ثقافات

إبراهيم زولي: عرض تجريبي للجنازة

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

&إلى فاطمة ناصرية في الذكرى الثانية لرحيلها



كيف تخلّيتِ عنّا؟كان يمكنك المكوث على سريرك&الخشبي، للدفاع عن حقّنا في البقاء،حقّنا، في استنشاق نسائم تخلو من التلوّث،&في ردم العذاب الذي احتجنا عدّة أعوام لترميمهتأخذين بيدنا، صوب ضوئك البالغ&البساطة، مثل فوانيس قروية ناعسة،صوب أحاديثك عن وجوه الذين مضوا&عن روائح أمي التي تتجول في سهوب الرحمةعن خسارات أبي الفادحة.***يا بقيّة أهلي،كيف ذهبت منفردة بعد أذان&الفجر، لملاقاة الموتكيف خرجت من البيت وحدكالبيت الذي لم تبرحيه منذ شهورالبيت الذي سيكون أول من يسقط&بعدك، ويسكنه الفقد والحشراتكيف أغلقت الشبابيك بكل أناةكيف بخّرتِ بالصلوات ثيابك،ورفعتِ ابتهالاتك عاليا، تحسّبا&للطريق المؤدي إلى المقبرة.ستكونين قريبة من محبيكأولئك الذين غادروك، لسبب بسيط:لأن الحياة هشّة، والجوّ دافئ هناك.***يا شقيقة أمي،&ما من سبيل يؤدي إليكأطفالي الذين يتشمّمون ضوع فراشك،يتساءلون، بأنين أحدّ من الخنجر:مَنْ سوف يحضنهم في مساءات الخميسمن سينادي بالحلوى والطائرات&الورقيّة عليهم، من سيرفع صوته&فجأة، وهم يتعثرون في أثاث الغرفةكيف يمكن لي أن أفهم هذا الغياب المفاجئالغياب المتربّص بضحيته القادمةوتعليقها على لافتة لوحة إعلانيةالغياب الذي يجهل الفارق بين&الغصن والمقصلة، الغياب الساعي إلى&تفخيخ طرائده بطريقة استعراضية.&كيف يمكن للدنيا أن تفرط فيك&بأنانية بائسة، وأن الطمأنينة&غادرتنا إلى غير رجعة.***للوهلة الأولى، اعتقدت أن ذلك&مجرد عرض تجريبي للجنازة،أو أنك تختبرين المحبة في قلوبناالمحبة التي كانت تتغذى على ساعديك&محبة يتردد الآن صهيلها في الهواءالهواء الملبد بميراثك المتبقي:فناجين القهوة، ضحكتك التهاميّة،وجهك الأسمر المقدود من قمح الأرض،الثياب الشعبية المعلقة على الحائط،السجاجيد المطلية باللون الأخضر.لو في استطاعتك الآن أن تتخيّلي جلوسنا&على سريرك، منتظرين رجوعك،لتحاشيت الذهاب إلى ضريحك &دون مرافقة العائلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف