ثقافات

أنفال عبدالباسط الكندري: أمل وبضع أحلام

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أنا ورذاذ المطر .. معطفي الأسود ونسمة وحيدة مرت بجانبي وهي تخبئ في صدرها هدوء عميق , وبين يدي صحيفة تضم في قلبها الكثير من أخبار الفقد .. فقد الأرواح .. الحضارة والتاريخ .. الصحة ومستقبل مجهول الهوية , وبخط العريض كتب صاحبها عنواناً " هنا الموت يطرق جميع الأبواب ".&كنت أسير هادئاً رغم أصوات النواح والأنين بين صفحات صحيفتي , الخطوات حولي سريعة &والجميع في عجلة من أمره كل يريد أن يلحق على ما تبقى من رصيده في هذه الحياة , إلا صوت الأشجار والسيارات وذلك الماء الذي يتجمع في الطريق ليعيق حركة المارة في حالة تدعو للتفاؤل , فقد اجتمعوا على عزف لحن جميل كأنهم يقولون هناك وجهاً آخر لهذه الحياة وأن هناك صوتاً جميلاً يجب أن نسمعه .في طريقي كان هناك سلم قصير لم يكتمل بنيانه بعد فقد ترك بلونه الرمادي بين محل للحلويات وآخر يبيع القهوة فقط , كان يجلس عليه شاب في الخامسة عشر وهو يضع بجانبه مجموعة مناديل يخبئها تحت صندوق خشبي صغير , وبين يديه كتاب مزقت بعض أطرافه وتركته الألوان من شدة تنقله بين أيادي عدة , و بالرغم من أوراقه المتعبة &لكنه كان يبدو على ملامح قارئه بأنه أكثر قدرة على خلق عالم جميل له ولو من خلال خياله , الناس في عجلة تحت مظلات المطر وهو منفرد بمتعته , إنه في حالة سكون تحت هذا المطر , أوقفني انفراده بنفسه بعيداً عن هذا الصخب و الازدحام , وقفت أتأمله بصمت فانتبه إلي .. توقف سائلاً إن كنت أرغب بشراء المنديل , فأجبت مبتسماً بأنني أريد واحداً فقط , نظرت في عينيه ثم أخذت أتساءل بيني وبين نفسي " ألم ينزعج من حالة الطقس وما يحيط به &؟ " .. نظر إلي منتظراً أن أسأله عن المبلغ فسألته " ماذا تفعل ؟ " , فضحك قائلاً " أدرس .. فهذا المكان يجعلني أكثر إصراراً على التعلم , لأنني لا أظن بأنني خلقت لهذا الذي تراه الآن ".أعجبت برده فلم أستطع إلا أن أمسح على رأسه , وبينما كنا نتبادل الابتسامات وأنا أدفع له وقعت عيني على عكازتيه , فسبق سؤالي له قائلاً " تلك الحرب إن لم تسرق أرواحنا , فهي تسرق أشياء أغلى " . لم أتمكن من التعليق فأكمل بوجه يشع منه النور وبثنايا يولد من خلفها الأمل " لقد بتروا ساقي اليمنى .. لكنهم لم يبتروا حلمي , سوف أحيا بما أستحقه ليس بما يريدونه لي " .لم أستطع أن أترك حرفاً , بل على الرغم ذلك الشيب الذي يصبغ شعري لكنني لم أستطع إلا أن أضم كلمات ذلك الشاب الصغير إلى &صدري , و أكملت بعدها سيري تحت المطر لأغسل كل حزن تعلق في لحظة يأس على جدار قلبي , بعمره الصغير أهداني درساً مهماً و جعلني أرى وجهاً جديداً للحياة .&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف