فضاء الرأي

وما قتلوه وما صلبوه – قراءة مسيحي 3/3

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الحلقة الثالثة

الاخوة القراء الاحباء، تكلمنا في الجزئين السابقين للمقال عن عدة اسئلة طرحناها على القرآن متعلقة بآية: ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ
وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (النساء:157)
ويمكن متابعة الحلقة الثانية

ناقشنا فيهما لماذا أحجم القرآن عن ذكر اسما لشخص آخر كان على الصليب، وقلنا ان هذا راجع لكون الشبهة لم تقع على الشخص وانما على عملية الصليب، وتطرقنا الى اقرار القرآن بأن المسيح يولد ويموت ويبعث حيا، وذكرنا اختلاف اقوال المفسرين حول نظرية الشبيه، وخلًصنا الى أن نظرية الشبيه لا تحل سؤالين، الاول: اذا كان الله نجح في انقاذ عيسى من القتل على يد اليهود برفعه حيا الى السماء، ما هي الضرورة الحتمية التي جعلت الله يقدم انسانا بريئا ليقتله اليهود بديلا عن المسيح؟؟ واذا كان من مات على الصليب هو الشبيه، فكيف نحل لغز القبر الفارغ الذي يشهد بقيامة الذي مات على الصليب وصعوده الى السماء؟؟

والان نتابع اقوال بعض المفسرين الذين رفضوا تفسير الآية بنظرية الشبيه:

خامسا: مفسرون رفضوا التفسير بنظرية الشبيه.

وقد اورد الامام الرازي في تفسيره ما يسمي اشكاليات الرازي، وهي تناقش جواز القاء الشبهة على شخص آخر غير المسيح ليموت على الصليب بديلا عنه؟؟؟

هو محمد بن عمر بن الحسين بن علي القرشي التيمي البكري الطبرستاني، ابن خطيب الري المشهور بفخر الدين الرازي، ولد في شهر رمضان من عام (544 هـ)(2) في مدينة الري واليها نسبته بالرازي، كتب يقول:

من مباحث هذه الآية موضع مشكل أنَّ نص القرآن دل على أنه تعالى حين رفع عيسى ألقى شبهه على غيره، وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ سورة النساء 4:157، فالأخبار واردة بذلك إلا أن الروايات اختلفت، فتارة يُروى أنَّ الله تعالى ألقى شبهه على بعض الأعداء الذين دلوا اليهود على مكانه، حتى قتلوه وصلبوه، وتارة يُروى أنه رغَّب بعض خواص أصحابه في أن يلقي شبهه عليه حتى يقتل مكانه، وبالجملة فكيفما كان في إلقاء شبهه على الغير إشكالات:

الإشكال الأول:
إننا لو جوَّزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر، لزم السفسطة، فإني إذا رأيت ولدي ثم رأيته ثانياً فحينئذ أجوّز أن يكون هذا الذي رأيته ثانيا ليس بولدي بل هو إنسان أُلقي شبهه عليه، وحينئذ يرتفع الإحساس عن المحسوسات، وأيضاً فالصحابة الذين رأوا محمد يأمرهم وينهاهم، وجب أن لا يعرفوا أنه محمد، لاحتمال أنه أُلقي شبهه على غيره، وذلك يفضي على سقوط الشرائع، وأيضاً فحذار الأمر في الأخبار المتواترة على أن يكون المخبر الأول إنما أُخبر عن المحسوس، فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات كان سقوط خبر المتواتر أولى، وبالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية،

الإشكال الثاني:
وهو أن الله تعالى كان قد أمر جبريل عليه السلام بأن يكون معه في أكثر الأحوال، هكذا قال معظم المفسرين في تفسير قوله: إذ أيدتك بروح القدس، ثم أنَّ طرف جناح واحد من أجنحة جبريل عليه السلام كان يكفي العالم من البشر، فكيف لم يكف في منع أولئك اليهود عنه؟ وأيضاً أنه عليه السلام لما كان قادراً على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص، فكيف لم يقدر على إماتة أولئك اليهود الذين قصدوه بالسوء وعلى أسقامهم وإلقاء الزمانة والفلج عليهم، حتى يصيروا عاجزين عن التعرض له؟

الإشكال الثالث:
إنه تعالى كان قادراً على تخليصه من أولئك الأعداء بأن يرفعه إلى السماء، فما الفائدة في إلقاء شبهه على غيره، وهل فيه إلا إلقاء مسكين في القتل من غير فائدة إليه؟

الإشكال الرابع:
إنه إذا أُلقي شبهه على غيره ثم أنه رُفع بعد ذلك إلى السماء فالقوم اعتقدوا فيه أنه هو عيسى، مع أنه ما كان عيسى، فهذا إلقاء لهم في الجهل والتلبيس، وهذا لا يليق بحكمة الله تعالى،

الإشكال الخامس:
إن النصارى على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح عليه السلام وغلوهم في أمره، أخبروا أنهم شاهدوه مقتولاً مصلوباً، فلو أنكرنا ذلك كان طعناً في ما ثبت بالتواتر، والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد ونبوة عيسى بل في وجودهما ووجود سائر الأنبياء، وكل ذلك باطل،
الإشكال السادس: ثبت بالتواتر أن المصلوب بقي حياً زماناً طويلاً، فلو لم يكن ذلك عيسى بل كان غيره لأظهر الجزع وقال: إني لست بعيسى، بل إنما أنا غيره، ولبالغ في تعريف هذا المعنى، ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلق هذا المعنى، فلمالم يوجد شيء من هذا، علمنا أن الأمر على غير ما ذكرتم التفسير الكبير.

وقد كان للامام الحافظ ابو محمد بن حزم الاندلسي، كلاما مخالفا جاء في تفسيره:

معنى قوله تعالى ولكن شبه لهم إنما عنى تعالى أن أولئك الفساق الذين دبروا هذا الباطل وتواطؤا عليه هم شبهوا على من قلدهم فأخبروهم أنهم صلبوه وقتلوه وهم كاذبون في ذلك عالمون أنهم كذبة ولو أمكن أن يشبه ذلك على ذي حاسة سليمة لبطلت النبوات كلها إذ لعلها شبهت على الحواس السليمة ولو أمكن ذلك لبطلت الحقائق كلها ولأمكن أن يكون كل واحد منا يشبه عليه فيما يأكل ويلبس وفيمن يجالس وفي حيث هو فعله نائم أو مشبه على حواسه وفي هذا خروج إلى السخف وقول السوفسطائية والحماقة

ثم قال رحمه الله:
وقوله تعالى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم إنما هو إخبار عن الذين يقولون تقليداً لأسلافهم من النصارى واليهود أنه عليه السلام قتل وصلب فهؤلاء شبه لهم القول أي أدخلوا في شبهة منه وكان المشبهون لهم شيوخ السوء في ذلك الوقت وشرطهم المدعون أنهم قتلوه وصلبوه وهم يعلمون أنه لم يكن ذلك وإنما أخذوا من أمكنهم فقتلوه وصلبوه في استتار ومنع من حضور الناس ثم أنزلوه ودفنوه تمويهاً على العامة التي شبه الخبر لها.

سادسا: الظن ام الايمان في موضوع صليب المسيح؟؟

قال لي احد اصدقائي المسلمين عن الايمان:
" لا يمكن ان تبني عقيدة خطيرة على احتمال، والمعروف انه مع الاحتمال يبطل الاستدلال.
والمفروض ان تكون العقيدة واضحة وضوح الشمس، وان يفهما ابسط الناس، لا ان تكون معقدة وتحتاج الى تحليل واستنباط ووضع احتمالات هذه عددها ونقد بعضها لتبقى واحدة لنأخذ بها، وانت تعلم ان عامة الناس لا تملك العلم الذي يملكه الخاصة، فعندئذ لا يمكن ان يكون هذا الإيمان الا لأهل العلم والفلاسفة وليس لعامة الناس الذين يصعب عليهم الاهتداء الى تلك التنائج المعقدة "

والحقيقة انه اصاب كبد الحقيقة، فان ما اتيت به من استنتاجات الآية القرآنية كله تساؤلات وظنون ولا ترتفع الى درجة اليقين الذي ننشده، ما نطلبه من القرآن هو عبارة واضحة وصريحة تدلنا ان المسيح لم يصلب فتقول لنا اسم من هو الشبيه الذي علق على الصليب بدلا منه، فلا يمكن للعقائد ان تبنى على احتمالات وظنون، يفكر فيها المفسرون وكأن القرآن عاجز أو غير قادر على استجلاء الحقائق كلها مرة واحدة وبصورة واضحة.

لا نزعم ان القرآن يؤكد حادثة الصلب، ولكن لا يمكن لاحد ان يجزم بأنها نفيا قاطعا بأن المسيح لم يصلب ولم يموت على الصليب، بل ربما نذهب الى القول ان من قرأ رواية الانجيل يعتبر انها لا تتعارض مع اقوال القرآن في خلاصة الفهم الصحيح لهذه الآية، فقصة الصليب في الانجيل لا تنتهي بموت المسيح ودفنه، بل تنتهي بالقيامة المجيدة والمنتصرة من بين الاموات في اليوم الثالث كما جاءت في النبؤات القديمة تماما، وعلى هذا فالمسيحيون لا يجدون أي غضاضة في ان يقول احدهم ان القرآن يقول عن قصة الصليب:

حقا لقد اعتقد اليهود وظنوا انهم بقتل المسيح على الصليب انهم تخلصوا منه ومن رسالته على الارض، ولكنهم ما قتلوه وماصلبوه لانه بقيامته في اليوم الثالث، كأنه شبه لهم الموت والصليب.


سابعا: الحديث الصحيح يقول بأن المسيح كان هو المصلوب.

بقيت نقطة واحدة نختم بها هذا البحث:
المفسرون اختلفوا في تفسير الشبهة، فافترقوا الى عشرة روايات ولم يتفقوا، ولم يكن تفسير اي منهم قائم على حديث لنبي الاسلام.

ولكن ماذا لو قلنا لكم ان نبي الاسلام تكلم عن السيد المسيح اثناء الصليب، اثناء ضربة المسمار في يديه، فهل يستطيع بعد ذلك ان يقول احدا ان تفسير القاء الشبهة على غير المسيح امرا مقبولا؟؟؟

ها هو نبي الاسلام يروي حديثا يقول فيه انه رأي هذا النبي يضربه قومه وهو يغفر لهم في احلك اوقات الشدة والالم.


تقول الأحاديث عن المجيء الثاني للمسيح ( وهذا نؤمن به ولا ننكره وان اختلفنا فيما سيفعله بعد المجيء ) ولكنها لا تذكر شيئا عن انه سوف يموت ( وذلك ردا على من يقول بأن الآية - متوفيك ورافعك - بها تقديم وتأخير )، مما يؤكد ان الوفاة والموت قد وقعا بالفعل بالصليب كما بيّنا سابقا، فحديث صحيح البخاري (رقم 3192) يذكر المجيء الثاني بغير ان يذكر اي شيء عن موته وبدايته (rlm;قال رسول الله rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm; rlm;والذي نفسي بيده rlm; rlm;ليوشكن أن ينزل فيكم rlm; rlm;ابن مريم rlm; rlm;حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع rlm; rlm;الجزية rlm; rlm;ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها ثم يقول rlm; rlm;أبو هريرة rlm; rlm;واقرءوا إن شئتم rlm; - وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)


وايضا صحيح البخاري ( رقم 2070) وايضا ( رقم 2296)
وايضا صحيح مسلم ( رقم 220) و ايضا ( رقم 221)

ملاحظة جديرة بالاهتمام، كل الاحاديث السابقة رواها أبو هريرة، ولكن الصيغة تختلف في كل مرة، وقد آثرت ان اكتب الحديث المذكور اعلاه دون غيره للتعقيب على جزئية هامة فيه، اعرف مسبقا انها قد تكون مثار اعتراض المعترض.

ونوضح ان الحديث على لسان النبي ينتهي عند قوله ( خيرا من الدنيا ومافيها ) اما باقي الحديث فهو من كلام ابو هريرة، وقد جاء في شرح البخاري للحديث لهذه الجملة: (rlm;قوله: ( ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) الآية ) rlm;
rlm;هو موصول بالإسناد المذكور، قال ابن الجوزي: إنما تلا أبو هريرة هذه الآية للإشارة إلى مناسبتها لقوله: " حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها " فإنه يشير بذلك إلى صلاح الناس وشدة إيمانهم وإقبالهم على الخير، فهم لذلك يؤثرون الركعة الواحدة على جميع الدنيا. والسجدة تطلق ويراد بها الركعة، قال القرطبي: معنى الحديث أن الصلاة حينئذ تكون أفضل من الصدقة لكثرة المال إذ ذاك وعدم الانتفاع به حتى لا يقبله أحد.)(انتهى الاقتباس)

وقد جاء في تفسير القرطبي للآية: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ( النساء: 159)

(قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة: المعنى ليؤمنن بالمسيح " قبل موته " أي الكتابي ; فالهاء الأولى عائدة على عيسى، والثانية على الكتابي ; وذلك أنه ليس أحد من أهل الكتاب اليهود والنصارى إلا ويؤمن بعيسى عليه السلام إذا عاين الملك، ولكنه إيمان لا ينفع ; لأنه إيمان عند اليأس وحين التلبس بحالة الموت ; فاليهودي يقر في ذلك الوقت بأنه رسول الله، والنصراني يقر بأنه كان رسول الله ) انتهى الاقتباس، وقد وافق على هذا التفسير الجلالين وذكر الطبري اختلاف المفسرين في هذه الجزئية ولكن وضعنا لكم تفسير ابن عباس المعروف بلقب (ترجمان القرآن).

اذا فالحديث السابق كما ذكرنا من كلام النبي ينتهي بدون ذكر الآية، و يتكلم عن مجيء المسيح ولا يذكر اي شيء عن موته المتأخر الذي يقول به المفسرين، ولكني وجدت حديثا لنبي الاسلام يؤكد حادثة الصليب، وان المصلوب كان هو السيد يسوع المسيح وليس غيره، فاليك ما قاله هذا الحديث، وقد رواه البخاري في صحيحه.

(rlm; rlm;قال rlm; rlm;عبد الله rlm;: rlm; كأني أنظر إلى النبي rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm; rlm;يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول rlm; rlm;اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
(صحيح البخاري رقم 3218) وايضا رقم ( 6417)


(rlm;rlm; rlm;عن rlm; rlm;عبد الله rlm; rlm;قال rlm;: rlm;كأني أنظر إلى رسول الله rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm; rlm;يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول rlm; rlm;رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون rlm;
rlm;حدثنا rlm; rlm;أبو بكر بن أبي شيبة rlm; rlm;حدثنا rlm; rlm;وكيع rlm; rlm;ومحمد بن بشر rlm; rlm;عن rlm; rlm;الأعمش rlm; rlm;بهذا الإسناد غير أنه قال rlm; rlm;فهو rlm; rlm;ينضح rlm; rlm;الدم عن جبينه
(rlm; صحيح مسلم 3347)


(قال rlm; rlm;عبد الله rlm;: rlm;كأني أنظر إلى رسول الله rlm; rlm;صلى الله عليه وسلم rlm; rlm;وهو rlm; rlm;يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فهو rlm; rlm;ينضح rlm; rlm;الدم rlm; rlm;قال rlm; rlm;أبو معاوية rlm; rlm;يمسح الدم عن جبينه rlm; rlm;ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
مسند احمد -حديث رقم (3898) ورقم (3986) ورقم (3429)

فاذا كان نبي الاسلام لم يعطي حديثا يؤخذ به التفسير بنظرية شخصا آخر على الصليب وهو الشبيه، ولكنه يتكلم عن (( نبيا )) ضربه قومه حتى أدموه فما كان منه الا ان يسمح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون، الا يذكرك هذا بالسيد يسوع المسيح الذي كان يلبس اكليل الشوك على رأسه فكان الدم المتساقط على وجهه، وهو الذي ضربوه وجلدوه؟ وليس لدينا نبيا غيره ممن قالوا اغفر لقومي فانهم لا يعلمون، قالها وهم يسمرون يديه بالمسامير على عود الصليب، فهل يقول هذه الكلامات شبيه آخر غير الرب يسوع المسيح نفسه؟؟

(ولما مضوا به الى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه والآخر عن يساره. 34 فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون. )(لوقا 23: 33 -34 )

الخلاصة:

يذكر القرآن وقت ميلاد المسيح انه سوف يموت ويبعث حيا، وقال الله له ( اني متوفيك ورافعك ) واجاب المسيح ( لما توفيتني ) اي ان الوفاة حدثت في الزمن الماضي، والمسيح الآن غير موجود بيننا وليس له قبر فالرفع ( الصعود ) لم ينكره أحد من المسلمين او المسيحيين، فلا بد اذا ان تكون الوفاة حدثت ثم البعث ثم الرفع حيا، ولكن القرآن لم يذكر اي حادثة لموت المسيح سوى الآية ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) فالمفهوم هنا ان الشبهة في وقوع القتل على المسيح نفسه، فقيامته في اليوم الثالث ( بعثه حيا ) تجعل الموت كأنه لم يكن، او كأنه شبه لهم، لان لو الشبهة كانت وقعت على شخص المصلوب، لاخبر باسمه القرآن صراحة دون تلميح ولا توريه، فهذه الحقيقة الجلية يجب ذكرها بدون لبس ولا تأويل، اذ ان الحقائق التي يذكرها الله يجب ان تكون حازمة وجازمة ولا تترك مجالا لتفسيرات البشرية المختلفة، ولكن كما رأيتم فأن القبر الفارغ يخبر عن ان الذي مات على الصليب ودفن على أيدي اصدقائه واتباعه المخلصون وامه العذراء، قد قام من تلقاء ذاته في اليوم الثالث، وهذا ما لا يستطيعه الشبيه، فقصة الصليب لم تنتهي بالموت، ولكن بالقيامة المجيدة، و هذا ما خلصت اليه شخصيا ان الآية لم تؤثر مطلقا في ايماني بقصة الانجيل لانها لم تنفيه، واترك لكم البحث لتفكروا به، لا اقول خذوه كما هو، بل هو فرصة لاثراء العقل للتفكير والتدبر. اقرأوا القرآن واقرأوا الانجيل والله من وراء القصد.

(ولكن ان بشرناكم نحن او ملاك من السماء بغير ما بشرناكم فليكن اناثيما.)(غلاطية 1: 8)

خادم الرب:


ميلاد عبد المسيح
Melad_abdelmaseh@yahoo.com

الحلقة الاولى
الحلقة الثانية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف