ثقافات

هولدرلين: قصيدتان

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

&

ترجمة حسّونة المصباحي&-1: ذكرى
الريح الشمالية-الشرقيّة تهبّمن بين كل الرياح هي الأحبّ إلى نفسيإذ أنها تهب البحارةروحا حيّة وعبورا طيّبا. أمض الآن وحيّي“غارون الجميلة"وحدائق "بوردو"هناك، حيث على حوافّ المنحدرات الوعرةيمتدّ الدّرب، والنهريسقط للتو من أعلى التيّار، في حين في الأعلىيكمن زوجان، سنديان وشجرة حور.
أتذكّر ذلك جيّدا، وكيفتحمي غابة الدّرداربأوراقها العالية الطاحونة،بشجرة تين في باحتها.في أيّام الأعياد تتجوّل في هذا المكان نساء سمراواتعلى أرض حريريّة،في شهر آذار،عندما يتساوى الليل مع النهار،ومن الطرقات البطيئة تسافرمثقلة بأحلام من ذهب، النسمات المُهدّئة.

فليمدّ لي الآن أحدالكأس المعطّرالمفعم بقليل من الضوءلكي أستريح. سيكون لطيفاآن ننام في الظل.وليس من الصالح أننفسد أنفسنا بأفكار قاتلة. لكن الحوار شيء جيد ،وجيّد أيضا أن نسمع حديثا عن أيام الحب،وعن وقائع سامية، حدثت.
لكن أينهم الأصدقاء؟ "بيلاّرمين"،ورفاقه؟ الرجاليُظْهرون خوفهم، حين يكونون قرب المنبع.مصدر الثروةهو البحر. وهم، مثل الرسامين،يجمعون جمالالأرض ، ولا يكرهون أبداالحرب المجنّحة، ولا أن يسكنواوحيدين لأعوام طويلة ،تحت السّارية من دون ورق، هناك حيث في أيام أعيادالمدن لا تلمع خلَلَ الليل،لا الآلات الموسيقية ، ولا رقصات البلد.
لكن الآن ذهب هؤلاء الرجالإلى الهند،من القمّة المفتوحة للرياح،خلّل الحواف الدقيقة المغطاة بالعنب ، وحتىانحدار "الداردون"ومتوحدة مع "غارون" المتوهجة، فسيحة كما البحر، تمضي المياه.إلاّ أن البحر يمنح الذاكرة ويسحبها،والحب أيضا يبحث بحرارة عن نظرتنا،لكن ما يتبقى يؤسّسه الشعراء.
2: التّيه
أيتها "السواب"* السعيدة ، يا أمي،أنت أيضا، والمضيئة أكثر"لومبارديا"**، على المنحدر الآخر،بألف جدول مُسْقاة!لا تنقصك الأشجار المزهرة المحمرّة،ولا تلك الداكنة أكثر، والمتوحشة، ذوات الأوراق الغامقة الخضرة،وسلسلة جبال الألب السويسريّة تشرف عليك،أنت المتوسّطة أيضا، ، إذ أنه قرب مقرّ البيت الأصليتمكثين، وتسمعين كيفداخل كؤوس الفضّةيغمغم النبع، تصبهأيد طاهرة، وحين مُلامَسا
بأشعة دافئةالجليد البلوريّ، يذوببفعل النبض الخفيف للنور، والقمة المغطاة بالثلج،وكلّ هذا يُخْصب الأرض،بالماء الأشدّ صفاء. لهذافيك مولود الحقيقي. من الصعب أن يهملما يمكث قرب الأصل، مَكانَه.بأبنائك ، والمدنحول البحيرة المتلألئة،قرب قصب"نيكار" و"الرين"،كلّ هذا يُبَلّغني أنهلا مكان للعيش أفضل منك.
أمّا أنا،فإلى القوقاز سأمضي!فقط هذا اليوم سمعت في الهواء:الشعراء أحرار مثل طيور الخطاف.والحال، منذ أيّامشبابي أسرّ ليأنه في الزمن الغابرغادر أجدادنا الألمانمن دون صخب، أمواج"الدانوب"،في يوم من أيام الصيف، وبينما كان هؤلاءيبحثون عن الظلّ، التقواعلى ضفاف البحر الأسودأبناء الشمس: وليس بلا معنى سُمي هذا البحر: المضياف.
وعندما في البداية ، تبادلوا النظرات،الآخرون اقتربوا أولا ، ثم جلسوا،مفعمين بالفضول، أجدادنا أيضا جلسوا تحت شجرة الزيتون.وحين لامست ثيابهم بعضها البعضولا أحد يفهم لغة الآخر ،اندلعت ربما معركة، ومن الأغصاننزلت تلك النضارة التي غالبا ما تنشر على شفاهالرجال المحبين للخصام. وعلى مدى وقت قصيرنظروا إلى الأعلى في صمت،ثمّ تصافحوا بمودّة. بعدئذتبادلوا الأسلحةوكلّ ثروات البيت الأصلي،وتبادلوا الكلمات أيضا وليس من دون جدوىأن يتمنى الآباء الذين تربطهم روابط الصداقةأقل شيء للأبناءفي حفلات الأعراس الرائعة التي تبعت ذلك.ومن توحدهم المقدّسوُلد شعب، من كلّ الذين حملوا الإسم الإنساني،الأجمل، قبل ومنذ ذلك الحين. أينتكونون أيها ألآباء الأحباء،لكي نحتفي من جديد بالميثاقمتذكرين أجدادنا الأعزاء؟
هناك على الضفاف، تحت أشجار"إيوني"، على سهول "كايستار"،حيث طيور اللقالق، منتشية بالهواء،محاطة بالنور المتعاظم للجبال،كنتم هناك أيضا، يا من أنتم الأبهى! كنتمتتردّدون على الجزر، المُتَوّجَة بالكروم،التي ترنّ بالأناشيد. آخرون يمكثون قرب "تايغات" ، قرب ال" هايمات" التي طالما مُجّدت،مُكثرين الأخيرين، لكن من نبع“بارناس" وحتىتيّارات "تموليس" المتلألئة بالذهب كان يرنّنشيد أبديّ، بقدر ما كانت الأشجار عندئذ تتهامسبآلة وتريّةللتوحّد، تحت مداعبةلطافة سماويّة.
أوه يا أرض هوميروس!قرب شجرة الكرز المحمرّة، حين أنت حاضر بنفسك، في الكرم، أنظرُإلى الدراقنات التي ما تزال خضراء،والخطاف يأتي من بعيد، وحاملا أخبار ثريّةيبني عشّه تحت جدراني، فيأيّام مايو أيضا، تحت النجوم،أفكّر فيك أنت، "إيوني"! إلاّ أن ما هو قريبعزيز على قلب الإنسان. لهذا إليكجئت، أيتها الجزر، لكي أراك، وأنت أيضا، يامصبات الأنهار، يا قصور "تيتيس"،وأنت، ياغابات ، وأنت يا سحب ال"يدا"!
غير أنني لا أفكر في البقاء. غير ودية، وهل هي صعبة الإقناعومتجهّمة، الأم، التي فررت منها.واحد من أبنائها، "الرين"، حاول أن يرمي بنفسه بعنف في قلبها،لكنه صُدّ فاختفى، في مكان مجهول، في الأقاصي.أن أغادرها هكذا، ليست هذه أبداأمنيتي، وليس إلاّ لكي أدعوكم ، قمت، يا "نعم الهيلاّد"،أنتنّ، يا فتيات السماء، بهذه الرحلة، حتىإذا ما اتّضح أن المسافة ليست مديدة،تأتينّ إلينا، أيتها الحبيبات!&*سواب: منطقة تقع جنوب غربي ألمانيا وعاصمتها مدينة شتوتغارت وفيها ولد هولدرلين**لومبارديا. منطقة في شمال إيطاليا.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
إلى من يهمه الأمر
ن ف -

أتمنى أن يتكرّم عليّ المترجم و يفسّر الأبيات التالية: غير أنني لا أفكر في البقاء غير ودية، وهل هي صعبة الإقناع// ومتجهّمة، الأم، التي فررت منها // وكذلك تفسير الأبيات التالية: أن أغادرها هكذا، ليست هذه أبدا // أمنيتي، وليس إلاّ لكي أدعوكم، قمت، يا نعم الهلايد// انتهى. كيف يمكن جمع ((ليس، إلا و لكي)) في خطٍ واحدٍ مستقيم؟! أقول: ما الذي دفع المترجم إلى ترجمة هاتان القصيدتان أصلاً؟ ألم يُلاحظ هذا الكم الهائل من اسماء المدن و الأنهار والسهول والجبال التي لم يسمع بها القارئ العربي يوماً. كيف للمتلقي أن يتفاعل مع القصيدة؟ ما الذي سيتذكّره منها بعد عشرة دقائق؟ نصيحة لله وببلاش أيضاً: مّن يريد أن يُترجم عليه أنْ يُحسن الإختيار. و عليه أيضاً أن يتحرّر من النّص وسُلْطة النّص. وعليه أن يضع المتلقي وثقافة المتلقي نصب عينيه. وعليه أيضاً أن يحرصَ على أنْ يكون النّص المترجم سلساً ومقروء، كأنه كُتِبَ باللغة العربية أصلاً.

اين عنواني القصيدتين ؟
جبار ياسين -

لن ندخل في نظريات الترجمة لكن اما كان الاحرى وضع هوامش للأماكن وأسماء الأنهار فما الدوردون وماهو الغارون . وكم عدد القراء الذين يعرفون عن قرب اسماء ابطال الملاحم اليونانية ؟ ربما كلمة نهر كانت / مثلا /تضيء القارئ اكثر قبل المفردتين، خصوصا القارئ العربي الأشد كسلا من الكسلان اللبون الذي يعيش في أمريكا الجنوبية؟ اذكر اوجين غيفك ، الشاعر الفرنسي الذي بقي قرابة نصف قرن وهو يترجم قصيدة حب لهولدرلين من الألمانية الى الفرنسية كي يصل الى ترجمة صافية للقصيدة .

شكر وتنويه
هشام دامرجي -

كل الشكر للمبدع حسونة المصباحي الذي كثيرا ما يفتح لنا نوافذ شاسعة على الأدب العالمي