لقاء إيلاف الأسبوعي وجيهة الحويدر (3/3): المرأة في ديارنا مهما كانت هي لا شيء لأنه بورقة من رجل ساخط تتحول الى "ولية غلبانة"
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
&
* ماذا عن عاهات الإناث؟
- هذا لا يعني أبدا ان الإناث لسن مصابات بعاهات مشابهة..هناك رجال شجعان كثيرون على أرضنا العربية، لا احد يستطيع ان ينكر ذلك.. المؤسف ان كثير منهم رازحون في أقبية السجون والمعتقلات..هؤلاء الرجال هم الذين سيقومون بتحريك شيء من هذا السواد المخيم بسدوله على الأمة.. لكنهم لن يتمكنوا من القيام بتلك المهمة الصعبة ويؤدوها على أكمل وجه بدون ان يكون بجانبهم نساء بنفس الشجاعة و الأمانة و الهمة.
&
* على سبيل المثال صحيفة "ايلاف" بالتحديد أليس صاحبها رجلا فتح الصحيفة لكل الآراء؟
- بالفعل "ايلاف" هي نافذتي الوحيدة التي اطل من خلالها على العالم.. بفضل رجل اختار ان ينفض الأتربة عن ذهنه، ويجعل من نفسه بوابة مفتوحة للتيار المغاير، ومنبرا للصوت ذو الرنة المختلفة، الذي يتمنى الكثير ان يظل خافت وموارى ومردوم في دهاليز معتمة.. قلمي لم يحتمل احد ثقله ونصاعة حبره وحدّة حربته غير "ايلاف"، حتى مطبوعات إحدى دول الجوار التي تتشدق بالديموقراطية والانفتاح عجزت عن استقباله.
&
* لديك مؤلفات أدبية إلا أنها ما تزال بعيدة عن النشر بقرار منك خوفا من المزيد من التضييق عليك، ما هي هذه المؤلفات وما هي عناوينها وحول ماذا تدور؟ ألا توجد لديك طموحات لنشرها في الوقت القريب؟
- أحيانا كثيرة يكون فيها الصمت ابلغ من الكلام، لكن في هذا الزمن الأغبر صار الصمت عادة سائدة مقيتة ملتصقة بنا بشكل يومي، وكأنها جزء من تركيبتنا الجينية..اللسان بات عضلة آلية أهم وظائفه هي تلقف الطعام والقذف به لداخل الجسم، ومن يستخدمه لغـرض الكلام غير الموروث يصبح صوته نشاز وغير مقبول.. لذلك وجدت من الأجدر لمؤلفاتي ان تظل صامتة حبيسة الأدراج. فحالنا اليوم مخيف للغاية، تمزيق الأجساد وسحلها والعبث بها أمر اعتاد الناس على سماعه. "الآخر" مهما كان معتقده ونهجه، دمه مباح وجثته أضحية تقطع أطرافها من خلاف..أصبح الوضع مفزع وموحش في ديارنا خاصة لمن يتحدث بلغة مغايرة، فما بالك حين يكون الآخر المتحدث امرأة تحسب مواطنة من الدرجة الثانية.. بالنسبة لمؤلفاتي..فلدي رواية مصاغة على شكل سجل تاريخي تدون حقبة زمنية مرت بنا وتركت آثارها في النفوس.. والتي نلمس نتائجها الوخيمة ونحصد ثمارها السامة الآن.. الرواية تحكي بصورة فلسفية عن أمور اجتماعية وسياسية وتمس مساحات نفسية بعمق إنساني..لدي ايضا قصائد شعرية..ورواية أخرى ذات نمط مختلف عن الأولى..جميعها لم تر النور بعد..
&
* كيف يمكن أن تصفي لنا لحظة كتابة القصيدة في حياتك؟
- كتابة القصيدة كانت مرحلة من مراحل كثيرة مررت بها..أنا امرأة امتهنت البحث عن الذات والتفتيش عما تختزله لي في جعبتها..كنت قبل الكتابة قد زاولت الرسم..كان الرسم بالنسبة لي رحلة استكشاف عن خفايا البعدين وحركة اليد وسطوة العين على الأشياء ودفعها للنطق على اللوحة..تماما مثل حكايتي مع القصيدة..لكن مهم جدا ان انوه أني لا اكتب شعرا ولا انضم نثرا ولا أحسن ممارسة الرسم..لكني احمل حلما نبيلا..الحلم بنيل الحرية..خضت تجارب جميلة ومثيرة مع الريشة.. والآن ارتبطت بعلاقة حميمية مع القلم..لكن هاتين التجربتين بينهما قواسم مشتركة أهمها أنهما يفتحان أجواء لعالم ذي بعد آخر..عالم بلا حدود، ولا نقط تفتيش، ولا خطوط حمراء ولا رقابة ذكورية..عالم يجدد في مرتاديه ملكة الدهشة.
&
* حبذا لو أعرف بالاسم أهم المؤلفات التي تركت انطباعات عليك غير كتاب النبي؟
- كتاب كثيرون اثروا في نهجي ونظرتي لأمور الحياة.. أتذكر مؤلفات علي الوردي مثل وعاظ السلاطين ومهزلة العقل البشري من الكتب التي تركت أثرا عميقا في نفسي..في سنين المراهقة سلامة موسى كان كاتب مؤثرا..وأيضا نزار قباني..لاحقا اطلعت على سارتر وهيجل ونيتشة وعلى مستوى الرواية هناك آخرين..أجدني مازلت أحبو بين الكتب في مشوار لا ينتهي..
&
* لقد نشر الإتحاد العالمي للكتاب والأدباء رسالة من أجلك يدعو إلى رفع حظر الكتابة الذي فرض عليك وكان ذلك في يوم المرأة العالمي هذا العام؟ كيف كان شعورك بتضامن منظمة عالمية معك؟ وهل هناك مع تضامن معك على الصعيد المحلي والعربي من كتاب وأدباء؟
- أول من ساندني على الصعيد المحلي وحتى اللحظة الكاتبة الجميلة إيمان القحطاني...أما الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء فقد تبنوا قضيتي من ساعة ما وصلهم خبر إيقافي.. تلك المؤسسة حرة وتعنى بشؤون الكتّاب في كل مكان، وتمتلك صوتا مسموعا في جهات كثيرة من العالم..لأن طاقمها يعمل باسم حرية التعبير للجميع ومن اجل حماية أصحاب الكلمة الحرة.. مَن من كتابنا ومؤسساتنا العربية يحتفظ بتلك الميزة اليوم؟ ان وجدوا فهم قلة..مجموعهم قد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة..على الضفة الأخرى المتخمة بالزيف.
&
* &في العالم العربي؟
-&لدينا في عالمنا العربي كم هائل من مؤسسات الفكر ونقابات الكتاب وجمعيات الأدباء والصحفيين، لم يجرأ احد منهم قط على التحدث أو تبني ببسالة قضية أي كاتبة أو كاتب هشمت قلمه الدولة.. في أي قطر عربي..لأن غالبية تلك المؤسسات تمثل حكوماتها، معتنقة بالتزام شديد ميثاق جامعة الدول العربية، الذي يتجاهل ويشل ويتكتم ويعجز عن البوح عن الانتهاكات التي يتعرض لها من يبادر بحركات تغيير أو تنوير مخالف لنهج السلطات العربية.. فكل ما يجري داخل أي وطن عربي يبقى مسكوت عنه من قبل الأفراد والمؤسسات العربية الأخرى، لأنه شأن داخلي لذاك البلد..حتى مقابر الموت التي خلفها البعث العراقي أدرجت تحت ميثاق التواطئ ذاك الذي حيك لصالح الحكومات وضد شعوبهم.السكوت عن قول الحق حوّل جميع مؤسسات الفكر والأدب العربية عندنا الى شياطين قميئة خرساء..لذلك انه من السذاجة والسفه ان يتوقع من يحمل قلما ناقدا وصريحا انه سيجد هناك مؤسسة عربية تتلقفه حين يُطعن ويتهاوى، أو تضمد جراحه وتداويه حين تمزقه خوازيق السلطة، وتردي به أرضا..الكل سيتركه مرميا وحده يحتضر مخضبا بدمائه النزيهة، حتى يفارق العالم ومن ثم يُسجل اسمه في قائمة الجنود المجهولة.
&
* &حياتك اليومية كيف تسير وأنت المرأة المثابرة على ان تكوني مختلفة عن غيرك من النساء؟
- أنا امرأة عاملة ثلث يومي تقريبا تقضمه الوظيفة واحزن كثيرا على النهار الذي يمر بي دون ان تمس أناملي خير جليس..لا احسب الأيام التي لا اقرأ فيها من العمر..لأني أراها ذهبت هباءً منثورا.. أنا أعيش في عزلة كبيرة عن العالم الخارجي لا أبارح بيتي إلا للضرورة.. زياراتي لأقاربي محدودة جدا..اعتكفت في محرابي منذ ان أمسكت بالقلم وولجت عالم الكتابة.. الأربع والعشرين ساعة لا تكفيني لقضاء حاجاتي منها.
&
* &وسنوات المراهقة؟
- سنين المراهقة والدراسة ُسلبت وسُرقت مني وأنا كنت في غفلة..لا أتذكر كيف حصل ذلك..ومن المستحيل ان استرد شيئا منها..قطاري يمر بسرعة فائقة..تارات اريد التوقف عند بعض المحطات لكن ساعات الإقلاع المتلاحقة لا تسمح لي بذلك..أنا لا يهمني ان أكون مختلفة عن غيري من النساء..سباقات النساء بكل أصنافها لا تستهويني أبدا..ما يهمني هو ان أكون ما اريد..وأرجو أن لا تسألني عما أريده..لأني افتقر للإجابة..
&
* ها أنت في العمل ولك حقوق العمل ولديك أسرة واسمك صار على الأنترنت في كل مكان أليست هذه من البوادر الطيبة؟
- كثير من نساء هذا البلد حققنا ما ذكرته..لكن هذا لا يعني أبدا انها بوادر طيبة ولا حتى بالإمكان ان نسميها بوادر لأنها ليست من صنع المرأة.. كل ما تنجزه المرأة هنا مهما علا شأنه ما هو سوى ترمومتر يقيس مدى انفتاح محرمها وتحضره وقبوله لما تقوم به.. يا سيدي المرأة في ديارنا سواء كانت كاتبة أو دكتورة أو امرأة أعمال..هي لا شيء..لأنه بورقة من رجل ساخط تتحول الى "ولية غلبانة" دون أدنى قيمة..فهل تستطيع الآن ان تسمي تلك بوادر طيبة..؟؟ طالما المرأة تحت سلطة رجل فكل ما تنجزه ما هو سوى أوراق يابسة لشجرة تترنح في مهب ريح شديدة.
&
* قلت انه لديك عائلة وأولاد كم عددهم؟ وهل تتم تربيتهم وفق ما ترين أنت؟
لدي صبيان..لا اشعر انه من حقي ان اشكلهما وفق ما أراه أو أتمناه لان ما أريده يناسبني أنا وحدي ويتلاءم مع شخصيتي وكينونتي ومن المؤكد لن ينسجم مع طبيعتهما فهما من جيل آخر بعيدا عني..لذلك أرى انه من الإجحاف ان نسكب أنفسنا ونصب نظرتنا لأمور الحياة في نفوس صغارنا ونحولهم نسخا منا..لكن يتحتم علي وأتصور على كل من ارتدى كساء الراعي ان يوفر لصغاره كل ما يمكن توفيره من فرص الارتقاء والتطور، لكي يتسلح الأبناء بما يحتاجونه لمصارعة تقلبات الدنيا.أجد انه مهم جدا ان ندرك ان إخفاقات أو نجاحات الأبناء ليس ذي صلة بوالديهم. أبناؤنا كيانات منفصلة عنا يشتد عودها ويتصالب كلما رفعنا أيدينا عن صياغتهم..يجب ان نجعلهم يعون على ان ما يجب ان يحققوه أو يفشلوا في تحقيقه هو شأنهم الخاص بهم..واجبنا فقط ان نعلمهم بما نرى انه صوابا وما نعتقد انه في صالحهم.. لكن في النهاية الخيار متروك لهم..هم في حاجة ان يشيّدوا في داخلهم صرح الإحساس بالمسؤولية منذ نعومة أظفارهم كي يكونوا أشداء وحازمين حين يتطلب الأمر منهم ذلك.
&
قصيدة للكاتبة وجيهة الحويدر:
&
برد بيننا..
&
أحاسيسك اليوم منخفضة
غادرتك الشمس
و ظل الصقيع مختبئ في الأحضان
لم تلتفت!
لم تسألني عني!
عن آخر ما قرأت
لم توقفك أبجديتي البسيطة
ولا أحلامي التي تنازع الورق
&
***
لم تبد إعجابك
بخصلات شعري المصفف
ولا بأصباغ أظافري
و أشيائي الصغيرة
لم تلامسها مثل كل مرة..
آه يا حبيبي..
يؤلمني أن تقرأني بمشاعر باردة!
&
***
تحوم الغيوم
و يغيب دفء القمر
و تبقى حصيلة رجل أعيته فحولته
فأضاع فن الإصغاء لأنثاه
تعثرت الكلمــات فخجلت المسامع
و اعتذرت عنها الذاكرة
&
***
إيقاع سريع
يتتابع..نركض معا
تتعبك خطواتي
تبتعد
تلتهمك الأرصفة
مدن..لقاءات
محطات نساء
تعبرك و تعبرها
&
***
"لاقيني الليلة"
صدى نبراتك
كأحلام نخيل في بيداء عارية
جفاف لم أعهده
رحلت عني مع دخان سجائرك
خدش الصمت صمتي
فاختلف الزمن
فراشات..عصافير
صبح..مساء
ليلي يحلم بغنج و نعاس
و سماء بنجوم حالمة
&
***
تـأخر حصادي
و المواسم لا تنتظر
أغلقت نوافذي..
حتى غاب هديل الحمام
و ظـل برد بيننا
&
الحلقة الثانية
الحلقة الأولى
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف