ثقافات

إبراهيم أحمد: ملكة البر والبحر

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قطة نحيفة رشيقة &يافعة.&كأنها فتاة حسناء ناضجة.&بشعر أبيض ناعم يراقصه &النسيم، يلمع تحت الشمس كنثار من غيوم.&في عنقها قلادة؛ تنتهي تحت ذقنها الجميل بربطة على شكل فراشة.&هي طيبة كيسة جدا.أعرفها لكثرة ما مررت بها على هذا الطريق.&تخرج كل يوم بمثل هذا الوقت، تجلس على هذه الصخرة تتأمل البحر،إنها تخرج لتفكر !&ليس فرارا من البيت وصاحبتها العجوز التي تنثر من الصباح إلى المساء ذكرياتها على حجارة الجدران، وعشب الحديقة الأصفر!&وتنسى أن تضع في طبقها شيئاً،غير هذه الذكريات التي تحسها القطة بطعم اللحم المجفف!&ذكريات مالحة جدا تارة، فاهية تارة أخرى؛ كأنها من صنع طباخ أعمى!تصيب القطة بعسر الهضم.&القطة تخرج، بالمشي تساعد المعدة على هضم الذكريات، ولتفكر.كثير من المارة يقفون أمامها،وهي على الصخرة المطلة على البحر، الموج يكاد يصفعها، والرذاذ يتحول في عينيها العسليتين إلى دموع!&المارة يغادرونها؛ بين مستلطف مبتسم، ومشفق!&لا يخطر ببالهم أبدا عجوز تطعم ذكرياتها لقطتها!كلما حدقت بها أجدها تفكر.&أتفكر أن تبقى وفية لهذه العجوز؛ كثيرة النشيج، العصبية أيضا؟&بالهرب مع أول هر يطلب يدها، أم تبقى مع العجوز؛ تواسيها حيث لا تنفع المواساة؟ && مؤمنة هي أم ملحدة؟بدينها وطائفتها وقوميتها؟أنها عنصرية، أم رحبة القلب؟في أي بلد هي؟ في أي &كوكب من هذا الكون الشاسع؟&بحقوق الحيوان والإنسان والنبات؟&قطار الزواج قد فاتها، وعليها أن تلحق به بالطائرة؟&&تشتغل بالسياسة؟ &أم تنفق عمرها القصير بما هو أفضل: اللعب في سيرك، &مداعبة الأطفال في الحدائق، بيع وريقات كشف الحظ على الرصيف؟ &&لا رصيد لها في البنك، وإن عليها أن تعمل أو تسرق أو تنهب؟&أتفكر القطة بكل هذا؟ &أم بالعجوز فقط، كيف تشفيها من هذه الذكريات اللعينة!لا أدري! &فقط أعرف؛&إنها جميلة جدا، حزينة بعض الشيء، وتفكر، فهي ستعود بعد ساعات إلى البيت وقلبها يخفق بقوة، أن تجد العجوز ميتة، مختنقة بالذكريات!&فهي تحبها كثيرا، وتبكي معها أحيانا آخر الليل!وهي مرة أخرى جميلة جدا.&حتى إنني كلما أعطيت مواعيدي فإنني يجب أن أحسب حسابها!&ساعتان لتلافي التأخير!لا مناص من ذلك، فالقطة بجمال يجعل صخرتها تعلو وتعلوا فوق الماء الهائج حتى لتغدوا عرشا لملكة على البر والبحر !هي حزينة يصعب المرور بها سريعا.&مهما أصطخب البحر القريب، وهاجت أمواجه، وهدد بالمد والجزر!ibrahimhit@yahoo.com&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف