العزلة والموت مابين كربلاء والسليمانية ومسرحيات ونوس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بحكم الظروف والقيود والحصار لكن كنا نجازف ونغامر أن نلتقي في أماكن في مقهى شعبي في باب الخان كربلاء ومقهى الشعب في شارع كاوة السليمانية ونتجاوز حدود الخوف والعزلة والموت ونلتقي لكي نتحرر ونكسر حاجز الخوف كانت أحلامنا تلتقي من أجل الحرية ولكن حريتنا كانت عقيمة وكنا أحيانآ نتحاور حوار الطرشان ومسرحنا كان ينادي ويخاطب جهة مشلولة ومكبوثة الصوت والقمع وتهميش المثقف وإقصائه ربما تدجينه وأدلجته وتحويله الى ماكنة تنتج الجوع وتبقى حاجته الى السلطة وتحويلهم الى قطيع استهلاكي ،القمع والقهر متساوي مابين المسرحي والمتلقي وإنهما يعيشان في خندق الموت،السياسة سرقت منا الفرح وأهذرت عناصر الابداع وأفسدت حياتنا ولكن بقيّ ضميرنا حيآ وكنا نعلق جهارآ أنا وسعدالله ونوس كنا نغرد في كربلاء الفيل ياملك الزمان ومسرحية بائع الدبس الفقير وكنا نتجاوز حدود الصمت في السليمانية من خلال مسرحية الملك هو الملك ومسرحية رحلة حنظلة من الغفلة الى اليقظة كنا نشهد ونعيش إنهيارات الواقع وكان مسرحنا الذي نحلم ونفكر به والذي ندعوا إليه هو مسرح التغيير وتجاوز سلطة الرقيب لازلنا محكومين بالامل.
انا وسعدالله ونوس وفريق المسرحية كنا نبحر في قارب محكومين بالخوف والامل& رغم تكميم الافواه وكثرة الفيلة في الشوارع والحارات والازقة والدرابين والمقاهي وحكاية بائع الدبس الفقير وهو يقع فريسة& بيد ذئاب السلطة من المخبرين حسن وحسين ومحسن . كنا نلتقي في قاعة الادارة المحلية في مدينة كربلاء كنا بشرآ و نحب العصيان من خلال المسرح ، هناك مدن تبقى عالقة في الذاكرة& تلاحقني في الليل والنهار مدينة مثل كربلاء مثيرة للحلم والحب وزمن الابداع على كل الاصعدة المسرح والموسيقى والشعر في السبعينات والثمانينات& كانت شرايين المدينة تصب في قلبي والزمن الجميل وحلم البروفات المسرحية في بيت الكاتب المبدع محمد زمان وبروفات الطاولة المستديرة وتنسيق العمل المسرحي وجلسات الحوار في مقهى سوق باب الخان الشعبي وقفشات احلى شباب نذروا انفسهم لحب المسرح محمدالموسوي،ستار الجنابي ،علي البغدادي،عباس شهاب،،عامر الخفاجي ،عامر الكرخي ،جواد البابلي،راضي العبيدي، سلام علي ،إنتصار الشاطي،حسن النصراوي ، خالد الخفاجي ،حسن محمد، عبدالامير،ومع ذلك كنا نعيش الاوهام والاحلام وعلاقة الحاكم والمحكوم وكنا محكومين ومكبلين بالخوف& ولكن كنا نعيش الامل والفرح رغم ان الحاكم له العديد من الفيلة تحميه وتعبث في الارض فسادآ وتحرق اليابس والاخضر وصل السيل الزبى والفيل يهرس الاطفال , الناس تخاف الاحتجاج على ظلم الحاكم وفيله زكريا يصرخ ويحرض ضد الفيل الجميع تقف معه وبدأنا& بروفات الاحتجاج وتقديم الشكوى للحاكم بسبب سلوك فيله المشين زكريا يصرخ
&الفيل ياملك الزمان
مجاميع الناس تردد لانريده
& الفيل يا ملك الزمان
كسر النخيل
هدم البيوت
يظهر الموت إذا بان
جعل الرعية بلا أمان
&تصل شكواهم الى الحاكم يستقبلهم في قصره وزكريا يقول الفيل ياملك الزمان والجميع تسكت من الخوف ويتغير موقفها والحاكم يقول ماذا ؟ وماهي قصة الفيل؟ الناس من شدة الخوف الجميع يتردد والجميع خافضو الرؤوس إلى حد الانحناء ثم لا يجرؤون على النهوض
&الحاكم: ماذا تريد الرعية
زكريا : الفيل يا ملك الزمان
الحاكم : وما خبر الفيل
زكريا : الفيل يا ملك الزمان
الحاكم: كاد صبري ينفذ تكلم ما خطب الفيل
-زكريا ملتفتآ حول الناس فاذا هم صم بكم لا ينطقون رهبة ورعبا وكان عليه أن ينقذ رأسه من القطع فتدارك نفسه قائلا
الفيل بحاجة لفيلة تخفف وحدته وتنجب عشرات بل مئات الفيلة
الحاكم (مقهقها) : كنت أقول دائما اني محظوظ برعيتي&
وينبري احد الشعراء المتملقين في قصيدة عصماء يكيل المديح يذكر فيها خصائص وخصال فيل الملك من الشجاعة والطيبة والخصال الحميدة ويستمر القهر والظلم من يستطيع كسر حاجز الخوف في صدور الفقراء والمعذبين والمهمشين&
المخرج وبنية النص والمكان
على الفنان والمخرج أن يقرأ كثيرآ ويحرر مخيلته من كل ماهو تقليدي وعندما يكون متمردآ على الوضع السياسي والثقافي الذي كرسته الاحزاب التقليدية والحكومات وتبدآ صحوة الضمير عند انعدام الخوف بسبب البطش والعبث ،يبقى سعدالله ونوس ومسرحه يرتبط ويلامس الواقع السياسي ويواجه البنية السلطوية وعشقها للكرسي ومصادرة عوامل الفرح والحب وإغتيال المشاعر ويزيد من عزلة الانسان وإغترابه ويسود الظلم والقهر وتزداد رقابة السلطة ولكن المسرح يبقى ضرورة جماهيرية ولكن بشرط إبتعاد الخطاب المسرحي عن الايديولوجيات الخطابية والسياسية المباشرة ويبقى المسرح أكثر الفنون ديمقراطية لذلك وصلنا سوية مع سعدالله ونوس على إلغاء المسافة الفاصلة مابين الجمهور وخشبة المسرح وتجربة المسرح المعاصر تجربة ثقافية ،اخراجيآ طبقنا طريقة مسرح داخل مسرح المجاميع وهم يرتدون الملابس السوداء توحي لحالة الحزن والكأبة وبقيادة زكريا وبروفات إعدادهم صوت وحركة وطريقة الاحتجاج على تجاوزات الفيل أمام الحاكم وبقيت الخطاب الاجتماعي والجانب المعرفي والسوسيولوجي والغرض هو تنمية وعي المتلقي لتغييرالواقع
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي ستوكهولم