فيلم مناحي يكسر حاجز السينما أمام السعوديين

إعتراضات توقف الفيلم والمالكي ينكر المنع
فيلم مناحي يكسر حاجز السينما أمام السعوديين

تركي العوين من الرياض: تفاعلت خلال الساعات القليلة الماضية في الشارع السعودي آراء عدد من المؤيدين والمعارضين لعرض الفيلم السعودي "مناحي"، حيث أثار الفيلم الذي عُرض مؤخرًا في الطائف وجدّة كثيرًا من ردات الفعل المؤيدة والرافضة لعرضه.

من فيلم "مناحي"

وقد تجاوز اللغط آراء الجماهير ليصل إلى الجهات ذات الإتصال المباشر بالحدث، حيث تضاربت الأنباء بخصوص منع فيلم "مناحي" من العرض في مدينة الطائف غرب السعودية، ففي الوقت الذي أكد فيه مسؤول في إدارة برج قلب الطائف على منع الفيلم، أوضح بطل الفيلم فايز المالكي أن الفيلم لم يمنع في الطائف، وقال الممثل السعودي فايز المالكي إن دورة عرض الفيلم كانت 7 أيام فقط، وذلك باتفاق مسبق بين قاعة العرض وروتانا منتجة الفيلم. ولفت إلى أن الفيلم سيتواصل عرضه في جدة حتى مساء اليوم الخميس. وأشار المالكي إلى وجود أياد خفية تحاول بث الشائعات بهدف عرقلة النجاحات التي تلقاها أعماله الفنية، فيما قال عضو مجلس إدارة البرج أحمد العبيكان إن ايقاف فيلم (مناحي) داخل مسرح البرج، جاء بناء على رغبات الجمهور.

ويقف التيار الديني في السعودية خلف المطالبات المتعددة بضرورة وقف عرض الفيلم والدعوة إلى حرمة السينما.

مطالبات ودعوات يرى فيها كثير من المثقفين السعوديين أنها تحمل مبالغات غير مقبولة كون السينما وجه مشرق يعبر عن ثقافة المجتمع وهمومه, انتماءات فكرية متعددة لتيارات مختلفة في السعودية ادلت برأيها في القضية خلال الايام القلية الماضية, حتى أن بعضًا ممن ينتمون إلى بعض هذه التيارات اعتبرها مسألة اثبات ذات أو هي النهاية بعينها.

وأرجع الناقد الفني السعودي، رجا المطيري، في تصريحات سابقة الموقف المضاد للسينما إلى "الأوائل ممن تعاملوا معها، حيث كان التجار الموزعون والمنتجون يذهبون إلى دول مجاورة ويأتون بالسيئ من الأفلام ذات التوجه الجنسي الهابط، فأصبحت السينما قرينًا لكل ما هو فاسد، وباتت في ذهن المجتمع رمزًا شريرًا سيدمر حتمًا هويته".

وعلى مدار الأيام الماضية احتفت الصحف والنقاد بأول عرض سينمائي تجاري في المملكة كحدث مهم، وفيما انتقد بعضهم لفيلم كونه "تكرارًا" لأعمال تليفزيونية سابقة لبطله، فائز المالكي، دعا آخرون إلى استثمار تلك الفرصة لإنتاج المزيد من الأفلام والتوسع في إنشاء دور السينما بالمملكة. وترجع معرفة السعوديين بالسينما إلى ستينات القرن الماضي، حيث كانت هناك أماكن لعرض الأفلام، ولكن لم تحظَ العروض وصالاتها حينها بتأييد رسمي، ولم تقدم لها وزارة الإعلام ما يكسبها الشرعية.

جدل بين النقاد

إقرأ المزيد:

مناحي يستقطب إقبالاً لافتاً ومطالب بـعروض سينمائية

للمرة الأولى في السعودية : 9 أيام من السينما المفتوحة !

بموازاة ذلك يدور جدل بين النقاد، ما بين نقد الفيلم من جهة والدعوة إلى استثمار الحدث من جهة أخرى. ففي تصريحات لصحيفة "الوطن" السعودية، انتقد الإعلامي، علي السبيعي، الفيلم لكون كاتبه "استخدم التقنيات نفسها التي استخدمها في كتابة الحلقات الكوميدية في برنامج "سي بي إم" الذي عرضته قناة "إم بي سي"؛ بهدف استدراج المشاهد إلى الضحك على خلفية المفارقة في اللغة والسلوك؛ مما يضعف الخط الأساسي في الفيلم لصالح المقالب والنكات السريعة".

ودعا السبيعي "روتانا" أن تتنبه في عملها المقبل، وأن تتلافى أي خطأ يتعلق بالبيئة المحلية، مشددًا على ضرورة أن تثبت "سعودية" ما تنتجه من أفلام. في حين رأى الممثل هاني ناظر أن هذه التجربة "مجرد خطوة باتجاه صناعة سينما سعودية"، مطالبًا المجتمع والنقاد بألا يقسوا على التجربة. واتفق معه الناقد إبراهيم الناشري معتبرًا أن "عرض فيلم مناحي هي خطوة إيجابية في تاريخ العمل الفني السعودي". وتوقع الناشري أن هذه الخطوة "سوف تدفع المنتجين إلى استثمار الوضع بشكل أكبر، والعمل على تقديم أفلام حقيقية بخلاف ما يقدم على شاشة التلفزيون".

فرصة عرض
فيلم مناحي حصل على فرصته في عرض الفيلم وللمرة الأولى في السعودية وذلك مع حلول عيد الأضحى الماضي وبالتحديد في كل من جدة والطائف. وبينما استمر عرض الفيلم في جدة وسط إقبال كبير, توقف عرضه في الطائف رغم الجماهيرية الكبيرة للفيلم والحضور غير المتوقع. ولأن عرض الفيلم كان في برج قلب الطائف الذي تملكه شركة العبيكان القابضة ظهرت بالأمس شائعات تقول إن إيقاف عرض الفيلم نتيجة ضغوط بعض المشايخ والقوة المحافظة في المنطقة، إلا أن إدارة الفندق عزت قرارها بوقف الفيلم في قاعة العرض السينمائي التي جهزت لمثل هذه المناسبات، إلى الحضور الجماهيري المكثف واحتمال تأثيره السلبي على عمل الفندق، ولذلك اتفقت مع المنتج، وشركة رواد ميديا المنظمة للمناسبة على إلغاء العروض المتبقية، على الرغم من أنه لم يبق سوى يومين فقط من انتهائها.

ورغم احتفاء الصحف السعودية والنقاد بأول عرض سينمائي تجاري في البلاد كحدث مهم، انتقد البعض الفيلم كونه "تكرارًا" لأعمال تلفزيونية سابقة لبطله، فايز المالكي، فيما دعا آخرون إلى استثمار تلك الفرصة لإنتاج المزيد من الأفلام والتوسع في إنشاء دور السينما بالمملكة.

وكانت شركة "روتانا"، المملوكة للأمير السعودي الوليد بن طلال، قد دشنت هذا الفيلم في افتتاح رسمي الأسبوع الماضي بمركز الملك عبد العزيز الثقافي في أبرق الرغامة بمدينة جدة، في سابقة هي الأولى من نوعها.

وأشادت صحيفة "عكاظ" بالحضور الجماهيري للفيلم، غير أنها انتقدت "بعده عن البيئة السعودية لغة ولهجة وأداء وأزياء، إضافة إلى وجود مشاهد مشابهة لأخرى سبق أن قدمها بطل الفيلم في أعمال سابقة".
واعتبرت أن الحضور الجماهيري من الجنسين كان بمثابة "دعوة ورغبة واحتفاء بعودة السينما إلى المجتمع السعودي".
ودعت الصحيفة رجال الأعمال إلى التوسع في إنشاء دور سينما بالسعودية قائلة إن: "الحدث حمل الكثير من الأسئلة حول غياب مبادرة رجال الأعمال في افتتاح صالات عرض خاصة للأفلام السينمائية، كما كان في السابق".

أما صحيفة "الجزيرة" فركزت على الاحتفاء بالحدث، ووصفت حفل افتتاح الفيلم بـ"الهوليودي"، قائلة إن "الحضور شعروا بأنهم في هوليوود، حيث السجاد الأحمر وكاميرات التلفزيون والصحف ووكالات الأنباء".

حاجز السينما
بدوره عبر الفنان فايز المالكي عن سعادته الكبيرة بعرض فيلم"مناحي" في جدة والطائف وقال : انطلاقة الفيلم اعتبرها نقطة تحول كبيرة في حياتي الفنية والجمهور الذي ملأ مقاعد الصالة أكبر دليل على نجاح العرض. وأشار المالكي : رغم أن العرض الأول كان مخصصاً للإعلاميين حيث امتلأت الصالة التي تتسع ل 1200شخص وقد علمتُ أن العرض الذي تم في الطائف قد اكتظ بالجماهير أيضاً وقد تطلب ذلك زيادة العروض إلى 8عروض في اليوم ليستوعب الجميع لأن القاعة تعتبر صغيرة وتتسع لـ 400شخص فقط.

بطل الفيلم الممثل فايز المالكي قال إنه سعيد بأن الفيلم لقي ردود فعل إيجابية وأعجب به الكثير من المشاهدين وبالتالي فقد عرض الفيلم لمدة 7 أيام وأعتقد أنها كانت ناجحة.

وأكد أن عرض فيلم "مناحي" بالسعودية ساهم بشكلٍ كبيرٍ في كسر حاجزٍ كبيرٍ لدى الجمهور السعودي بمشاهدة الفن السابع في بلدهم، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنه يستعد لبطولة فيلم سينمائي جديد في طور التكوين وسيرى النور قريبًا.
وأعرب المالكي عن استعداده لتحمل ما يمكن أن يعترض الطريق "الوعر" إلى الفن السابع في السعودية، مؤكدًا "أنه يقدم رسالة سامية وهادفة، رافضًا الخوض في تفاصيل الجدل الاجتماعي حول السينما".

ويراهن النجم السعودي الكوميدي على شعبيته الكبيرة، وقال: "كسرنا حاجزًا كبيرًا، وأعطينا انطلاقة للعروض السينمائية السعودية".
وكانت السينما حاضرة في السعودية قبل العام 1970، قبل أن يتم منعها في العام نفسه لأسباب متداخلة، وكانت مدينة جدة -غرب السعودية- تحتضن الكثير من دور العرض السينمائية أشهرها كانت سينما "جمجوم" و"البلجون" و"العطاس" في منطقة أبحر (شمال جدة).


خطة سنوية
وتخطط "روتانا" لإنتاج ثلاثة أفلام سعودية سنويًا، ابتداء من عام 2009، لدفع عجلة السينما السعودية الناشئة.

وفي هذا السياق أعلن ممدوح سالم، مدير شركة رواد ميديا الجهة المنظمة والمخولة بالعروض التجارية للفيلم في جدة والطائف، بأن هناك خطة يتم العمل عليها حاليا للاستمرار في تقديم أعمال سينمائية سعودية وخليجية تتناسب مع خصوصية المجتمع السعودي.

وكان سالم قد أعلن في حوار مع موقع "إسلام أون لاين" أنهم يعتزمون التوسع في تقديم السينما في عدد من المدن السعودية الأخرى.
وأشار إلى أنه سيتم التغلب على عدم وجود صالات العرض السينمائي بالمملكة بتقديم العروض السينمائية من خلال قاعات مسرحية مجهزة بأحدث التقنيات الفنية.

وفي رده على تساؤل بشأن وجود معارضة من المؤسسة الدينية لفتح صالات السينما في السعودية أكد سالم أنهم "حريصون على تقديم سينما تتوافق مع الضوابط والقيم، وبالتالي نحرص على ألا يكون هناك أي تصادم مع المؤسسة الدينية".
وأشار إلى أنه تم الحصول على "تصاريح من الجهات الرسمية لعرض فيلم مناحي".

وأشارت احصاءات إلى أن إجمالي المشاهدين للفيلم خلال الأيام التسعة وهي فترة العرض الرسمية نحو 20 ألف مشاهد وأن الحضور النسائي تجاوز بنسبة 45% من إجمالي المشاهدين.

يذكر أن فيلم "مناحي" من بطولة الممثل الكوميدي فايز المالكي، ويشارك في بطولة الفيلم الممثلة السورية منى واصف، والكويتي عبدالإمام عبدالله، وعدد من فناني السعودية الشباب، والفيلم من تأليف مازن طه، وإخراج أيمن مكرم، وقام بوضع الموسيقى التصويرية له الملحن السعودي ناصر الصالح.

ويروي "مناحي" في إطار كوميدي قصة شاب سعودي من أصول بدوية في الثلاثين من عمره أعزب ويعيش مع والدته العجوز، تتحول شخصيته تحولاً كبيرًا بسبب ثروةٍ مفاجئة، ويعرض الفيلم الفرق بين الحياة البسيطة الأقرب للبدائية والحياة المدنية في أقصى درجات الانفتاح.