أصداء

تجارب دنماركية (4): حين صار جيبي منفضة سجائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

عادت طفلتي البالغة من العمر ثمان سنوات من المدرسة اليوم، متعبة جدا على غير المعتاد،ولكنها تتوقد فرحا!
سألتها كما المعتاد، عن يومها المدرسي، وإذا ما كان ممتعا ! أجابت: بأنه رائع، مستدركة بلهجة عراقية " بس آني كلش تعبانه "..!
عرفتُ بعد ذلك، إن يومها خُصص لنشاط مدرسي خارج المدرسة، هدفه، جمع القمامة، من بعض الحدائق القريبة، هذه القمامة لم يلقها أصحابها في الأماكن المخصصة لها لسبب أو آخر، عدم الشعور بالمسؤولية أو العادة السيئة..!
افترض المسئولون، أن الأطفال لهم حصة، شأنهم شأن الكبار في هذا الإهمال..!


الحلقة الثالثة

وهاهو فصل الربيع الدافئ، بنشاطاته المختلفة، فكان ذلك اليوم مخصصا لنشاط كبير، من قبل " منظمة حماية الطبيعة " و "خدمات المدارس" تتم بموجبه كل عام دعوة كل صفوف المدارس، الروضات، الحضانات،ومعاهد ومراكز رعاية أطفال، للقيام بما أسموه العمل الربيعي المشترك لتنظيف الطبيعة، أي جمع القمامة، على شكل مسابقة يشترك، بها جميع التلاميذ، حُدد لهم المقصود بالأشياء التي تصنف كقمامة،" كل ماهو مضر بالطبيعة "، وفي حالت شكّهم إن كان هذا الشيء مضر أم لا فبإمكانهم سؤال المعلمين المرافقين لهم في ( اللعبة، السباق )، إذ إن بعض الأشياء لاتعتبر نفايات، كأوراق الأشجار،والأغصان!


تم تقسيم التلاميذ إلى مجموعات عمل صغيرة، أ ُعطيت كل مجموعة، عددا من أكياس جمع القمامة، تفوز في المسابقة المجموعة التي تجمع، أكثر، هنالك جائزة للفائز ألأول، والثاني، والثالث.


كان هذا في ربيع عام 2008 واشترك في هذه الفعالية 31 الف و 558 طفل في عموم البلاد، أزالوا من الطبيعة نفايات ضارة،كان وزنها 189 طن و 345 كيلو.
على سبيل المثال : جمع الأطفال 154 الف و 389 علبة معدنية..!.
على الرغم من إن البلاد تتمتع بنظام تصنيف وإعادة تصنيع نفايات متطور جدا في العالم، ووعي مواطن يضاهيه تطورا، كانت هذه الأرقام من النفايات..!

قالت طفلتي، بأسى : إن مجموعتها لم تفز، كان هنالك من هو أسرع ولكنها حصلت على أية حال على هدية لمشاركتها في هذه الفعالية،الأمر الذي جعلها وجميع التلاميذ فرحون.
وهكذا أرتني طفلتي الهدية التي أعطيت لكل مشارك..!


كانت الهدية عبارة عن أوراق لعب كارتونية "كارتات "، بطباعة أنيقة،عليها شرح بكيفية اللعب بها مع الأطفال الآخرين أو مع العائلة،، مالفت انتباهي وإعجابي في هذه "الكارتات "، شيئان، الأول هو المعلومات المفيدة للكبار والصغار عن البيئة والنفايات،والتي سأذكر بعضا منها، والثاني : هي الجهة الداعمة لهذا النشاط التي تكفلت بالهدايا وطبع أوراق اللعب،بطريقة فنية أنيقة،تمكّن الطفل من الاحتفاظ بها زمنا طويلا، بل حتى لو فُقد هذا الكارت ووجده شخصا آخر فانه سيحصل منه على معلومات مفيدة !
كانت الجهة الداعمة هي " مؤسسة اليانصيب الدنماركي " التي خصصت جزءا من ريعها لهكذا نشاطات، والتي تمتلك الدولة 80% من أسهمها.

شيء من معلومات " كارتات اللعب "

كل " كارت " يحتوي على صورة لإحدى النفايات الشائعة التي وجدها الأطفال في العام الماضي، ألأرقام هي من إعداد " مؤسسة حماية البيئة لعام 2003.
أسفل الصورة خمسة جداول صغيرة، وكالآتي:
1 ـ عدد السنوات التي تستغرقها النفاية صاحبة الصورة للتحلل في الطبيعة.
2 ـ مدى خطرها على الحيوانات.
3 ـ عددها المرمي في الطبيعة " كميتها "
4 ـ عفونة رائحتها.
5 ـ إمكانية إعادة تصنيعها، واستخدامها ثانية.
مع ملاحظة أخيرة في نهاية " الكارت ".

واخترتُ مثالا من كل هذه الصور، صورة واحدة شائعة في كل بلدان العالم وهي " علبة المشروبات الغازية والروحية rdquo;.
1 ـ تستغرق 500 سنة للتحلل في الطبيعة.
2 ـ نسبة خطورتها على الحيوانات هي 80 %.
3 ـ كميتها 60 %.
4 ـ عفونة رائحتها 15 %.
5 ـ إمكانية إعادة تصنيعها واستخدامها ثانية 100 %.
ملاحظة الكارت لهذه الصورة: هل تعلم إن 15% من هذه العلب ترمى وتلوث الطبيعة..!؟

في الختام سأروي لكم قصة حدثت لي مع طفلتي " دانه " وهذا اسمها، وبعد فعالية جمع النفايات بأيام قليلة : كنت أتمشى معها، نتحدث معا وكنت أدخن سيجارتي وما إن انتهيت منها وكعادتي التي اعتدتها قبل "آلاف السنين"، في العراق وفي البلاد العربية التي مررت بها، رميتُ، عقب السيجارة في الشارع، فما كان من " دانه " إلا أن تنزع يدها عن يدي بغضب، ترفض التحرك، قائلة وبلغة دنماركية هذه المرة: ماذا فعلت ؟ هل تعلم إن سيجارتك تستغرق أربع سنوات لتتحلل في الطبيعة وإنها خطرة جدا على الحيوانات و.. و.. قلتُ: حسنا توقفي!.. توقفتْ عن الكلام، لكنها مازالت ترقبني، باستنكار، وفي محاولة للدفاع عن نفسي، وكعادة الكبار في تبرير أخطائهم، تعللتُ بعدم وجود سلة نفايات قريبة، !!
أجابتني ببرود وإصرار، أذعنتُ له : (هذه ليست مشكلة الطبيعة،تستطيع أن تضعها في جيبكَ )..!
وضعتها قي جيبي، فيما قالت باللهجة العراقية هذه المرة، وهي تمسك بيدي مواسية:( لاتضوج..الكبار ينسون مرات)..!.


ضياء حميو
dia1h@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
شكرا
مغربي -

ألذ مقال قرأته هذا اليوم، شكرا

شكرا
مغربي -

ألذ مقال قرأته هذا اليوم، شكرا

نصيحة مخلصة
محمد -

نصيحة مخلصة الى الكاتب :اذا كنت تحب وطنك الاصلى وتفخر بأصولك العربية و تتمنى لابنائك ان يكونوا كذلك فلا تصحبهم تحت اى ظرف من الظروف فى زيارة الى احدى الدول العربية-على الاقل فى المستقبل المنظور- لانهم وقتها سيكرهونك ويكرهون كل العرب مما سيرونه فى الشوارع و البيئة من تلوث.

نصيحة مخلصة
محمد -

نصيحة مخلصة الى الكاتب :اذا كنت تحب وطنك الاصلى وتفخر بأصولك العربية و تتمنى لابنائك ان يكونوا كذلك فلا تصحبهم تحت اى ظرف من الظروف فى زيارة الى احدى الدول العربية-على الاقل فى المستقبل المنظور- لانهم وقتها سيكرهونك ويكرهون كل العرب مما سيرونه فى الشوارع و البيئة من تلوث.

شــروش تـــاخـــة!
أحـمـد بــســمــار -

من خمس سنوات كنت بإجازة صيفية قصيرة في البلد العربي الذي ولدت فيه. كنت سائرا في أحد الشوارع الرئيسية, وكانت أمامي سيدة تصطحب غلاما عمره خمسة أو ستة سنوات يشرب من علبة شراب غازي معروف. ولما أنهى الشرب رمى العلبة بالشارع, دون أي اهتمام من السيدة. حملت العلبة وتوجهت للسيدة قائلا لها بكل لطف وأدب أن طفلها نسي شيئا وأوقعه بالأرض. منتظرا منها أن تبدي ملاحظة تربوية لطفلها. فكان جوابها لي بشكل حـازم : يظهر عليك رجل حشري.. أو أجنبي مسطول... حافظت على العلبة الفارغة بيدي.. وتابعت مسيري!!!...أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة

شــروش تـــاخـــة!
أحـمـد بــســمــار -

من خمس سنوات كنت بإجازة صيفية قصيرة في البلد العربي الذي ولدت فيه. كنت سائرا في أحد الشوارع الرئيسية, وكانت أمامي سيدة تصطحب غلاما عمره خمسة أو ستة سنوات يشرب من علبة شراب غازي معروف. ولما أنهى الشرب رمى العلبة بالشارع, دون أي اهتمام من السيدة. حملت العلبة وتوجهت للسيدة قائلا لها بكل لطف وأدب أن طفلها نسي شيئا وأوقعه بالأرض. منتظرا منها أن تبدي ملاحظة تربوية لطفلها. فكان جوابها لي بشكل حـازم : يظهر عليك رجل حشري.. أو أجنبي مسطول... حافظت على العلبة الفارغة بيدي.. وتابعت مسيري!!!...أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الله الواسعة

القمامه
عابر السبيل -

يقال اذا اردت ان تطاع فاطلب ما يستطاع.. ولو ان الاجهزه المنوط بها نظافة البيئه اقامت اوعية استقبال القمامه سواء لحى او شارع فى اماكن يسهل استعمالها والقاء القمامة فيها لهان الامر على اى نوعيه من المواطنين سواء مثقف اوحتى جاهل ولاصبحت مدننا فى اسرع وقت نظيفه والمثل يقول ..لكل شئ مكان ..وكل شئ فى مكانه.. لكن من يضحك ومين يبكى.

القمامه
عابر السبيل -

يقال اذا اردت ان تطاع فاطلب ما يستطاع.. ولو ان الاجهزه المنوط بها نظافة البيئه اقامت اوعية استقبال القمامه سواء لحى او شارع فى اماكن يسهل استعمالها والقاء القمامة فيها لهان الامر على اى نوعيه من المواطنين سواء مثقف اوحتى جاهل ولاصبحت مدننا فى اسرع وقت نظيفه والمثل يقول ..لكل شئ مكان ..وكل شئ فى مكانه.. لكن من يضحك ومين يبكى.

"التربيه" و التعليم!
طارق -

هكذا تكون صناعة المواطن الصالح الذى لا يكتفى بالتنظيف فحسب و لكنه أيضا ينهى عن المنكر!

"التربيه" و التعليم!
طارق -

هكذا تكون صناعة المواطن الصالح الذى لا يكتفى بالتنظيف فحسب و لكنه أيضا ينهى عن المنكر!

أصل الطامة
سليم الراس -

أصل المشكلة هي أن المواطن عندنا ليبس لدية شعور بأن الوطن ملكه, فهو ملك الرؤساء المخضرمين وذويهم, ملك بالوراثة, أبتداء من مصابيح الشارع, وحتى غرف النوم يستطيع دخولها بدون اذن أي من رجالات الحكومة, تبليط شارع أو بناء مدرسة, او زيادة راتب هي مكرمة من الرئيس وليس حق مكتسب, فكيف أنظف شارع الرئيس, وأعمر له مصباح مكسور, ملك لغيرى والسلام

أصل الطامة
سليم الراس -

أصل المشكلة هي أن المواطن عندنا ليبس لدية شعور بأن الوطن ملكه, فهو ملك الرؤساء المخضرمين وذويهم, ملك بالوراثة, أبتداء من مصابيح الشارع, وحتى غرف النوم يستطيع دخولها بدون اذن أي من رجالات الحكومة, تبليط شارع أو بناء مدرسة, او زيادة راتب هي مكرمة من الرئيس وليس حق مكتسب, فكيف أنظف شارع الرئيس, وأعمر له مصباح مكسور, ملك لغيرى والسلام

أصل الطامة
إبن دجلة والفرات -

المواطن فقد الشعور بالمسؤولية بأنه مواطن وله وطن وحق العيش والأنتماءإليه بسبب الحکام الطغاة وحاشيتهم واقرباءهم.اؤيد صاحب تعليق (أصل الطامة).

أصل الطامة
إبن دجلة والفرات -

المواطن فقد الشعور بالمسؤولية بأنه مواطن وله وطن وحق العيش والأنتماءإليه بسبب الحکام الطغاة وحاشيتهم واقرباءهم.اؤيد صاحب تعليق (أصل الطامة).

كل الملاحظات صحيحة
عبدالقادر برهان -

اعتفد ان كل ا لتعليقات صحيحة ولكن هل هذا يعني ان نتخلى عن محاولة اصلاح وتطوير بلدنا الام ,,,, هل ان معظمنا يربط اخلاصه لوطنه بمدىحبه او كرهه للحكام ,,, وهل تعتقدون ان كل الغربيين يحبون رؤسائهم ولذلك فهم يسعون الى جعل بلدانهم نظيفة ؟ ان هذا تفكير ساذج ,,, حيث ان حب النظام والنظافة هي من مؤشرات المستوى الثقافي للانسان ولاعلاقة لها بحب الرؤساءاو الحكام فاذا لم تسعى الى الحفاظ علىالنظام والنظافة فهذا يعني .....ولايعني انك معارض واذا كنت فعلا معارض فلنتجد من يصفق... ,, ان حب الوطن الام شيءكبير ضمن شخصية الانسان لاعلاقة له بالحكام وكذلكحب النظام والنظافة والمحافظة على البيئة ,,لذلك انصح بعض الاخوة المعلقين بان يميزوا وبدقةبين حب الوطن والنظام وبين كرههم او معارضتهم للانظمة الحاكمة في بلدانهم

كل الملاحظات صحيحة
عبدالقادر برهان -

اعتفد ان كل ا لتعليقات صحيحة ولكن هل هذا يعني ان نتخلى عن محاولة اصلاح وتطوير بلدنا الام ,,,, هل ان معظمنا يربط اخلاصه لوطنه بمدىحبه او كرهه للحكام ,,, وهل تعتقدون ان كل الغربيين يحبون رؤسائهم ولذلك فهم يسعون الى جعل بلدانهم نظيفة ؟ ان هذا تفكير ساذج ,,, حيث ان حب النظام والنظافة هي من مؤشرات المستوى الثقافي للانسان ولاعلاقة لها بحب الرؤساءاو الحكام فاذا لم تسعى الى الحفاظ علىالنظام والنظافة فهذا يعني .....ولايعني انك معارض واذا كنت فعلا معارض فلنتجد من يصفق... ,, ان حب الوطن الام شيءكبير ضمن شخصية الانسان لاعلاقة له بالحكام وكذلكحب النظام والنظافة والمحافظة على البيئة ,,لذلك انصح بعض الاخوة المعلقين بان يميزوا وبدقةبين حب الوطن والنظام وبين كرههم او معارضتهم للانظمة الحاكمة في بلدانهم