محمد عيد إبراهيم يسرد سيرته الجمالية في "عيد النسّاج"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صدر ديوان "عيد النسّاج" للشاعر محمد عيد إبراهيم منذ أيام، ويمثّل الديوان مرحلة مختلفة من أعماله الشعرية، حيث ينحو الشاعر إلى سرد قطوف من سيرته الثقافية بجماليات شعرية جديدة، تقتنص عدة أنماط من أشكال قصيدة النثر، وكان عيد إبراهيم أول من كتبها وواظب عليها من فترة السبعينيات حتى الآن. يكتب الشاعر في نمط قصيدة الحكاية، وفي نمط قصيدة الومضة، وفي نمط التأريخ الثقافيّ لتجربته، وفي نمط المجاز الرئيسيّ، وغيرها من أشكال الشعر التي يزخر بها ديوانه.
كما يمثل ديوان (عيد النساج) ذروة ما وصل إليه الشاعر في تجربته الشعرية، حيث يرصد فيها شذرات من تجربته الجمالية، حيث يميل الديوان الى أن يكون سيرة شعرية خالصة، كتُبت على أنماط مختلفة من أشكال قصيدة النثر الحديثة، كما يستعرض بعض الحكايات التي صادفها أو مرت به أو اخترعها فيضع القصيدة على نمط الحكاية لكن في غير النمط المألوف الأرسطي القديم، كما يكتب في القصيدة الأخيرة مقاطع من نصوصه الجمالية التي سبق أن شرح بها تجربته الجمالية في سياق غريب ومختلف لقصصيدة النثر، عليك أن تقرأه لتحكم، فمن الصعب أن تلتقط مقطعاً من قصيدة فالقصيدة ككل مجاز متصل أو مشهدي أو مسرحي أو سينمائي أحياناً.
وقد صمم الكتاب الفنان العراقي الكبير ناصر مؤنس، الذي رأى أن الكتاب بما أنه سيرة جمالية فيجب أن يضع صورتي في الخلفية كظل قديم، ليناسب رؤية الديوان.
ويشير الشاعر محمد عيد إبراهيم إلى أنه كتب هذا العمل خلال عام كامل من سبتمبر 2013 حتى سبتمبر 2014 وهي فترة عصيبة في مصر كانت تشحن الشاعر بأحاسيس شتى، مما دفته إلى أن يرتد إلى الداخل ليحكي مسيرته الجمالية، في محاولة منه إلى الكشف عن خبايا تجربته في نوع من العلاج أو الشفاء او البرء مما قد عاناه على مدار تجربته الحياتية والشعرية.
ويرى الشاعر أن تجربته مع اللغة في هذا الديوان جاءت مختلفة حيث أنه قدم مقدمات لها في ديوانه السابق "خضراء الله" لكنه هنا يطرح ما كتب بلغة مختلفة أبسط وأكثر إحكاماً وحنكة، فهو هنا يعري ذاته مما علق بها عبر تاريخه الحياتي والمجتمعي والثقافي من شوائب حيث أن الصوفي كلما اصطلت النيران فيه ينتفي الدخان فيلجأ إلى مناطق أصفى في داخله.
وكان الشاعر قد أصدر من قبله إحدى عشر ديواناً، منها: خضراء الله، الملاك الأحمر، السندباد الكافر، فحم التماثيل، مخلب في فراشة. وللشاعر، كما هو معروف، ترجمات عديدة، قرابة ستين كتاباً، في مختلف الاتّجاهات المعرفية، شعرية، قصصية، روائية، نقدية، مسرحية، إضافة إلى ترجماته للأطفال. ويعدّ الشاعر من أبرز شعراء جيل السبعينيات، حيث أنشأ مع رفاقه الشعراء سلسلة "أصوات"، ومجلة "الكتابة السوداء"، كما ترأس تحرير سلسلة "آفاق الترجمة" في التسعينيات، وسلسلة "نقوش" التشكيلية مع الفنان عمر جهان، وغيرها من مساعٍ ثقافية ساهم فيها بقدر وافٍ.
يقع الديوان في "105" صفحة، ويضمّ "21" قصيدة، وقد صدر عن جماعة (أنا/ الآخر)، بالتعاون مع موقع (كتاب الشعر) الذي يديره الشاعر هشام الصباحيّ، وهي جماعة تسعى إلى تقديم النصوص الأدبية المتميزة في الأدبين المصريّ والعربيّ، في محاولة لكسر الحلقة التي تدور في فلك أسماء معينة طيلة الوقت.
ومن أجواء الديوان، نقتطف هذا المقطع:
لَستُ قَوِياً، بما فيهِ الكِفايةُ،
لأدوسَ امرأةً لا تخترقها العيونُ،
وما ناديتُ أن اقتَرِبي، لِنَعيشَ معاً،
وَسطَ تناوبِ البروقِ، ونظرتي الوَلْهَى،
ضَحِكٌ هَزلِيٌّ، بثُقلِ شُعاعٍ، حَلَّ شَعري،&
بينما شِعري مَغروسٌ كالدُّميَةِ في حِقوَيَّ.
يَمُصّونَ شَحْمي الرقيقَ
في ذِروَةِ الهَيَجانِ، وكنتُ أُجَهِّزُ اغتيالي
مُطوَّقاً بالحُبٍّ، الشفيفِ، الشنيعِ،
ملاكٌ يزقزقُ، وكانَ يمرُّ، بمِخلَبهِ الأخضرِ
وأسنانهِ الدَّنِسَةِ، فينشَقُّ الهواءُ عن
ضَراوةٍ تبكي، وحُلِيٍّ تَرِنُّ، وعَظمٍ باردٍ يتفَتَّتُ.
&