ثقافات

المترجمون أولئك الكتاب النادرون

متى يكون المترجم... خائنا؟!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


في كل مرة تثار فيها قضية الترجمة يتم الحديث عن الكثير من المزايا التي يتحلى بها المترجم ، ومنها (الامانة المهنية) ،فيتم النظر الى المترجم بطرف العين على انه لا يلتزم بالقواعد واحيانا يتيع هواه، يقال الكثير عنه ، هناك مترجم يضيف من عندياته أفكارا غير التي يؤمن بها الكاتب (المترجم له)، وهناك من يدس ما بين السطور ما يشاء وهناك من يقلب المعنى وهناك من يغلب ثقافته على ثقافة الكاتب ،فيما يرى الكثيرون ان الترجمة مهنة أخلاقية وان عملية نقل النصوص يجب ان كما هي لا كما يشتهي المترجم، وان تلاعب بعض المترجمين بالنصوص فهو أما عن جهل أو نقص في الخبرة.
من هنا وجدنا ان نقرأ في احوال المترجمين والمساحات المحددة بهم خاصة ان هناك من يلصق ببعضهم كلمة " خيانة " ، لذلك كان سؤالنا : متى يكون المترجم خائنا ؟
وابدأ بالفكرة التي طرحها الروائي حميد الربيعي حيث قال: قرأت هذه الجملة (سلطت ضوء المصباح على فتى وفتاة ، متجردين من ملابسهما ،قرب البركة ، يمارسان الرذيلة ) ،استوقفتني كلمة- الرذيلة ،في النص السابق من رواية "على قيد الحياة" للكاتب الصيني (يوا هيوا) وترجمة المصري (عبد العزيز حمدي) ، فالكاتب لا يوحي بكتاباته انه يمارس نقدا اخلاقيا او دينيا او اجتماعيا ، بل كان يوصف مشهد امامه ، في اثناء مروره ليلا في القرى وهو الشاعر الجوال الذي يجمع الاغاني الشعبية . واضاف : بالتاكيد فان كلمة -الرذيلة - من عنديات المترجم والذي فرض نمط تفكيره على النص ، حين قيم مشهد الفتى والفتاة بالرذيلة ، وهو تقيم اخلاقي ، مما يعني انه فرض وصايته ،كمترجم ، على نص الرواية ، مما حرفها عن مسارها وجرف المؤلف الى موقف مغاير لما كان يتوخاه في الكتابة . وتابع : الامانة المهنية كانت تفترض على المترجم التمسك بالنص ،كما هو ، لا كما يشتهي المترجم ،فاذا كان ثمة تعارض بين النصوص ومبادئ المترجم الشخصية فالمفروض ان لا يتصدى لهكذا نصوص ،ان كلمة واحدة قادرة على حرف وجهة نظر المؤلف مما يعني ،خاصة في موضوعة الترجمة ، التشويه المتعمد لاراء الكتاب وتنقل عنهم ما لا هم يرغبون به .

تاليف كتاب اخر غير النص
وحين سألته : متى يكون المترجم خائنا ، اجاب قائلا : تعد الترجمة خيانة فيما لو تدخل افق المترجم مع عالم المؤلف ، وافق المترجم هو الدلالة الفكرية والثقافية والبنى المعرفية ، المتمثلة في القيم الحياتية والاجتماعية ، بما فيها من مفاهيم دنينية وارث ثقافي . وأوضح : هذه الافاق تفرض احيانا سطوتها على المترجم فينهل منها في نوعية اختيار الكلمة المناسبة والمرادفة للنص في لغته الاصلية ، والمترجم الجيد هو من يجعل من النص ، بما احتواه من مفردات حية وخطاب معرفي ، وفق سياقات المؤلف ، في اثناء الكتابة .
واضاف : فلا يمكن مثلا ، من بواب التوافق والاختلاف ، ما بين المترجم وكاتب النص ، ان تحشر الرؤيا الفكرية وتعد المعيار باختيار المفردة ، ولنضرب مثلا توضيحيا بهذا الشان ، اثنان عراة في حقل او غرفة بيت ، يمارسان الجنس ، يكون المشهد الموصوف من قبل المؤلف بانهما يمارسان الحب ، ضمن منطوق ثقافته ونظرته الحياتية / الحضارية للفعل ، لكن بالمقابل ونتيجة الاختلاف في الؤيا وبسبب تدخل المترجم يسمي الفعل : رذيلة ،هنا انقلب المعنى بالتمام ، ومن هنا تعد الترجمة خيانة للنص . وتابع : ايضا تبدو الخيانة ، بشكلها السافر والمباشر ، حين يعمد المترجم ان ان لا ينقل النص كما هو ، بل يتدخل بصياغته بشكل اخر وبلغة المترجم ، مما يعني تاليف كتاب اخر غير النص الاصلي .

المترجمون أولئك الكتاب النادرون
اما الشاعر عبد الرحمن الماجدي، فأكد ان المترجم المبدع يصدق عليه القول "المترجمون أولئك الكتاب النادرون"، وقال : الترجمة تأويل؛ يفسّر المترجم النص الغريب بلغة تليق به. وكل نص قابل للتأويل. لا نص عصي على الترجمة، بل ثمة مترجم عاجز والعاجز لا يعول عليه.
واضاف : الترجمة الحرفية لا تفسر انما تنقل وحسب،والنقل لا ينمو، يبقى هشّاً مصيره الزوال، الترجمة إعادة كتابة تعتمد النص الاصلي مصدر إلهام المترجم كمبدعٍ لا يحرّف بل يسبح في فضاء الهامه، والترجمة ضيافة الغريب كما يقول جاك دريدا. يقوم المترجم بفعل المضيّف الذي يحسن وفادة ضيفه،الترجمة علاقة حب بين نص الكاتب والمترجم. متى ما خلت الترجمة من الحب غدت نصاً عابراً. كل ترجمة بلا حب مسبق أشبه بزواج مصلحة مصيرها الزوال. وتابع : ترجمة الشعر الاقدر على انجازها مترجمٌ شاعر ، المترجم المبدع يصدق عليه القول "المترجمون أولئك الكتاب النادرون".

ثوابت في الترجمة
من جانبه اكد المترجم ناطق خلوصي، إن أي خروج على هذه الثوابت يشكّل إدانة للمترجم وقال :لا أتفق مع الرأي الذي يذهب إلى القول ، وبتعميم مطلق ، بأن الترجمة خيانة وأن المترجم خائن بالمعنى الشائع للخيانة والخائن . واضاف: ثمة ثوابت في الترجمة تنبغي المحافظة عليها تتمثل في احترام النص الخاضع للترجمة والصدق في التعامل معه والأمانة في نقل الأفكار والآراء الواردة فيه وسلامة نقلها إلى اللغة المترجم إليها وعدم التصرف بها، إن أي خروج على هذه الثوابت يشكّل إدانة للمترجم . وتابع :الترجمة عمل ابداعي ينطوي على امتحان للقائم بها يختبر مدى قدرته على القيام بعمل مثل هذا ، وحجم حسّه الابداعي وثروته اللغوية في اللغتين : المترجم عنها والمترجم إليها ، وحسن اختياره للنصوص وطريقة تعامله معها ، وبالتالي فإن نتيجة هذا الأمتحان هي التي تقرر مدى صحة القول بأنه جدير بالثقة وتحدد مستوى القبول به أو رفضه أو "تخوينه " على حد قولك .

الخيانة كذبة!!
الى ذلك اكد الشاعر صلاح حسن، ان خيانة المترجم كذبة، وقال: لا يوجد مترجم خائن في حقيقة الامر هذه كذبة او دعاية فالمترجم الادبي يحاول جهده ان تكون ترجمته مقبولة من القراء الذين يقدم لهم ترجمة ادبية تليق بالعمل الذي يترجمه بالغتهم الام . واضاف: تكمن ما يسمى بالخيانة حين يلجأ المترجم الى استخدام لغة بعيدة عن جوهر النص الادبي ولا اقول القانوني لانه هنا سيكون محكوما بقانون صارم اما في الشعر او الرواية فأنه يحاول ان يترجم النص الى ثقافة ناس يستطيعون الاقتراب منه من خلال ثقافتهم اليومية او التاريخية .6
وتابع : لا توجد خيانة في الترجمة على الاطلاق الا اذا حاول المترجم ان يحرف المعنى العميق للنص ويحمله اكثر مما يستطيع، الترجمة هي نقل ثقافة معينة الى ثقافة اخرى وليس نقل كلمات من من لغة الى لغة.

الأمانة تجاه النص
من جهته قال المترجم الهادر المعموري: اعتقد ان لصق صفة الخيانة في الترجمة لمن يحيد عن الأمانة تجاه النص، فالأمانة تجاه النص شرط حتمي لنجاح الترجمة والمترجم، وبدونها يكون المترجم كاذب وخائن كونه ينقل غير الحقيقة.
واضاف: ولنا أن نقول إن الكاذب في نقل الحقيقة مساوي للخائن الذي يحيد عن الأمانة المعلقة في عنقه تجاه النص، الأمر الذي يجعل مهمة المترجم صعبة وحساسة وحرجة في بعض الأحيان، مهمة تتطلب أن يكون المترجم قديرا في عمله ليتحمل ثقل الأمانة أو لا يكون.
وتابع : ممكن ان يعالج المترجم بعض النصوص حسب الحاجة والبيئة لكن الحدود ضيقة جدا مع ملاحظة انه حتى التفاصيل اللغوية الإباحية قد يكون الها قيمة معينة، وبالنتيجة فإن التلاعب النص يصبح أشبه بالتلاعب بالقصيدة اللي ينهار الوزن والقافية بمجرد أن نغير حرف واحد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تعليق
يزيد القصيمي -

سيكون نقاشاً بيزنطياً لو أنني اعترضت على ما قاله الروائي حميد الربيعي، ذلك لأنه يتقن اللغة الصينية كأهلها وهذا الأمر طبيعي إذا علمنا أنه ولد ونشأ وترعرع في الصين ونال تعليمه العالي في احدى جامعاتها، ولكن لدي سؤآل: لو انّ أحد سلّط ضوء المصباح على فتى وفتاة وهما متجردين من ملابسهما قرب بركةٍ، فماذا يمكن أن يفعلا؟ يلعبان لعبة المستخبايه؟! أما صلاح حسن فهو لا يتقن أي لغة رغم وجوده في هولندا منذ القرن الثاني للهجرة، زد على ذلك، فإنّ لغته العربية ركيكة وشعره ركيك أيضاً فكيف له أنْ يُعطي رأياً في هذا المضمار.

تعليق
يزيد القصيمي -

سيكون نقاشاً بيزنطياً لو أنني اعترضت على ما قاله الروائي حميد الربيعي، ذلك لأنه يتقن اللغة الصينية كأهلها وهذا الأمر طبيعي إذا علمنا أنه ولد ونشأ وترعرع في الصين ونال تعليمه العالي في احدى جامعاتها، ولكن لدي سؤآل: لو انّ أحد سلّط ضوء المصباح على فتى وفتاة وهما متجردين من ملابسهما قرب بركةٍ، فماذا يمكن أن يفعلا؟ يلعبان لعبة المستخبايه؟! أما صلاح حسن فهو لا يتقن أي لغة رغم وجوده في هولندا منذ القرن الثاني للهجرة، زد على ذلك، فإنّ لغته العربية ركيكة وشعره ركيك أيضاً فكيف له أنْ يُعطي رأياً في هذا المضمار.