"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية
هروب بن لادن إلى منفاه... ما لا تعرفه عن "القاعدة"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف: في الأيام التي أعقبت مقتل أسامة بن لادن في باكستان في عام 2011، تجدد الاهتمام بعائلة مؤسس تنظيم القاعدة وزعيمه. فأحد أبنائه قُتل خلال الهجوم على المنزل ذي الأسوار العالية في مدينة أبوت آباد في شمال باكستان، فيما وردت أنباء ملتبَسة عن وجود ما لا يقل عن 12 طفلًا أو حفيدًا وبين زوجتين وأربع زوجات تركتهم القوات الخاصة الأميركية مذهولين، بعضهم تلطخت ملابسه بالدم.
لكن فصول القصة لم تتوقف. فبعد ثلاث سنوات على مقتل بن لادن، دُفع تنظيم "القاعدة" إلى الصفوف الخلفية بظهور داعش المنشقة عنه. وهكذا، انتقل مركز ثقل التطرف الإسلامي بصورة حاسمة إلى المشرق، وطوى النسيان عائلة بن لادن.
يسد الثغرات
لكن مصير العائلة ظل يستأثر باهتمام كاثي سكوت كلارك وأدريان ليفي، وهما صحافيان مخضرمان نشرا سلسة من الكتب الاستقصائية الشيقة تركز على جنوب آسيا
والتطرف الإسلامي وآخر نتاجاتهما هو كتاب "المنفى: هروب أسامة بن لادن" The Exile: The Flight of Osama bin Laden (المكون من 604 صفحات، منشورات بلومبسبوري) للكاتب جيسون بيرك الذي كتب باستفاضة عن التطرف الإسلامي.
تنتقل القصة من باكستان إلى موريتانيا، حيث يعيش أحد مصادر المؤلفَين الأساسية، وتبدأ قبل أيام على هجمات 11 سبتمبر 2001 وتدمير برجي مركز التجارة العالمي. وتنتهي في عام 2016.
يسد الكتاب ثغرات مهمة في ما نعرفه عن "القاعدة". يبيّن العرض الوافي لدينامية التنظيم الداخلية مرة أخرى أن مصدر الخطر لم يكن منظمة دولية بلا وجه ينخرط في صفوفها آلاف الأتباع المتعصبين الذين "غُسلت أدمغتهم" ليكونوا مطيعين طاعة عمياء، بل مصدر الخطر كان عصبة صغيرة نسبيًا من متعصبين من ذوي أصول وأفكار متباينة لم يكن لأهدافهم المشتركة تأثير يُذكر في الحد من جدالاتهم الساخنة بشأن الاستراتيجية. ويبيّن الكتاب أن غالبية قادة "القاعدة" الكبار كانوا ضد تنفيذ هجمات 11 سبتمبر أو لم يعرفوا شيئًا عن الخطة.
وفي عام 2002 شن القيادي سيف العدل، الرجل الثاني في التنظيم اليوم، هجمات شديدة على بن لادن، الذي كان سيف العدل، يعتقد أن حملة العنف التي أطلقها منفلتة من السيطرة تمامًا.
غزل إيران
لكن قصة حياة أسرة بن لادن التي نُسجت بجهود مضنية تطلبت إجراء عشرات المقابلات المطولة مع أفراد العائلة، تبقى هي الإنجاز الأبلغ أثرًا لكتاب "المنفى". فالكتاب يقتفي حياة الأهل وذوي القربى، الذين ظلوا مع بن لادن، أو استطاعوا الانضمام إليه في باكستان بعد الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001. ويروي بتفاصيل مؤثرة حياة العزلة والاعتكاف في مدينة أبوت آباد حين كانت الأجهزة الاستخباراتية الأميركية تقترب من اكتشاف مكانهم.
يقتفي الكتاب أيضًا مصير أفراد العائلة وعدد كبير من القياديين المخضرمين في الجماعة الذين هربوا إلى إيران مع عائلاتهم. وحُسم مصيرهم في إيران عمليًا بصراع على السلطة بين المتشددين الإيرانيين، الذين كانوا يريدون استخدام هذه العناصر من "القاعدة" في سعيهم الدائم إلى إضعاف الغرب وتوسيع نفوذهم في المنطقة، والإصلاحيين، لا سيما العديد من المسؤولين المدنيين المنتخبين الذين فكروا حتى في تسليم "ضيوفهم" إلى الولايات المتحدة في محاولة لتحسين العلاقات، كما يروي الكتاب.
عندما رفضت الولايات المتحدة غزل إيران لتدشين علاقة جديدة في عام 2002 تولى المتشددون مسؤولية أقارب بن لادن وأعوانه مع عائلاتهم.
وعلى امتداد أكثر من عقد حل هؤلاء المرتبطون كلهم بأكبر جماعة متطرفة إسلامية سنية في العالم، "ضيوفًا" على عاصمة أكبر قوة شيعية في العالم تحت سيطرة أكثر مراكز القوى تشددًا، أي فيلق القدس. وكان المحللون يعرفون منذ زمن طويل أن بعض عناصر "القاعدة" وعائلاتهم أقام في إيران خلال الفترة الواقعة بين 2002 والسنوات الأخيرة، ولكن رواية كتاب "المنفى" هي الوصف المرجعي الوحيد لفترة إقامتهم هناك.
سرد داخلي مشوق
يتسم فهم هذه الواقعة التي تبدو عصية على الفهم بأهمية اليوم، لأن المسؤول الأول عن إقامة عائلات "القاعدة" في إيران كان الجنرال قاسم سليماني، مهندس التدخل العسكري الإيراني في سوريا والعراق.
وفي صيف 2015 غادر خمسة من كبار القياديين في "القاعدة"، بينهم سيف العدل، إيران، إلى سوريا، عن طريق تركيا. وجاء السماح برحيلهم في إطار تحرك إيراني أوسع لمواجهة نفوذ الغرب وحلفائه المحليين في المشرق، كما يرى محللون.
إذا كان البناء الجامد لكتاب "المنفى" يوحي أحيانًا بقراءة خط زمني متسع، واللغة تنحو أحيانًا إلى نمط الروايات المثيرة التي تدور حوادثها في مطارات، فهذا لا ينتقص من السرد الداخلي المشوق الذي يروي التاريخ الأخير لجماعة إرهابية وعائلة ما زالت تشكل تهديدًا خطيرًا.
ينهض حمزة بن لادن، أحد أبناء بن لادن المفضلين، على ما يبدو بدور وجه "القاعدة" الجديد. وأصدر حمزة البالغ من العمر الآن أواخر العشرينات، سلسلة من الرسائل الصوتية، داعيًا في أحدث تسجيل صوتي طوله 10 دقائق في منتصف مايو أتباع "القاعدة" إلى استهداف اليهود والغربيين أينما وُجدوا وبأي وسائل متاحة.