ثقافات

أنفال عبدالباسط الكندري: لو أنها حمامة

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



فتحت باب الفصل متحمسة لكتابة عنوان جديد في صفحات عمر أطفال شردوا بل سلبوا الأمان وخطفت منهم أرواح ذويهم , فتحت الباب لأبرهن لنفسي بأن الخير لم ينتهي و أن شموع الأمل مازالت تحترق وقادرة على أن تنير جزءاً من هذا الواقع الذي جعل من هؤلاء الأطفال باختلاف اعمارهم واجناسهم &وبلدانهم وطوائفهم اخوة في الجرح والألم .
جلست على الأرض بينهم وفتحت الكراسة لأقرأ على مسامعهم كلمات جديدة , أخذوا يرددون خلفي : " أمل , أمن , أمان " , وملامحهم تتفتح مع كل حرف , إلا طفلة واحدة سمراء بعين ملونة وحزينة جعلتنا نقف ونحاول أن نعيدها من شرودها , ناديت عليها وعادت ببصرها لكنها لم تريد أن تشارك معهم , جعلتهم يكملون وقمت لأحضر ورقة وقلم وطلبت منها أن ترسم , فنظرت إلي ثم أمسكت بالقلم وراحت ترسم شيئاً كبيراً أخذت الورقة بعد أن انتهت منها لأنظر فيما كانت تفكر , فإذا بها قد رسمت حمامة كبيرة , سألتها : لماذا ؟ّ!فأخبرتني بأنها تتمنى لو أنها تصبح طائراً حتى تفرد جناحيها وتلحق بوالديها واخوتها وتكون بينهم تنظر إلينا من السماء , عجزت كلماتي ولم أجد سوى تلك الدموع التي لامست كفيها وأنا أمسك بها بقوة , كيف أشرح لها الآن أن من حقها أن تحيا بأمان وأن هناك يوم قادم سيأتي مصطحباً معه حرية الوطن المفقود , وأنها ستعود وستتوسد أرضه وتتلحف بسمائه التي ستصفو عما قريب &.حاولت أن أصحبها من خلال كلماتي إلى المستقبل &فواجهتني واقعها &الموجع قائلة : وإن عاد الوطن فليس لي به أي أهل , ولا أي منزل .&
طفلة لم تتعدى العاشرة .. هي كل شيء لنفسها ودون وطن .. ماذا يمكن أن أعلمها سوى أن تقرأ ؟, أردت بهذا الفصل أن أعرفهم على معنى كلمة " أمل " فتعرفت أنا من خلالهم على معنى الألم الحقيقي الذي يمكن أن يصاب به الإنسان .
انتهى الأسبوع وسنعود إلى وطننا &, فقد وزعت المساعدات وفتحت الكتب ووزعت الهدايا ورسمنا الابتسامة بقدر المستطاع , حاولنا أن نساهم ولكن تبقى تلك القضية كجرح مفتوح , لذا خرجت من مكانهم وأنا أعتذر بيني وبين نفسي منهم لأنني أعجز عن وضع الحل واجتهدت بتسكينه ولو بفرحة صغيرة .. بكلمة طيبة , بلمسة دافئة وضمة تسكب شيئاً من الحنان الذي فقدوه , لكن تلك الطفلة لازلت تتمنى لو أنها حمامة .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف