أصداء

تجارب دنماركية (3): مكتبات الشعب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منذ أن كان " بيتر " الصغير في الثالثة من العمر كانت أمه تأخذه إلى المكتبة العامة القريبة " مكتبة الشعب "، إلى ذك الركن الصغير لذي يحبه ممتلئا، بالعاب الأطفال والكتب الخاصة بهم، لكن اليوم هو مميز له إذ انه سيبلغ قريبا السادسة من العمر، وسيلتحق بالمدرسة، في الصف التمهيدي الأول، ولذا قررت الأم،إن اللآوان قد أزف، ليحصل على هويته الخاصة بالاستعارة من المكتبة، ليتمكن من الذهاب لوحده أحيانا إلى المكتبة، ورغم انه يعرف موظفي المكتبة،لكنه اليوم سيتعرف على أسمائهم، ويصافحهم، لأنهم

تجارب دنماركية 2

سيكونون العون له مستقبلا في إرشاده إلى مايرغب باستعارته، حصل على هويته الخاصة بالاستعارة، اخبروه إن مدة الاستعارة للكتب هي شهر قابلة للتجديد شهرا آخر، أما للأفلام،على اختلاف أنواعها،فمدة الاستعارة اسبوعا واحدا، والموسيقى شهرا واحدا،اخبروه إن هنالك أشياءً لن يستطيع استعارتها لأنها مخصصة للكبار، وكل كتاب، فلم أو موسيقى محدد على غلافه الداخلي الحد الأدنى للعمر المسموح باستعارته، اخبروه انه ليس هنالك عددا محددا للكتب التي يرغب في استعارتها، في المرة الواحدة.


وبعد أن اختار مع والدته بعضا من الكتب التي يتشوق للصور بها وستساعده في التعلم، أدخلت موظفة المكتبة رموز الكتب في نظام الاستعارة الالكتروني، وضعت الكتب في كيس خاص، مع ورقة صغيرة، عليها أسماء الكتب وتاريخ استعارتها، وإعادتها.
لن ينسى " بيتر " هذا اليوم المهم في حياته.

تشكل المكتبات في الدنمارك، ركنا مهما من أركان بناء الإنسان، ولهذا فهي تحصل على دعم، مميز وخاص، من قبل وزارة الثقافة، لاتقتصر موجوداتها على الكتب وحسب، بل على الأفلام بمختلف أنواعها ولغاتها، المجلات،الموسيقى، كومبيوترات، واتصال انترنت،الجرائد المختلفة كل هذه وأحيانا، بلغات حسب، التنوع العرقي في المنطقة أو المدينة التي تقع فيها المكتبة، الذي جاء منه المقيمون الجدد، كأن يكونوا عربا، أو أتراكا، باكستانيين..الخ.

أرقام وحقائق

حين بدأتُ البحث للكتابة عن هذا الموضوع، كان لابد أن استعين بمركز الإحصائيات الرسمي للكتاب في الدنمارك، وكانت الأرقام التي استقيت بعضها منه، مذهلة بالنسبة لي، من كل النواحي، وسأجعلها تتحدث مع إيضاح إذ وجب ذلك :
ـ بلغت الميزانية التي رصدتها وزارة الثقافة للمكتبات في عام 2008 مبلغا يقارب 149 مليون و 800 ألف دولار أمريكي، سيزداد قليلا في 2010 و 2011 ولكنه سيقل ب200 ألف دولار في 2012.


ـ عدد المكتبات العامة التي تسمى بتسميتها الرسمية " مكتبات الشعب " مايقارب 545، وأضعاف هذا العدد بثلاث أو أربع مرات هي المكتبات الموجودة في المدارس والمعاهد والجامعات ومكتبات الدولة.


ـ عدد العاملين الحاصلين على تخصص في المكتبات، في مكتبات الشعب والمدارس فقط هو :8181 متخصص.
ـ هنالك مابين 5000 ـ 6000 عنوان جديد، دخل المكتبات في عام 2007 على سبيل المثال.
ـ عدد الكتب التي تم استعارتها من " مكتبات الشعب " في سنة 2006 بلغ: 72 مليون 874 ألف كتاب، أما التي تم استعارتها من مكتبات المدارس فهو: 25 مليون و145 ألف كتاب.


ـ عدد الكتب في مكتبات الشعب فقط هو : 30 مليون 761 الف كتاب، وفق احصائيات عام 2007، ومامعدله 5،75 كتاب لكل فرد.
بصورة مبسطة لو ذهب كل الدنماركيون البالغ عددهم مايقارب 5 مليون و 400 ألف نسمة إلى المكتبات لاستعارة الكتب في وقت واحد، فإن كل شخص سيحصل على : 5،75 كتاب لكل فرد، النسبة ذاتها في " انكلترا " على سبيل المثال : 2،07 وفي تركيا 0،19 وفي " أيسلندا هي الأعلى تقريبا 7،46 أما في السعودية فهي 0،04 فقط..!. وهي البلد العربي الوحيد الذي يمكن الحصول على إحصائيات عن المكتبات فيه متوفرة عالميا.


ـ أما عن الكتب التي تترجم إلى اللغة الدنماركية، فان أرقام 2007 تقول : إن 70% منها كان من اللغة الانكليزية، تم ترجمة 921 عمل قصصي في عام 2007، وفي نفس العام تم إصدار 694 كتاب دنماركي، في ذات الاختصاص.
ـ مقابل كل كتاب يترجم إلى اللغة الدنماركية يتقاضى المترجم من دور النشر مبلغا يقارب 40 ألف كرونة دنماركية، أي 8 آلاف دولار.

تجربة مكتبات في باصات

تجربة مميزة في المكتبات في هذا البلد وهي تجربة التنقل في الأحياء والقرى بباص تم تحوير داخلة كمكتبة عامة تماما مليئا بالكتب، المجلات، الأفلام،و الموسيقى.. الخ...خُصص لتحفيز وتسهيل الإعارة لمن لا يرتاد مكتبة عامة لسبب أو آخر يسمى " بباص الكتاب ".
هنالك 51 باص من هذه في الدنمارك، منها 12 باص صغير والباقي كبير، تعمل على مدار الأسبوع مابين 17ـ 22 ساعة،في عام 2004 تمت استعارة 2مليون و 162 ألف كتاب، مجلة أو غيرها، من هذه الباصات،المكتبات.


ختاما
المكتبات والكتب، هي مهمة الدولة أولا، بلا دعمها، المستمر، ورفدها بكل جديد لايمكن أن تكون فعالة في بناء الفرد ومن ثم المجتمع، والأرقام التي ذكرتها هي خير دليل..!


أود الإشارة انه أسعدني معرفة أن بعض البلدان العربية، مثل الجزائر، مصر، تونس لديها هذه التجربة في المكتبة المتنقلة في الباصات، وأتشوق أن أراها يوما في العراق، تزينها تسميتها " مكتبات الشعب ".

ضياء حميو

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مقالاتك مفيدة
رعد الحافظ -

مواضيعك التي تنقلها للقاريء يا أخي الكاتب ضياء حميو مفيدة ومحفزة للعمل والقراءة , وهي فعلا واقع حياتي يعيشه الناس في الغرب في جميع دوله تقريبا. وأؤكد مجددا أن السبب في هذا الاتجاه هو طريقة تفكيرهم الايجابية تجاه بعضهم وتجاه الآخرين الغرباء أيضا , وليس كما كانوا يعلمونا من أن الغرب يخفي معلوماته وتقنيته عنا حتى عن الطلبة الدارسين أو البعثات لديهمبل أن ما وجدته أنا شخصيا أنهم يلاحقونا ويسعونحثيثا لتطويرنا وتعليمنا آخر تقنياتهم ويعطونا أجور على الحضور وتقبل تلك المعلومات والمساعدات منهم . وغالبيتنا يبقى يشك ويشكك فيهم . ولن أفهم اللغز في ذلك غير طريقة التفكير.

يا سيدي.. كـفـا!
بـتول أبو سـمـرا -

والله العظيم يا سيد حميو, مقالاتك الدانمركية توجع القلب وتثير المشاعر, لأنها تذكرنا كم نحن متأخرين. متى نصل إلى هذا المستوى الاجتماعي والفكري والسياسي. أبدا. نحن مشغولون جدا جدا, بافتراس بعضنا البعض..

يوجد في العراق
عراقي -

بيتي في بغداد كان يقع في حي الجامعه أمام مكتبة الرازي وهي مكتبه عامه كنت غالبا ما أستعير منها الكثير من الكتب الممتعه صحيح ان عادة استعارة الكتب من مكتبات عامه غير منتشره في العراق ولكن لا تنسى ان أغلب البيوت العراقيه تحتوي على مكتبات عامره

40%
لا تنسئ -

ياسيد حميو لاتنسئ انتة جاي تدفع 40% من راتبك ضرايب للحكومة