ثقافات

أحمد محمّد أمين: حينٌ آخرُ

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سأخرجُ من طوق وقاري وانسربُ في مجرى الخلائق لأكون بضعة ًمن المشهد . جرى بي الزمنُ، وهو غصّة سلبية تُعاقرُ بؤسي.
هنا صقعٌ في اللامكان شبحيّ مجهول، ودِدتُ لقاء َأحد أحاوره، فيدلّني على مَعْلم . ثمة رأيتُ عن بُعد شبحين، وإذ اقترُبُ منهما كانا رجلاً وامرأة ً،& اسنانهُما رصاصية : هي زوجتي . قال. ثمّ مضيا مبتعدين عني. وحملني ممشاي الى حنية آخرى، فتمرأيتُ أناساً كما لو كانوا قيرقيزيين ، خمّنتُ ذلك من سيمائهم ولا سيّما العيون . اقتربَ مني أحدُهم ،استغربَ ملمحي المختلف عنهم. بيدَ أنه بادرني سائلاً: ما معنى/ صداي نوران/ هززتُ رأسي وتمتمتُ: لا أعرفُ، ومضى كما لو أراد أنْ يتجاهلني. لكني صرختُ : أنا زائر وحسبُ، أجهلُ كيف جئتُ الى هنا.&
ثمّ عنّتْ سيارة شحن صغيرة تحملُ طعاماً فتكدّس حوله أناسٌ لا أدري من أين جاءوا. أخذوا حاجتهم واختفوا، ظللتُ واقفاً لصقها فما أكترث بي أحدٌ ، اختفت الشاحنة. واذْ تجولُ بي المصادفة منتقلاً من مكان الى سواه لمحتُ طاولة طعام عليها اناءٌ مليءٌ بالقهوة المرّة والمركّزة، بادرني صوتٌ من دون أن أرى قائله: بوسعك أن تحتسي ما شئتَ منها. هززتُ رأسي وغادرت المشهد ، فأنا جائعٌ . ثمّ وجدتُني في صقع آخر ، ولديّ مسؤولية، بل كنتُ بصحبة طفل ، تُرى أكان أحد أبنائي؟ المكانُ مُسيّجٌ لا يمكن ولوجه الّا من خلال باب تفتحه المشرفةُ وهي امرأةٌ لم أرَ وجهَها بل أسمع صوتَها يُحدّثني. قالت: نحنُ في حاجة الى الحليب والقشطة ، والأولاد جائعون، لكني لا أجدُ شخصاً آخر.&

كان السوقُ بعيداً جداً ، ينبغي عليّ أن اوقفَ سيارة اجرة . حينَ فُتحَ البابُ أطلّ عليّ وجهان، وجهَ مُديري في العمل ووجهَ زوجتي . تمكّن كلاهما من الدخول ، كان الرجلُ يحمل صينية ملأى بالقشطة ، وسطل َحليب. فتعالى صوتُ المسؤولة مرحبة بقدومهما.& زوجتي راحت تبحث ُ عن ابننا. ومُديري مضى نحو الصوت المجهول. وسمعتُه يُخاطبني: أنتَ محظوظٌ فقد حلّ صاحبُك المعضلة. لا أدري حتامَ مكثتُ هناك بين غرائبية المكان ومجهوليته التي ظلتْ لُغزاً يقضُّ راحتي. لكنّ الأمكنة ترتحل مثلنا ، ومضى ذلك& المكانُ الى بؤرة مجهولة لأراني في بيت طفولتي أروم العناية بجرو ٍ صغير التقطتُه من الطريق وحمامة بلون الثلج ، ينبغي أخفاؤهما عن أبي . لكنّه اكتشف أمرهما وحملهما، أطلق الحمامة لتعود الى وكنها والكلب رماه في نهاية الزقاق ليلتقطه شخصٌ آخر. لم أحزن على فقد الحمامة بقدر فقدي ذلك الكائن الجميل الذي يمقتُه أبي. مرّت أختي الى جواري، همست :& أوصيتُ ابني أن يهتم به. وبوسعك أن تزوره متى شئتَ .&
اقتربتُ منها وطبعت قبلة على خدّها.& وحين غادرني بيتُنا كنتُ أجلس في صالة واسعة على كرسي هزّاز، ظهري الى الجدار ووجهي مطلٌّ على أرجائها، على يساري حبلٌ عليه أقمشة ، مددتُ يدي ألمسُ قماش حرير مزهر بزنبقات صفر على فضاء أزرق، لونٌ غرائبي بامتياز، فجأة ً وقفت الى جواري امرأةٌ وهي ذاتها التي كانت تُدير ذلك المكان المسوّر بالأسلاك. رأيتُ وجهها الأسنى من القمر، والأن عرفتُ لم كانت تُخفي نفسها عن& الآخرين : سأشتري منه واخيط لي ثوباً، بعد أسبوع سنقيمُ احتفالاً& الا تُريدُ زيارتنا؟ بودّي أن أعيد الزيارة، لكن وقتي أشرف على&&& ختامه. ربّما أزوركم في متون حلم آخر.&
هزتْ رأسها: أفهمُ وضعك ، ثم أختفى كلانا في رمشة عين .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف