صراع الحضارات قراءة علمية للمستقبل وليست دعوة للصراع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
صراع الحضارات قراءة علمية للمستقبل وليست دعوة للصراع
في الرد على مقال صراع الحضارات..حرب العراق..والتجربة اليابانية للكاتب خليل حسن
قراءة المستقبل اعتمادا على معطيات الماضي والحاضرهي اهم عوامل نجاح التخطيط الذي هو عصب عملية التقدم في اي مجال من مجالات الحياة. لكن مثلما توقف تاريخ الفلسفة عندنا وتهافتت على ايدي السلفيين الأوائل، اعتبر علم قراءة المستقبل لدينا شعوذة لأنه ادعاءا بعلم الغيب ولايعلم الغيب الا الله جل جلاله.
وبما ان هذه الثقافة غريبة علينا فليس من الغريب ان نفهمها على انها دعوة للعمل على تحقيق النبوءة المستقبلية.
لقد وصف كارل ماركس منذ عام 1848 النظرية الراسمالية وصفا دقيقا وتوقع المشاكل التي ستواجهها والمصير الذي ستألو اليه. الذي لايعرف ماركس ويقرأ تنبؤاته حول الراسمالية يجزم على انه مفكر معاصر لان نتاجاته تعالج واقعا نعيشه الآن.
النظرة الثاقبة والبحث المكثف طبعا بالاظافة الى النبوغ العقلي كلها عوامل جعلت بصيرة كارل ماركس تنفذ الى القرون القادمة. وهذا ليس بمستحيل على شخص عاش فقيرا معتمدا على المساعدات الحكومية لكنه كان يمضي 12 ساعة يوميا في مكتبة لندن للبحث والدراسة.
قرات وسمعت تعليقات لعدد من مثقفين عرب على كتاب (the clash of civilizations and the (remaking of world order لساموئيل هنتنغتون والذي يتحدث فيه عن حروب القرن الماضي تناولها من الجانب الديني وخرج باستنتاج ان سبب اغلب الحروب هو ديني طرفيه الاسلام والمسيحية على عكس الذين يعزونها لاسباب اقتصادية، وقد عزز كتابه بادلة وارقام وتواريخ وخرائط تدعم ما ذهب اليه من استنتاج.
الحق اقول لقد نجح الرجل نجاحا منقطع النظير في مشروعه هذا والدليل هو الشهرة العالمية التي جناها الكتاب المذكور.لكن لاادري لماذا يفهم المثقفون العرب كتابه على انه دعوة الى صراع الحضارات رغم انه دراسة واقعية للتاريخ تخلو من اي عبارة تدعو لهذا الصراع او تروج له!!.
اما قراءة المفكرالمعاصر فرانسيس فوكوياما المستقبلية للتاريخ فقد كانت غير موفقة بالمرة وهي اقرب الى الطموح منها الى الواقعية العلمية.لانه لايمكن لاي فيلسوف اطلع على الفكر الانساني ان يتوقع نهاية للتاريخ من خلال تسيد النظام السياسي الديمقراطي في العالم مدعوما بالراسمالية اواقتصاد السوق الحرة. لان النظامين السياسي الديمقراطي والاقتصادي الراسمالي قد يكونان افضل الانظمة لحد الآن لكن لاأحد يجزم ان الانتاج الفكري البشري سيتوقف عند هذه النقطة هذا من جانب والمقاومة السياسية والثقافية التي ستحول دون تسيد الفكر الراسمالي عالميا من جانب ثاني
قراءة فوكوياما تتعارض بشكل صارخ مع مباديء الفلسفة البراكماتية الامريكية نفسها لانها-البراكماتية- نظرية"شكيّة" كل شيء بالنسبة لها نسبي ( حيث ان الكون في تغير دائم لانه غير متكامل وهو في طور التكوين وحتى تطوره نحو التكامل غير مضمون).
يقول ديكارت للتأكيد على وجود الخالق "طالما ان الانسان يعرف بالفطرة ان هناك كائن متكامل وهو لم يره فلابد ان هذه الفكرة مخلوقة تولد مع الأنسان والا كيف عرف ذلك؟"
واقول انا لطالما ان اغلب الديانات تؤمن من انه لايمكن للارض ان تملأ عدلا وقسطا الا حينما تعود كائنات روحية اسطورية عاشت لفترة زمنية وماتت او اختفت فلابد ان تستمر الحروب، واستمرار الحروب يعني عدم توقف التاريخ.
يقول كارل ماركس ان الراسمالية مقترنة بالحروب كيف؟ الراسمالية تعتمد على التصنيع وجشع اصحاب رؤوس الاموال لايتوقف عند تصنيع ما يكفي للاستهلاك فقط فيتزايد تصنيع المواد التي تزيد عن حاجة السوق فتسبب تضخما وركودا اقتصاديا. وهناك خيارين لحل هذه المشكلة احدهما اتلاف جزء من وسائل الانتاج وهذا يعني اغلاق مصانع اوشركات لتقليص الانتاج وعدم اغراق الاسواق وهذا الخيار غير ممكن لما له من نتائج تؤدي الى البطالة وتكبح طموح الراسماليين في زيادة ارباحهم والثاني هو البحث عن اسواق جديدة لتصريف البضائع الفائضة وهذه الاسواق هي في دول اخرى لديها انظمة سياسية واقتصادية مختلفة فيتم اعلان الحرب عليها واسقاطها ان هي رفضت فتح اسواقها لتصريف فائض الانتاج. الآن اذاما افترضنا تحقق نبوءة فرانسيس فوكوياما بنهاية التاريخ واعتناق كل دول العالم للراسمالية فكيف سيتم حل مشكلة زيادة الانتاج او ما يطلق عليه (overproduction)؟ هل سيكون مثلا عن طريق غزو الفضاء والبحث عن اسواق في الكواكب الاخرى؟ أكيد لا،واذاما تفاقمت مشاكل الركود دون بوادر حل فسيبدا المنظرون بالعمل لايجاد نظرية اقتصادية جديدة تلائم الوضع الجديد وسينقسم الجمهور بين مؤيد ومعارض للنظام الجديد فتنشب المعارك فيستمر التاريخ بحركته رغما عن فرانسيس فوكوياما.
أما بخصوص المفكر "برنارد لويس" فلدي مجموعة من مؤلفاته لتعلقها بعملي وهي كمؤلفات "كيرن ارمسترونج" اكاديمية تاريخية لم ار فيها اي تجن على الاسلام والمسلمين ولكنه وعلى العكس من السيدة Armstrong يطرح الحقائق بشكل مباشر دون تزويق او مجاملة فيتضايق البعض من اسلوبه.
ياسيدي الجليل خليل حسن اعتقد انه من الواجب علينا ان نحن آمنا بحوار الحضارات لاصراعها ان نبحث في افكار الآخر التي تدعم هذه الغاية وليس العكس اما ان نترجم او نعلق( وفق فهم خاطيء) على مؤلفات لمفكرين غربيين من الممكن ان لايكون القاريء العربي قد قرأها او سمع عنها
فهذا والله يجسد مقولة السيد آغا خان التي سقتها في مقالتك "صراع الحضارات المقترح ماهو في الحقيقة الاظاهرة لجهل متبادل". وقد يكون ظاهرة لتعنت مقصود ايضا.
نعيم مرواني
Marwan1997@yahoo.com