرية وقيام ودعم المؤسسات المدنية وتنشيط دورها في مواجهة السلطة. كذلك احترام حرية الصحافة ومنظمات الضغط لتشديد المراقبة على سلوك السلطة ومحاسبتها وفضح المحسوبين والانتهازيين والمفسدين في السلطة تماماً كما هي الحال في الدول الديمقراطية الغربية.
نعم هناك بعض المخاطر من الديمقراطية نفسها خاصة في شعب لم يمارسها في التاريخ. إذ توجد تصورات مختلفة عن الديمقراطية لدى الناس وخاصة المرشحين لاستلام السلطة في العراق الجديد. فهناك مخاطر تطبيق النموذج اللبناني أي الديمقراطية الطائفية. إن تجربة الحرب الأهلية اللبنانية تعطينا الحق برفض هذا النموذج.
وكما يعترض البعض على الديمقراطية الغربية بسب وجود بعض الشرور في هذه المجتمعات، يجب أن لا ننسى، انه لا يمكن أن يخلو أي مجتمع من سلبيات ومشاكل التي سوف تستمر ما استمرت الحياة البشرية ولو بنوعية ودرجات مختلفة. فالديمقراطية ليست دواء لكل علة (Panacea ). ولكن سلبيات الأنظمة الديمقراطية أقل بكثير من سلبيات وخطايا الأنظمة الديكتاتورية، وإيجابياتها كثيرة بدون أن تكون للديكتاتورية أية إيجابية. ومن المفيد أن نعيد قول تشرتشل إن "الحكومة الديمقراطية ليست حكومة مثالية، ولكن المشكلة أنه لحد الآن لا توجد حكومة أفضل من الحكومة الديمقراطية".
ومن الجدير بالذكر إن الانتماء إلى طائفة لا يعني طائفية، والالتزام بشريعة مذهب لا يعني الطائفية، ولكن معاداة الآخرين وحرمانهم من حقوق المواطنة ممارسة طائفية بغيضة.
إن محاربة الطائفية وتبني النظام العلماني الديمقراطي مسؤولية تقع على عاتق المثقفين العراقيين للعمل الجاد وبنشاط للترويج للديمقراطية ومحاربة الطائفية وإقناع أبناء شعبنا بأن الكوارث التي حلت بالعراق خلال ما يقارب الثمانين عاماً كانت نتيجة تبني الحكومات العراقية المتعاقبة سياسة تمذهب السلطة أساساً، وأنه لا يمكن حرمان أية فئة من فئات الشعب بحقوق المواطنة الصحيحة لأسباب اختلاف مذهبي أو عنصري. ويجب نبذ سياسة التشكيك بعروبة الشيعة والإنتماء الوطني للكرد الفيلية. كما ويلزم بنا إدانة سياسة العزل المذهبي والعرقي وجميع أشكال التمييز بين المواطنين. ويجب ان تؤخذ الكفاءة والولاء للوطن مقياساً لإحلال المناصب والوظائف في الدولة. واعتبار الناس متساوين في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص.
كذلك العمل الجاد على تثقيف أبناء شعبنا على روح التسامح ونبذ العنف والتعود على قبول واحترام الرأي الآخر واحترام معتقدات الآخرين الدينية والمذهبية والفكرية والسياسية والإجتماعية وغيرها والتعايش معها بسلام. لا ديمقراطية بدون روح التسامح والتعايش مع المختلف، سواء في القومية أو الدين أو المذهب أو الرأي السياسي والفكري.
نعم هذه المقترحات سهلة على الورق وصعبة التطبيق في البداية، لأن كل بداية صعبة، ولكنها ليست مستحيلة وليس هناك حل آخر أفضل، وبدونها سيكون هناك المزيد من الدماء والكوارث. وعلى المثقفين والسياسيين أن يكونوا قدوة لغيرهم في هذا المضمار، ليتبعهم الآخرون. لذلك فالمطلوب من المثقفين والسياسيين المخلصين النضال والعمل الجاد لتحقيق هذه الأهداف النبيلة.
"لقد ارتبط تمذهب الدولة القومية في العراق بقانونين لا يمكن أن تعيش بدونهما.. الاستبداد والتهمة الشعوبية. وسيظل كل منهما قائماً في الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية للدولة ومؤسساتها وأتباعها حتى ينتبه العراقيون إلى هذه الحقيقة، ويتم التخلي عن تمذهب الدولة وهذه رغبة تنسجم مع منطق العصر وشروط التكوين القومي.)11
&
يقول العلامة علي الوردي بهذا الخصوص:" قد يستغرب القارئ إذا علم بأن كلتا الطائفتين -السنة والشيعة- كانتا في أول الأمر من حزب واحد، وإن الذين فرقوا بينهما هم السلاطين ووعاظ السلاطين.. ففي عهد الدولة الأموية كان الشيعة وأهل السنة يؤلفون حزب الثورة. إذ كان الشيعة يثورون على الدولة بسيوفهم، بينما كان أهل السنة يثورون عليهم بأحاديثهم النبوية- هؤلاء كانوا ينهون عن المنكر بألسنتهم، وأولئك ينهون عنه بأيديهم."
"وإذا أراد الشيعة وأهل السنة في هذا العصر أن يتحدوا فليرجعوا إلى شعارهم القديم الذي اتخذه زيد بن علي وأبو حنيفة، أي شعار الثورة على الظلم في شتى صوره لا فرق في ذلك بين الظالم الشيعي أو الظالم السني. إن هدف الدين هو العدل الإجتماعي. وما الرجال فيه إلا وسائل لذلك الهدف العظيم."12.
&
هوامش:
11، 12 تاريخ الوزارات، عبد الرزاق الحسني.
&
الحلقة الأولى
الحلقة الثانية
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف