ثقافات

طمرها البركان بالرماد لمدة 1600 سنة

مدينة بومبي، مصدر إلهام لا ينضب لكبار الفنانين

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يعكس أكثر من 250 عملاً فنياً كيف أن مأساة هذه المدينة كانت أثرت، على مر الأجيال، في مشاعر الفنانين الذين وجدوا فيها مصدراً كبيراً للإلهام.

يمثل المعرض الذي إفتتح مؤخراً رحلة إلى قلب التأريخ والحضارة الأوروبية، والتأثير غير العادي الذي تركته الحفريات في مدينة بومبي الإيطالية على الفن خلال القرون الأخيرة، سواء على اللوحات الفنية أو أعمال النحت، مروراً بالأعمال الموسيقية والرقص والأدب أو المسرح، والدور الكبير الذي لعبته في تحديث علم الآثار والحفريات. وسيستمر المعرض الذي حمل عنوان "بومبي وأوروبا، 1748- 1943" حتى الثاني من نوفمبر/ كانون الأول المقبل. وتحاول الأعمال الفنية المعروضة تحليل تأثير بومبي على العديد من الفنانين، منذ بداية الأعمال الحفرية في 1748 حتى القصف الدرامي الذي شهدته المدينة في 1943.
إن المقارنة بين البقايا الأثرية للمدينة الرومانية القديمة والأعمال المعاصرة تعكس بصورة جلية مدى تأثير الكلاسيكية على تطوير الفن والجماليات الحديثة، من حيث التقليد وإعادة تنفيذها، إذ وجد فنانون من مختلف الأجيال، مثل بيكاسو، ولي كوربوسييه، ومورو، وإنغرس ودي جيريسيو في مدينة بومبي وألوانها مصدراً لا ينضب للإلهام الفني والشعري نقلوه إلى بعض أعمالهم. على سبيل المثال، أن لوحة بيكاسو الشهيرة "إمرأتان تركضان على الشاطئ" 1922، المفعمة بالرغبة الشهوانية والحركة، كما لو أن المرأتين ترقصان، إستلهمت من بعض الشخصيات الكلاسيكية في بومبي، وأما الرسام كارل بيرلوف فقد زار مدينة بومبي في العام 1827، وإستلهم مأساتها في لوحة بعنوان "يوم بومبي الأخير"، ويظهر الرسام في الجهة اليسرى من اللوحة متأملاً في الدمار الذي أصاب المدينة.
ويحتضن متحف الآثار الوطني في نابولي جزءاً من أعمال هذا المعرض، والتي تعكس رحلة طويلة ومعقدة تعبّر عن حوار بين القديم والمعاصر، بين الطبيعة والفنون والأدب وعلم الاثار. ويحتوي المعرض على أكثر من 250 عملاً، ما بين التحف الأثرية والأعمال الفنية الحديثة (رسومات، حفريات، مشاريع معمارية، كتب، صور فوتوغرافية، من بينها إحدى الأعمال الحفرية لبيكاسو)، وقد تم جلب معظم هذه الأعمال الإبداعية من أشهر المتاحف الإيطالية والدول الغربية الأخرى.
ويركن القسم الآخر من الأعمال الفنية المعروضة في جناح الحفريات المتعلقة بمدينة بومبي، والتي ثار عليها بركان فيزوف عام 79 م ثوراناً هائلاً طمر المدينة بالرماد لمدة 1600 سنة. ويشاهد زوار المعرض في هذا الجناح 30 شكلاً تجسّد جثث أهالي بومبي المتحجرة وتعبّر بصورة دقيقة للغاية اللحظات الأخيرة من حياة ضحايا البركان وفي أوضاعٍ مختلفة. ويتمّ عرض هذه الأشكال الجبسية لأول مرة للجمهور، بعد إجراء الترميمات عليها. وبفضل الإسلوب العظيم الذي سار عليه عالم الاثار جوسيبي فيوريللي، أدرك الناس، منذ عام 1858، مدى التأثير الذي تركه البركان على أهالي بومبي المنكوبة، عقب الحصول على قوالب جبسية خاصة بالموتى. يقول ماسيمو أوسانا، المشرف على المعرض "أن هذه القوالب الجبسية لها أهمية بالغة في المعرض، ولا يُنظر إليها على أنها مجرّد أشكال، بل كبقايا من حياة إنسان".
وكانت بدأت الحفريات الأثرية في مدينة بومبي عام 1748، خلال عهد الملك شارل بوربون، ونشرغوته وعالم الحفريات وينكلمان في أوروبا خبر ذلك الإكتشاف العظيم. وفي الحال أصابت الدهشة الطبقة الأرستقراطية المثقفة في أوروبا وأميركا بسبب الحفريات الأثرية، مما حدا بالكاتب الأمريكي هيرمان ميلفيل إلى القول "أحب بومبي اكثر من باريس".
وعبر هذا المعرض يستطيع الزائر أن يرى مدينة بومبي من خلال مشاعر كبار الفنانين وحكاية هذه المدينة الأسطورية التي تتجدد كل يوم بسبب العمليات الحفرية المستمرة التي تشهدها.
&كانت لمدينة بومبي، على مدى الزمن، جاذبية وتأثيراً خاصاً على كل من قام بزيارتها، بصورة مختلفة تماماً عما تتركه بقية الآثار على زائريها. لم تترك الحياة القديمة في شوارع ومنازل هذه المدينة ذكريات فقط، بل حضوراً دائماً أيضاً. ومن جديد يؤكد هذا المعرض على أن بومبي كانت ولا تزال مدينة تساير كل الأزمان.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف