الورق عبر التاريخ، قصة نشوء الحضارات وتطورها
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد ودمشقوكانت بغداد التي تقع على نهر دجلة أفضل مكان لإنجاز مثل هذه العمليات ولصناعة الورق وسرعان ما ضربت شهرتها الآفاق لنوعية الأوراق التي تنتجها والتي اعتبرت ملائمة جدا لخط القرآن الكريم. وتمكنت دمشق هي الأخرى من التحكم في تقنية صناعة الورق لتشتهر في أوروبا بإنتاجها الذي كان يشار إليه بتعبير "الورق الدمشقي".&ويغطي كورلانسكي مساحات جغرافية واسعة جدا وهو يتنقل عبر العصور وبين الحضارات من واحدة إلى أخرى. ولكنه يلاحظ أنه فيما كانت مكتبات بغداد غنية وضخمة ومنوعة، ظلت المكتبات في أوروبا بسيطة ولم يصلها الورق إلا في فترة متأخرة وكان ذلك بفضل دخول العرب الأندلس ونشوء حضارتهم هناك حيث سرعان ما تعلم الأوربيون أسرار هذه الصناعة منهم. وتخصصت بلدة فابريانو في إيطاليا في القرن الثالث عشر للميلاد في هذه التقنية وتحولت إلى مركز مهم لصناعة الورق. ومع انتقال التقنية من العرب إلى أوروبا انتقلت معها بعض التعابير والكلمات العربية مثل كوثون "القطن" او ريمز المأخوذة من كلمة "رزمة ورق" بالعربية.واحتلت هذه البلدة مركز الصدارة والريادة في هذا المجال وتمكنت من تحسين المواد المضافة إلى عجينة الورق لمنع انتشار الحبر والسيطرة عليه باستخدام مادة الجيلاتين المأخوذة من جلد الماعز والتي بدت ملائمة بشكل أكبر لطقس أوروبا الرطب. وطورت المدينة أيضا المطارق التي يصنع بها الورق باستخدام الطاقة المائية وامورا أخرى أيضا لتكون النتيجة أن فابريانو أصبحت مركز صناعة الورق لقرون لاحقة في أوروبا.وانتقلت صناعة الورق لاحقا إلى ألمانيا وغيرها كنوع من التقنية غير أن كورلانسكي ينبه في كتابه إلى أن "التقنية لا تغير المجتمع بل المجتمع هو الذي يطور التقنيات لمواكبة التغيرات التي تحدث داخله".&وربما كان أفضل دليل على ذلك ظهور الصحافة المطبوعة: إذ شهدت فترة القرن الخامس عشر في أوروبا طلبا واسعا جدا على الورق وإنتاج الكتب والوثائق لأنها كانت فترة نهضة إزدهرت فيها الأفكار وكانت النتيجة بناء مطابع عديدة وبدء إنتاج الكتب على نطاق واسع وبسرعة كافية تلبية لحاجة المجتمع.&غير أن الورق لم يكن حكرا على المفكرين والكتاب والشعراء والروائيين بل كان مادة مهمة أيضا للفنانين. ويشرح كورلانسكي بالتفاصيل تأثير الورق وأهميته في حياة هذه الفئة مشيرا بشكل خاص إلى ليوناردو دافنشي والبريخت دورير ويقول "ترك دافنشي وراءه ما لا يقل عن أربعة آلاف عمل على الورق".&ربما يكون الجزء الذي خصصه كورلانسكي لآسيا والعالم الإسلامي الأهم في الكتاب ولكنه شرح أيضا أساليب صناعة الورق التي تم تطويرها في أوروبا لاحقا وبشكل تفصيلي ليؤكد من خلال ذلك على أن الورق اختراع دائم يمكن تطويعه وتطويره حسب الحاجة على الدوام.&ورغم أن عصرنا رقمي بامتياز ما يزال للورق أهمية فنحن نستخدم الرسائل الألكترونية أكثر من البريد الإعتيادي مثلا ولكن التجارة عبر الإنترنيت تحتاج إلى الورق لرزم البضاعة وتغليفها عند شحنها إلى المشتري. وفي النهاية ربما كنت تقرأ هذه الكلمات على شاشة الكومبيوتر الآن ولكن الورق ما يزال موجودا في كل مكان من حياتنا الحاضرة.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف