أصداء

الإدراك هو باب الإصلاح

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

أصعب خطوة فى سبيل علاج المريض النفسى والعصبى هى أن يدرك أنه مريض وليس سويا. وإنعدام الإدراك أو فى الأقل إختلاله هو مصيبة أمة العرب والإسلام فى عمومها. أسوأ ما يواجهه العرب والمسلمون هو أن يسلط أحد الضوء على الحقائق المؤكدة والتى هى بين دفتى الكتب التى يؤمنون بها وحكاياتهم التى يتوارثونها. هم يتجاوزون ويغضون النظر عن الحقائق عن جهل مرة وعن خجل مرة وعن نية وقصد تجاهل مرات ومرات. هم أيضا يشبعون من يوجه النظر إلى تلك الحقائق والوقائع سبا وشتما ولسان حالهم يقول: إتركنا فى جهلنا وتجاهلنا فنحن أمة لا تريد-حتى- إدراك الواقع، ناهيك عن مواجهته"!

فى مقال للأستاذ سعد الله خليل منشور بالأمس فى إيلاف يذكر حقيقة ان أم الرسول وأباه لم يدركا الإسلام وماتا كافرين. هل هذه الواقعة مما يمكن الجدال فيه!؟ نعم، لدى أمة الإسلام والعرب قاموا بالجدال وأكثرهم قام بسب الكاتب بدون أى سبب. ومثل ذلك حدث ويحدث عند نشر أى موضوعات تذكر وقائع مؤكدة من التاريخ الإسلامى. مثل ذلك جرى لمجرد ذكرنا لوقائع ما جرى ليهود بنى قريظة والموثقة فى كتاب لا يأتيه الباطل أبدا! فى مقالنا "عن قتل الأسرى المصريين"! ومثله جرى لمجرد إلقاء بعض الضوء -الضعيف جدا- على سيرة خالد بن الوليد فى قتله لمالك بن نويرة بحجة ردته، ومواقعته لإمرأة الأخير فى ذات الليلة..!*

هناك أيضا قضايا بها إستحالة منطقية، أى تتضمن الشىء ونقيضه مجتمعين، ورغم ذلك يؤمن بها العرب والمسلمون ولا يقبلون حتى مجرد التفكير في تلك القضايا. فمثلا يؤمن العرب والمسلمون عموما بأن أقطاب الفتنة الكبرى التى أزهقت كثيرا من أرواح المسلمين، ولربما لا زالت حتى الآن تفعل، يظنون أن رؤساء وزعماء تلك الفتنة كلهم كلهم "رضى الله عنهم"!!! كيف يرضى الله عن القاتل والمقتول معا!؟ هذه مشكلة منطقية لا يأبه بها المؤمنون، ولا يريدون التفكير فيها، بل ويلعنون كل من يذكرهم بها!؟

طبعا سيغضب الكثيرون لو تمعنا أكثر قليلا فى التاريخ الإسلامى. ماذا لو ذكرنا مثلا أن الخليفة عثمان بن عفان "رضى الله عنه" المبشر بالجنة قد قتل على أيدى صحابة "رضى الله عنهم"! برضه!؟ وماذا لو تمعنا أكثر قليلا جدا، وذكرنا ما ذكره الطبرى فى كتابه "تاريخ الأمم والملوك" بالجزء الثالث ص 439 من أن عثمان لبث ليلتين لا يستطيع أهله دفنه! وأن نعشه وقد حمله أربعة من الصحابة قد رمى بالحجارة فاضطروا إلى دفنه فى حش كوكب وبدون أن يستطيعوا حتى الصلاة عليه!

الوقائع التى يتعامى عنها العرب والمسلمون إما جهلا أو قصدا كثيرة جدا، ومثلها وأكثر منها القضايا المنطقية أو بالأصح غير المنطقية، والتى لا يريد المسلمون أن يفكروا فيها. وكثير من تلك القضايا يتم تزييفها وتزويرها بمعرفة خبراء فى التزوير والتزييف. فمثلا ينشر أحدهم مؤخرا جدا مقال يقول فيه عن حرب العراق "أربعة سنوات من الصمود والشموخ والمقاومة"!؟ قتل الحلاقين والخبازين والجنود وطالبى العمل والطلاب من العراقيين هو صمود وشموخ ومقاومة!؟ قتل السنة للشيعة والشيعة للسنة وقتل الإثنين للمسيحيين والصابئة واليزيديين على الهوية، صمود وشموخ ومقاومة!؟

يقول أحد المزورين فى برنامج تضليلى فضائى "تعالوا نشوف قد إيه الصحابة كانوا بيحبوا بعض"!؟ عمرو بن العاص "رضى الله عنه" قتل محمدا بن أبو بكر "رضى الله عنهما" وأرسل ذلك الطرد لشقيقته عائشة بنت أبى بكر "رضى الله عنهما"!!! وها خالد بن الوليد يقول لعمر بن الخطاب "رضى الله عنهما" متحديا "هلم إلى باإبن أم شملة" -وواضح طبعا تحقير من يتم مناداته باسم إمه- ولازال ذلك الدعى يريد أن يذكر لنا "قد إيه الصحابة كانوا بيحبوا بعض!؟؟؟

عادل حزين
نيويورك
Adel.hazeen@gmail.com

*حبة زرقاء وأخرى حمراء عن خالد بن الويد

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف