أصداء

الملافظ سعد...

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يقول المصريون أن الملافظ سعد. بمعنى أن أحدا يستطيع أن يبلغ ذات الرسالة باستعمال ألفاظ رقيقة ومهذبة حتى لو كان المعنى غير ذلك! يقول أغلب المسلمون عن الأقباط أنهم كفرة؛ ويتحاجج بعض المشايخ أن هذا هو حكم الإسلام وهذا هو المنطق. فكما أن المسلمين كفرة بالنسبة لمعتقدى الأديان الأخرى فهكذا أيضا المسيحيون بالنسبة للمسلمين، وأن الأمر مجرد وصف صادق ولا يقصد معنى الإهانة! وقد تلقى العامة - وعلى ماجرت عليه عادتهم- مقولة المشايخ وفرحوا بمنطقها وراحوا يرددونه بالببغاوية المعهودة.
من ذلك المنطق المريض أيضا أننى رأيت خلال زيارتى لمصر الصيف الماضى على أبواب شقق المسلمين فى العمارة التى قطنت بها ملصق "إن الدين عند الله الإسلام" وهى مقولة من الذكر الحكيم، وعندما لفت نظر أحد السكان أن العمارة يسكنها أيضا مسيحيون وأن من شأن هذا الملصق أن يمس شعورهم، نظر لى شذرا وصاح "وهل تريدنى أن أغير القرآن من أجل السكان المسيحيون؟" لم أشأ المجادلة حتى لا يضع فى اليوم التالى ملصق يقول "قاتلوهم يقتلهم الله بأيديكم" وقلت فى سرى قضاء أخف من قضاء.
أنا أرى هذا المنطق وتطبيقاته فى منتهى السخف، ليس بإدعاء كذب المقولة أو أن تفسيرها يختلف عما يقصده أصحاب هذا المنطق ولكن لسبب أهم وأبسط فى ذات الوقت وهو أن هذا المنطق وتطبيقاته يفتقد الذوق تماما. المقولات المذكورة وغيرها غير موجهة لأهل الكتاب إطلاقا، قد تكون عن أهل الكتاب ولكن الجهر بها وتوجيهها مباشرة لأهل الكتاب قلة ذوق وسخافة ما بعدها سخافة وأبعد ما تكون عن التهذيب. هل نتصور مثلا أن يتقابل رئيس دولة إسلامية مع رئيس دولة أجنبى فيبتدأه بالقول أنت كافر؟ أو يتقابل شيخ مع قس أو كاردينال فى روما فيصرخ فى وجهه "إن الدين عند الله الإسلام"؟
مثال آخر لمجرد توضيح أن ليس كل صدق وحق، حتى لو كان صدقا وحقا، يمكن أن يقال ويعلن. هل من المتصور أو من المقبول أن يقول شخص لآخر " لقد مارست أمك الجنس"؟ هذه مقولة صادقة تماما ولا يعتريها الشك أبدا، ودليلها متوفر فى مجرد وجود السامع، ولكنها أبدا سخيفة وقليلة الذوق وقد تؤدى لقتل القائل رغم أنه لم يكذب أبدا. حتى الله عندما وجه خطابه لأهل الكتاب لم يقل ياأيها الكفار، وإنما قال ياأهل الكتاب حينا وياأيها الناس حينا آخر!
السكان المسيحيون فى العمارة التى كنت أقطنها وضع بعضهم أيضا على باب شققهم ملصقات تقول " الله محبة". وطبعا شتان بين القولين. يوجد فى أقوال المسيح ايضا مقولة يمكن أن تلصق وتتضمن ذات قلة الذوق لو ألصقها المسيحيون ولكنهم لم يفعلوها لا فى مصر ولا فى الدول الأحنبية التى يقطن عماراتها عرب مسلمون على أقباط. كان يمكن أن يضع المسيحيون على أبواب شققهم مقولة المسيح "سيأتى بعدى أنبياء كذبة يضلوا كثيرون"، هل كان يعجب حضرات المشايخ وتابعيهم مثل ذلك القول يرونه صباحا ومساء؟
المقصود من المقال، حتى يفهم الجميع، هو أن الكلام ولو كان صدقا وحقا ليس كله مناسبا لكل زمان ومكان. والمقصود أيضا أن يراعى المشايخ وتابعيهم أن هناك فئة من المواطنين تعتقد بغير ما يعتقدون، وان محاولة إهانة مشاعرهم وتصدير المقولات التى تتضمن إهانات صريحة مباشرة أو غير مباشرة لهم هو أمر غير مقبول وسخيف، سواء فى ذلك أكان الكلام حقا وصدقا أو كان مجرد قلة تهذيب وسوء أدب.
****
خواطر:
من أعظم الإصلاحات التى جرت فى الوطن العربى والإسلامى بدون أن يلتفت إليها أحد، هو إعلان خادم الحرمين عن إشمئزازه من عادة تقبيل الأيدى وتحريمها على من يقابله من رعاياه.
السبت 13 من أغسطس نشرت إيلاف مقال للكاتب بعنوان "إضحك أو إبك أنت فى مصر" قلت فى آخره بالنص " أخيرا سأذهب لأستمتع بشمس سيناء وطابا... الحال أمان جدا، منظمات حماس والجهاد مشغولة بترتيب إحتلال مستعمرات غزة من بعد إنسحاب الإسرائيليين."* واليوم نسمع إكتشاف حكومة مصر يد حماس فى تفجيرات دهب!؟
*

اضحك او ابك انت في مصر


عادل حزين
نيويورك
adel.hazeen@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف