قصيدة النثر بين بيضون وناصر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
منذ بدء التجربة الكبرى لقصيدة النثر العربية، على يد أنسي الحاج خصوصًا في كتابه الأول "لن"، وتشعباتها النبرية على يد محمد الماغوط الأمينة لتشطير شعر التفعيلة (دون التقيد بتفعيلات بحر ما)، قدمت قصيدة النثر العربية انجازات عديدةحد أن هذا وذاك راح يمارسها، وكأن ليست هناك وسيلة تعبير شعرية أسهل منها، بل باتت بلا تعريف سوى أنها بلا وزن، بينما قصيدة النثر الأوروبية على الأقل تتميز بثلاث علامات أساسية: توتر، إيجاز ولا غرضية.والمسؤول عن هذاهو جهل جل نقاد الشعر، في مصطلحات الشعر الحر و قصيدة النثر الأوروبيين. ومن أجل توسيع رقعة النقد في الاتجاه الصحيح، أقدم هنا محاولةأجري من خلالهامقارنة، في كل حلقة،بين شاعرين لهما حضور في المشهد الشعري العربي المعاصر، وتجربة واسعة في ميدان القصيدة العربية الجديدة.
(1) عباس بيضون وأمجد ناصر
هنا شاعران متعارضا الأسلوب والمقاربة من الموضوع الشعري. لكنهما، كلٌّ وفق وجهته الكتابية، يحاولان تخليص النثر من كونه، في الوعي العام، دلالة، إلى استعارة مجانية. وكلاهما يكتب شعرًا ليس منساقًا في مسارب نثرية، وإنما هو النثر لا غير؛ نثر غير وظيفي يلغي الحاجز بين "الشعر كتمثل عفوي للحقيقة، وبين النثر كوسيلة تأويل مظهر الحقيقة الواقعي"، كما متفق عليه فلسفيا.
إذا اتفقنا مع جل النقاد والمختصين على أن "اللاغرضية" (المجانية) هي العنصر الحاسم في قصيدة النثر، فإن السرد إذن جزء لا يتجزأ منها. لأن اللاغرضية يرتبط معناها بـ"كلام للكلام" لا غير، أي بكلام لا مُوجِب له: غياب الإحالة إلى "مُعيّنٍ" شخصي او فكري. اللاغرضية لا تصور شيئًا يستوجبها الاخلاص إزاءه، بل هي الشيء نفسه. وقصائد الشاعرين تتوسل السرد من أوسع ابوابه. بيضون من خلال تحرره من الرقابة الواعية، وناصر من خلال توظيفه اللغة التقريرية عدسةً تلتقط ما يتساقط أمام العين من مشاهد عابرة لبناء قصيدة بلا غرض.
النبرة، في قصائد عباس بيضون، لا تتغير من سطر إلى آخر، وليس هناك أي اهتمام فيما إذا كانت هذه الكلمة أو تلك الجملة تلائم أحدوثة القصيدة أم لا. أي ليس هناك موجب لهذا التتابع السردي للجمل. بينما لدى أمجد ناصر، النبرة ايهامية تضع القارئ على سكة يتصور انها ستفضي به الى محطة مرادة.
أما التوتر، هذا العنصر الثالث والأخير لقصيدة نثر بامتياز، فحضوره التوليدي، لدى بيضون، فجائي: "حين نظرتُ كان الحائط مكسوفاً، والطرف الأدنى من الطاولة والبحر. كان الملح يقوى ويكبر والمحارة تتقلب في طمثها".... بينما حضوره عند ناصر،ذو نفس واحد كما في قصيدة "ذكرى".
نقطة أخيرة وهي أن عباس بيضون بقدر ما يموه الفارق بين النثر والشعربطرح الصورة كتخييل حلميفي ركاكة تعبيرية متعمدة، مبيّنا نفسا شعريا يشككك بجدوى السؤال الخالد: ما الفرق بين الشعر والنثر... فإن لأمجدناصر سعيًا سرديًا لإبراز الفارق بين النثر الشعري وقصيدة النثر حد إشعارنا أن قصيدة النثر يجب أن تقرأ كوحدة متكاملة؛ كقصيدة مستقلة وقائمة بذاتها، بينما النثر الشعري كجزء مستل من عمل لا علاقة له بمخزون قصيدة النثر. قصيدة كـ"الرياض"، في "حياة كسرد متقطع"،لا يمكن خلطها بمقطع من عمل نثري طويل. فـ"الرياض" قصيدة في ديوان، بينما ذاك المقطع جزء في عمل نثري. وقبل أن أترك القارئ سبر غور قصائدهما النثرية، تجب الإشارة إلى أنه رغم هناك اختلاف بينهما في استهلال القصيدة فبيضون يبدأ قصيدته بغتة وكأنه آت من منتصف سرد، بينما ناصر يبدأ وكأنه يمهد للحدث الطريق أمام القارئ... لكن كليهما يجيد القفلة، التوقف اللازم لجعل هذا التتابع الجُملي، كما عند بيضون، وهذا السرد الالتقاطي كما عند ناصر، قصيدةَ نثر بامتياز.
نماذج من "لمريض هو الأمل" لعباس بيضون (بيروت 1997)
جدار فيرمير
الشق الصغير في جدار فيرمير قد يكون هو الذي يؤلمني الآن. إذ نهمل أنفسنا كثيراً لهذه الشقوق. أقول ذلك يبدأ من طيش. أن تعاشر وسواسًا دون أن تقلم أظافره. أن ترى فاصلة وتقول أنها لن تغدو واوا مؤلمة، وتظن أن الحذر لا يؤسس جدرانا، وأنك لفرط الحديث مع العابرات لن تجد حياتك ذات يوم على السلّم.
الشق الصغير الذي اختفى من جدار فيرمير قد يكون كاذبًا. إذ الألم مجرد توقيع، ونحن نتكلم بعد انتهاء تاريخه.
أحلام وبطاطا
يضعون الأسماك في الموقد. يخرجون الأحلام من الأرض. هنا حيث ضيعت شعوب البئر وتاهت أخرى خلف الطيور. نبشنا أحلاماً وبطاطا وقطفنا أسماكاً حيّة. أكلنا أسراراً كثيرة وعدداً أكبر من الينابيع، وقبل أن ينشق منا ذلك الهرم، لا نبالي بالأرض التي طارت من أعيننا.
صيّادو الغبش
طعّموا صنانيرهم والفجر يهمد على التلال. ألقوها وجلسوا يكرعون من الغبش، فيما الصيادون وكلابهم يخرجون منبوشين من التلّة. سحبوها وجدوها كما انتظروا فارغة. ابتلعت الصنانير المياه. ولم يبق سوى أطراف الخيوط. كانت القبة تندفع إلى وسط المياه والقوس واضحاً على التلة، والذين انتظروا أن يظهر البحر حيث فقدوا صنانيرهم استمروا، دون أن يلتفتوا، يطعِّمون خيوطهم بالأمل.
الفتحة
الأربعة النائمون على الطاولة وسط الجبال لم يشعروا بخيال الطائر وهو يتضخم في الغرفة، ودون أن يلاحظوا الحجارة التي افلتت من السور كانوا يتحركون إلى الفتحة، ويتناوبون عليها، من غير أن ينتبهوا إلى أن الماء في موازاتهم، وأن سرطانا نائمًا يحدق من الفتحة نفسها.
كانوا منوّمين في بياض الشرشف الذي يتجوّر أكثر فأكثر ولا ينتهون من تقشيره. لم يصلوا إلى الفتحة، لكنهم وقفوا حيث علقت الطاولة في الحافة، يزنون الخطوة التي يخرجون بها من النعاس.
الركبة
لم ينتبهوا، والذين أسرعوا بسهامهم المثلثة وكراتهم حوصروا في الركبة. هكذا غُصنا في مدينة متجلطة. شعوب لم تشعر بالزلزال، لكنها تعيش حيث اختنق. الألم يتصدع، ومنذ طردوا النسنونوات لا يعيش أحد في هذه الشقوق.
شعوب لاتزال في طوافها حول البركان المدفون. الألم يعزل الجوار، وحين تعوم الركبة، الصاعقة - التي لم تُلمح - تغيب في الحجر.
جذور
الرائحة التي طارت فجأة، حين تحركت الأحجار. الهواء شربها فوراً في اللحظة التي ضاعت فيها عدة سفن، في حين كانت الأكوام تتجمع مذعورة بالقوة التي خرجت من أعينها. يدوسون أعشاشاً مماثلة ولا يشعرون. حين نظرتُ كان الحائط مكسوفاً، والطرف الأدنى من الطاولة والبحر. كان الملح يقوى ويكبر والمحارة تتقلب في طمثها.
بطيئة هي الحشيشة التي تنفتح وتنغلق، بعد أن ذقنا ذلك الطعم النيء والجذور الغامضة لأسماك مرّت قرب أفواهنا.
نماذج من "حياةٌ كسردٍ متقطّع" لأمجد ناصر (بيروت 2006)
ذكرى
الرصاصةُ التي أطلقها من مُسدّس والده العسكريِّ "البرشوت" عندما كان يلهو تحت قوسِ القيظِ والضجر وكادتْ أن تودي بحياةِ أخيه الأصغر استقرّت في الدرفة الوسطى من أول خزانة ثيابٍ اشترتها العائلةُ وتُركَتْ هناك (قصدا على الأغلب) لتظلَّ مادةً للكلام عن بِكْرِ العائلة الذي خرج ولم يعدْ.
آكِلُ الشوكولاته في المكتبة العامة
ليست الصحفُ والملاحقُ العديدةُ التي يَفْرشُها أمامَه وينقّلُ نظارتيه المربعتين بينها كشاشتي مسح فضائيٍّ هو ما يجيءُ من أجله إلى المكتبة العامة بل كيسُ الشوكولاته الزهريّ اللونِ المرسومةُ عليه دببةٌ صغيرةٌ الذي يبتاعُهُ من محل الأطفال في "تريتي سنتر".
بنظارتين مربعتين تعودان إلى السبعينات وبشَعرٍ جعديٍّ أشيبَ لا يكفي وحدَه لتبرير منتصف العمر الذي وصل إليه، كما يبدو، بشقِّ الأنفسِ وبصدريةٍ كحليةٍ يلمعُ فيها دبٌّ ذهبيٌّ صغير يجلسُ جلسَته الرخويةَ تلك واضعاً أمامه عددا من الصحف ليس مهما أن تكون صحفَ اليوم أو الغد فهو لايتجاوز صفحاتها الأولى.
حبةً وراء حبةً وبصوت مسموع يُصوّبُ إليه رؤوسَ الروادِ يقشرُ الشوكولاته ويصفطُ الأغلفةَ القصديريةَ فوق بعضها البعض من دونِ أن يترك فيها طعجةً واحدةً.
يُحرّكُ نظارتيه من صحيفةٍ إلى أخرى ويدهُ تجوسُ في الكيس الزهري وعندما تعودُ خاويةً يضعُ رأسَه على الصحف وينامُ حالماً، كما يوحي لي كيانُهُ الرخويُّ الذي يتماوجُ بين لحظةٍ وأخرى، أنه صار كيسَ شوكولاته يمدُّ إليه يدَه ويأكلُه حبةً حبة.
القزم والرياضي
أولا أرى القزمَ على دراجة هوائية للأطفال يبذلُ جهدا ملحوظا لصعود درب فرعي يؤدي إلى الكنيسة الأرثوذكسية ذات القبّة الزرقاء التي لولا صليبُها الذهبيُّ لظننتُها قبّةَ جامع سمرقندي على أطراف لندن، رأسه كبيرٌ ولحيتُه شقراءُ ومن حركة شفتيه وتعبيرِ وجهِه السّريع يبدو أنه يُدندنُ أغنيةً سعيدةً (لا أدري إن كانت روسية أم إنكليزيةً).
ثم أرى الرياضيَّ الخمسينيَّ يركض بخطوات متساوية مرتديا شورتا قصيرا محفورا من الجانبين وفانيلةً بلا أكمام وفي عنقِه تتأرجحُ سلسةٌ ذهبيةٌ غليظةٌ، بوجهِه المنتوفِ وشفتيه الرخوتين يعطي انطباعا (قد يكون خاطئا) بشذوذه الجنسي.
نحو عشر دقائق بالسيّارة على الطريق السريعة تفصلُ بين رؤيتي القزمَ فالرياضيَّ ما يسمح لي بالاعتقاد أنهما لم يلتقيا قطُّ ولكنها تؤكدُ لي كلًّ مرة، بشيء من النكد، تأخري ساعةً عن العمل.
الشخص الآخر
مسُقاً بريبة أسلاف التي لم تزدها المدنُ المطوقةُ بالغرباء وأنصالَ الليزر إلا وجاهةً، أرقبُ بطرفِ عينٍ الروادَ الدائمينَ للمكتبة العامة في هانسللو:
طلبةَ الـ A Level والكلياتِ المحليةِ المتحدرين من شبه القارة الهندية بدأبهم النمليِّ على التحصيل،
آكلَ الشوكولاته المُخلّسَ بطقوسه الطوطميةِ في تقشير حبات الشوكولاته والتهامِها،
صديقهَ الإنكليزيَّ ذا البطن الكبير الذي ما إن يجلسُ على الكرسي حتى يغطَّ في نوم مداريٍّ،
معاونَ مديرِ المكتبةِ الذي يمسحُ الأرجاءَ بسحنته الصينية وهينهِ المدورةِ الصارمة،
المرأةَ الخمسينيةَ التي تهتمُّ بالبيئة وتدبجُ رسائلَ لا تنتهي إلى النائب المحلي عن الطائرات التي تحرثُ رؤوسَنا في طريقها إلى "هيثرو"،
السيخيَّ المُعممَ الذي يتزاحمُ مع هنديٍّ آخرَ على قراءة "هندوستان تايمز" وفي عينيه يلمعُ الغبارُ الذهبيُّ للبنجاب.
لكنَّ هناك شخصا غير هؤلاءِ ضبطتُه في لحظةِ انفصالٍ كوكبيٍّ نادرٍ يفعلُ ما أفعلُ بالضبط.
ليس إنكليزيا
ولا هنديا
ولا أسودَ
ولا من أصول صينيةٍ
شخصٌ آخرُ ينظرُ بفضولٍ فاضحٍ في الحقائب عندما تُفْتحُ، إلى البلوزات لما تَنْشقُّ، للسيقان حين تتباعدُ قليلا، يكتبُ بنفس خط يدي الرديء ويوقعُ ما يكتُبُه باسم شخصٍ ظنَّ عندما ألّفه من نوافل الأسماءِ أنه لم يوجدْ قطُّ حتى اكتشفَ لاحقا أنه شخصٌ من لحمٍ ودم يقيمُ في المغرب هارباً، بدفعِ حدسٍ غامضٍ، من عواقب اسمه التي ستكشفُها له الأيام.
الحلقة المقبلة: قصيدة النثر بين بول شاؤول وعبد المنعم رمضان
التعليقات
To whom they write
SAD SAD -Dr. Janabi,Can you tell me please how to enjoy reading this type of writings? And I wonder how many can relate to what these poets say. I always thought that poetry is the product the poet sells to readers. If reader can''t enjoy and understand, then they will not appreciate the poet. What made AL-MOUTANABI the greatest was what he expressed in his poem: The horses, night, and the deserts know me....etc. To be a real poet, people have to know you, understand you and relate to what you say, otherwise you are writing to yourself.
رائع رائع
اعلامي -كثيرا ما يدخل معي بعض الاخوة في جدال وليس نقاش منذ ان يطرح اسم الجنابي وانا لا اعرفه ولكني قرات كل كتبك وما تنشره رائع رائع وكثيرا من النقاد الان سيستفيدون ولكن لا يقولون نحن استفدنا !! هذه خانات العرب العارية !تقبل تحياتي استاذ عبدالقادر
تعليق
نادر قريط -في مقاربته النقدية المقارنة، إستطاع الجنابي بجلاء أن يقتحم ( الهيولى )النثرية لكلا الشاعرين، وأعترف أنه أوقعني شخصيا في مصيّدة بعد أن أقلعت عن الشعر والنثر ( وما بينهما) مفاجأة لم أتوقعها، ( ذكرى أمجد ناصر ) فقد عشت مثليتها، وليسمح لي الأستاذ أمجد بالسطو على ذكراه : الرصاصةُ التي أطلقتُها من مُسدّس والدي العسكريِّ( بلجيكي 9مم)عندما كنت ألهو تحت قوسِ القيظِ والضجر لم تود بحياة أحد ، إنما أفزعت طيور البرية(في حوران) ، كنت أصوّب بدقة على كتاب التاريخ الذي أصطحبته ( إستعدادا لإمتحان الإعدادية ) أعلمك أني أصبته بعيار وثقبت جميع أوراقه ( ومنذ ذلك الوقت أمارس رياضة الرماية على التاريخ .. مع الشكر والإعتذار)
ملاحظات
رشيد يحياوي -أولا، المقالة محبذة، لأنها تتجه بشكل مباشر لقصيدة النثر.ثانيا، لدي ملاحظات بالجملة وليس بالتفصيل.ولأن الوقت غير مناسب، وأنا أخط هذه الأسطر بعد منتصف الليل المغربي، فإني أعد بذكر ملاحظاتي مساء الأربعاء.مع ألف تحية.
الملاحظات
رشيد يحياوي -كما قلت في التعليق السابق، فإن القراءة التي قدمها الشاعر عبد القادر الجنابي، محبذة، لأنها سارت بشكل مباشر نحو قصيدة النثر. ذلك أن كلاما كثيرا قيل ويقال حاليا حول قصيدة النثر دون أن يقف عند نصوصها بالنقد والمقارنة والتحليل. ورغم أهمية الخاطب النظري حول قصيدة النثر إلا أن قراءة النصوص تظل أكثر إفادة، على اعتبار أن النظرية لا يمكن أن يقوم دون وعي بالظاهرة وبما تتكون منه.وحين أشرت إلى أن لدي ملاحظات بالجملة، فقد قصدت أنها ملاحظات مجملة لا مفصلة:وأولى هذه الملاحظات ان الأستاذ الجنابي، ربما يكرس مركزية قصيدة النثر اللبنانية دون قصد منه، حيث تصبح هي الأصل والأطراف هي الفرع. إذ نلاحظ أنه، سواء في الحلقة الأولى أو الثانية المرتقبة، يوجد شاعر لبناني في مقارنة مع شاعر من خارج لبنان: عباس بيضون/ أمجد ناصر، بول شاوول/ عبد المنعم رمضان. ثاني الملاحظات هي اختيار المتن الموضوع للمقارنة، وهل يوجد معيار لذلك؟ مثلا " حياة كسرد متقطع" وهو تجربة متفردة في شعرية النثر مع " لمريض هو الأمل" وهو من تجارب الشكل الكلاسيكي لقصيدة النثر. إن الديوانين مثل قارتين متباعدتين شعريا وزمنيا أيضا حيث بينهما قرابة عشر سنوات على تاريخ الطبع.ثالث هذه الملاحظات، هي عقد المقارنة بين شعراء يمثلون أجيالا وحساسيات شعرية متباعدة. ألم يكن أولى مثلا عقد المقارنة بين عباس بيضون وبول شاوول، ثم بين أمجد ناصر وعبد المنعم رمضان، رغم ما بينهما أيضا من اختلافات كثيرة؟رابع هذه الملاحظات هي أن الأستاذ الجنابي اعتمد في المقارنة المعيار الثلاثي لسوزان برنار: توتر، إيجاز ولا غرضية .شخصيا أرى بأن نصوص عباس بيضون تستجيب كثيرا لهذه الشروط، بخلاف كتاب " حياة كسرد متقطع " باستثناء عنصر التوتر.وفي النصوص المختارة من الكتاب ما يوضح ذلك، فهناك فعلا غرضية يسير نحوها النص في نهايته، كما أن النص ليس مبنيا على الإيجاز الذي يميل إلى التكثيف البلاغي واختزال الصورة من أجل أن تكون قوية الوقع على القارئ. بخلاف ذلك يمضي النص حتى نحو رصد التفاصيل، وإكمال المشهد من مختلف جوانبه وصفيا وسرديا. وذلك ما جعل كتابه يأتي مختلفا عن أعماله السابقة وعن الأشكال المكرسة نسبيا في قصيدة النثر العربية.لقد أشار الأستاذ الجنابي إلى ملاحظة مهمة حين قال: "هناك اختلاف بينهما في استهلال القصيدة فبيضون يبدأ قصيدته بغتة وكأ
شتان بين بول ورمضان
وليد خليفة -جميل مقالك ، عذبة اختياراتك يا عبد القادر ولكن أن تضع شاعر كبير من قامة بول شاوول بجانب عبد المنعم رمضان الذي لا يدخل الكتابة إلا من باب التهويم واللعب على مفردات ايديولوجية مضى زمنها وجانب آخر حاقد على البشر ، لو تختار من مقالات عبد المنعم رمضان أظن أنك ستجد ما هو أفضل من شعره خاصة في كتابه الشهيق والزفير ، أتمنى لو تضع أمام بول شاعر وليس شتام لأن المقابلات التي تقوم بها في غاية الأهمية
اللاغرضية
واحد مغرض -عفواً؟ ما هي اللاغرضية؟ كل الأمثلة الموجودة في المقال تتنافى مع اللاغرضية..
nice work
staeven -good job...