ثقافات

اخراج جديد وجرئ لمسرحية بنتر "العودة الى البيت"

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بعد 50 عاما على العرض الأول لمسرحية هارولد بنتر "العودة الى البيت" في لندن ما زال هذا العمل المتميز يحير ويدهش ويُمتع. وبدلا من التعامل مع "العودة الى البيت" بوصفها عينة من اعمال بنتر المعتَّقة فان الانتاج الجديد للمسرحية من اخراج جيمي لويد يعتمد مقاربة جديدة دون أي تجاوز على ايقاعات النص الذي كتبه بنتر.&ويتيح لنا اخراج لويد الجرئ للمسرحية القاء نظرة خاطفة على الحياة الداخلية لشخصيات بنتر محافظا على النص الأصلي الذي يروي قصة عائلة من شمال لندن في حرب مع نفسها، يقطع معاركها الليلية وصول الابن الغائب تيدي وزوجته روث.&وإذ يضع لويد الحدث في الأطر الهندسية للديكور المتقشف الذي صممه سوترا غيلمور فانه لا يني يذكرنا بأن لشخصيات بنتر حياة أبعد من الكلمات التي يتفوهون بها والأقوال التي يطلقونها.&&&ونرى ليني سمسار العائلة الضئيل يحاول ان يخنق ساعة منهبة أزعجته بيديه.&&&ويكبت تيدي استاذ الفلسفة المغترب في اميركا توتره بحشر قبضته داخل فمه فيما تدفن روث الملتَبسة رأسها بين يديها ما ان تغادر البيت. ولكن هذه المشاهد المعبرة عن الاحباط واليأس باسلوب مسرحي مذهل لا تطمس ما يريد بنتر توصيله، وهو اننا إزاء عائلة كل حوار يجري بين افرادها يكون معركة في حرب منزلية متواصلة ، الماضي احد اسلحتها.&&&ونرى ذلك في الجدل الاستهلالي بين ماكس ، الجزار المتقاعد، وشقيقه سام الذي يعمل سائقا.&ونرى في اول المعارك وضع فحولة ماكس الجامحة في مواجهة تزمت سام البارد.&ولكن هناك صراعا بين ندين، يستخدم فيه سام بدهاء معرفته لزوجة ماكس الراحلة جيسي خنجرا شفهيا لجرح شقيقه به.&&وإذ يفرح ماكس بالتئام شمل العائلة على غير المتوقع فان مزاجه ينتقل فجأة من الفرح الى الغضب المرير وكأنه نسخة شمال لندنية من الملك لير، على حد تعبير الناقد المسرحي مايكل بيلنغتون.&والسؤال الكبير الذي يلاحق العائلة هو لماذا هجرت روث عائلتها وقبلت بالعيش مع اهل زوجها الذي انفصلت عنه.&ويبدو قراراها معقولا من الناحية النفسية على ما يثيره من صدمة. &فان روث تخفي وراء هدوئها الظاهري امرأة مأزومة تذوب تحت تأثير عائلتها الجديدة.&&&وتجد روث الفحولة التي تحتاجها في شقيق زوجها الملاكم وتبدأ بمحاكاة لهجة ليني الكوكنية اللندنية وتخبط بكوبها المائدة متحدية حديث زوجها عن العودة الى احضان العائلة "واجوائها المنعشة". وتبقى الصورة الأخيرة لمسرحية بنتر مفتوحة على احتمالات لا تنتهي ولكن روث تبدو امرأة اعادت اكتشاف نفسها وليست امرأة تستسلم لما يريده الرجل منها.&وهذا واحد من الأسباب التي تقف وراء قوة المسرحية واستحواذها على مخيلتنا.&فهي يمكن ان تعتبر مسرحية فرويدية عن ابناء مشحونين برغبات اوديبية لاشعورية.&&&ويمكن ان تعتبر بالقدر نفسه دراسة اثنية لمجموعة من الحيوانات البشرية تتصارع على مواقعها.&ولكنها في النهاية مسرحية تدور حول امرأة تتخذ قرارا يغير حياتها باستبدال عائلة بأخرى. &ولأن بنتر لا يلقي ابدا مواعظ اخلاقية أو يقدم حلولا فان "العودة الى البيت" مسرحية &ستبقى تطاردنا في احلامنا.&&يستمر عرض "العودة الى البيت" على مسرح ترافالغر ستوديوز في لندن الى 13 شباط (فبراير) 2016.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف